مع دخولنا في العشر الأواخر من شهر شعبان على الانتهاء والدخول لشهر الصوم الكريم يحتاج المسلم إلى بعض الاستعدادات التي تجعله ينهل من نفحات الله خلال الشهر الكريم. الداعية الإسلامي الدكتور أحمد كريمة أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر يقول: حتى تكون سبباً في نيل سعادة الدارين واغتنام أجر الشهر الفضيل.
شهر رمضان شهر ميزه الله -عز وجل- بمجموعة من العبادات تجعل المسلمين يتصفون بالأخلاق العالية والحميدة؛ فوجب عليهم الاستعداد لرمضان بالصلاة التي تُعلمهم الالتزام والابتعاد عن الفحشاء، كذلك أُمروا بالاستعداد لرمضان بالصيام الذي يُعتبر من أفضل الطرق للتربية النفسية والشعور بالآخرين من الفقراء، إلى غير ذلك من العبادات التي يستحب للعبد أن يزيد منها.
وسائل الاستعداد لرمضان
- الدعاء بأن يبلغك الله رمضان، الفرح بقدوم هذا الشهر المبارك، التوبة والعزم على ترك الذنوب، وأصلح نيتك وانوِ اغتنام الشهر".
"تعلم أحكام الصيام، القراءة في سير الصالحين، مجاهدة النفس والبعد عن المعاصي، صلة الرحم وإنهاء الخصومات، ورد ثابت من القرآن الكريم، وعاشرها أن تعهد أهلك وأسرتك".
-على المسلم أن يتوب لله عز وجل توبة نصوحاً، وأن يقضي ما عليه من حقوق الناس وأن يصل رحمه ويقضي ما عليه من فرائض لم يؤدها؛ لأن دين الله أحق أن يقضى.
-تحاشي الإسراف في النفقات من طعام وشراب في شهر رمضان، منوهاً بأننا في حاجة إلى تعديل بعض السلوكيات، خاصة تلك المنافية للشهر الكريم مثل الإسراف الشديد رغم أنه شهر الصوم، وكل النصوص الشرعية تدعو إلى الاقتصاد وعدم الإسراف، فديننا دين الوسطية في كل شيء.
"لا ننكر التوسعة على الأهل، ولكن في حدود الضوابط الشرعية وبدون إسراف، فرمضان فرصة حقيقية ودرس عملي لمن أراد أن يقتصد ويدرب نفسه على عدم الإسراف"، وعدم التحجج بالصوم لتعطيل مصالح الناس، مؤكداً أن النموذج النبوي في رمضان كان خير مثال على الحركة والعمل الدؤوب في رمضان.
-إن سلامة الصدر للناس عمل عظيم يهب صاحبه النعيم في الدنيا، والمكانة العُليا في الآخرة، وجدير بالمسلم أن يُحسن الاستعداد لرمضان بتطهير الباطن، وتنقية القلب.
واستشهاداً بما أخرجه ابن ماجه، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله تعالى عنه-، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ»، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ، قَالَ: « هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ».
وواصل أهل الإكثار من الأعمال الصالحة هم أهل البشرى بالخير والرحمة، فقال تعالى: «وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» الآية 25 من سورة البقرة.
- والله سبحانه وتعالى فضّل بعض أوقات الزمان حيث أشار لنا سيدنا رسول الله ﷺ بهذا فقال: "إن لله في أيامكم هذه نفحات فتعرضوا لنفحات الله" والكيّس هو الذي يُقرّب نفسه من ربه وينتهز هذه الأوقات الكريمة ليتقرب إلى الله رب العالمين بالذكر والطاعة والدعاء والتلاوة والقراءة والأدعية والدرس والعلم ونفع الناس {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
*الاستعداد لرمضان 2022 عملياً
- يكون بالتوبة النصوح والإنابة والرجوع إلى الله تعالى؛ فالذنوب تمنع العبد من الأعمال الصالحة والعبادات، ولذلك فلابد من التوبة؛ حتى يتسنى للمسلم القيام بالعبادت، وأدائها على أفضل وجه؛ حيث قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ).
-بالإقبال إلى الله تعالى بالدعاء والابتهال بأن يُعين العباد على العبادات والطاعات في شهر رمضان، فبلوغ شهر رمضان لا يجدي أي شيء إن لم يستغله العبد بالعبادة والطاعة، ويتجنب الوقوع في الكبائر والمعاصي.
- بحفظ الجوارح وصونها عن المعاصي والفواحش التي تُغضب الله تعالى، والابتعاد عن الفتن؛ حيث قال الله -تعالى-: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، وقال ابن السعدي مفسّراً الآية السابقة: "إذا كان هذا الوعيد، لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة، واستحلاء ذلك بالقلب، فكيف بما هو أعظم من ذلك، من إظهاره، ونقله".
- بالصدقة؛ حيث كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثير الجود والعطاء، وخاصة في شهر رمضان، ومن صور الصدقات المشروعة في رمضان إطعام الطعام؛ حيث قال الله تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا*إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا*إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا*فَوَقَاهُمُ اللَّـهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا*وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا).
- بالحرص على تلاوة آيات القرآن الكريم، وتدبرها والخوض في معانيها؛ فشهر رمضان شهر القرآن، لذا فلا بد للعبد أن يحرص على تلاوته.
- بتعلم أحكام الصيام، والتعرف على فضائله.