العمارة الرائعة والسكّان الودودون وأطباق المطبخ المحلّي اللذيذة والتاريخ الذي تكثر قصصه، كلّها عناصر تجعل من الرحلة إلى سمرقند، ثاني أكبر مدينة في أوزبكستان، ممتعة. هناك، تحلو الجولات وتغذّي بالمعلومات عن مكان طمع به غزاة كثيرون، مع الإشارة إلى أن الرحالة العرب كانوا يطلقون على سمرقند اسم "الياقوتة" الراقدة على ضفاف نهر زرافشان.
يفيد موقع اليونسكو أن "مدينة سمرقند التاريخيّة تقع في واحة كبيرة، في وادي نهر زرافشان، بشمال شرقي أوزبكستان، وتعرف تاريخاً يمتدّ إلى 1500 عام قبل الميلاد، حيث نشأت أولى المستوطنات البشريّة فيها، وصولاً إلى القرنين الرابع عشر والخامس عشر اللذين شهدا أوج ازدهارها بوصفها عاصمة "الإمبراطورية التيمورية".
أماكن سياحية في سمرقند
في الجولة في "المدينة القديمة"، تتعدّد المباني العائدة إلى هذه الحقبة (الإمبراطورية التيمورية)، المباني التي تكون مقصد السائحين غالباً. في الآتي، لمحة عنها، وعن محطّات أخرى في سمرقند العريقة...
- ساحة ريجستان: كانت هذه الساحة الخلّابة الواقعة في وسط "المدينة القديمة" مركزيّة للأسرة التيمورية الحاكمة، إذ كانت تُعلن منها الإعلانات الملكيّة وتُنظّم فيها الاحتفالات والإعدامات العلنيّة. تحضن ريجستان مدرسة أولوغ بيك (حفيد تيمورلنك) الأكثر قدمًا في سمرقند ومدرسة شيردار ومدرسة تيلا قاري، مع الإشارة إلى أن الصروح الثلاثة مُمتازة بعماراتها إسلاميّة الطابع، وبأعمال الفسيفساء المعقّدة. في ريجستان أيضاً، ضريح الشيبانيين الذي يشتهر بزخارفه وقببه، بالإضافة مبنى التجارة (كورسو) مسدّس الشكل والمقبّب، حيث كان في السابق سوقاً شهيرة للألبسة التقليدية الأوزبكستانيّة.
- مسجد بيبي خانم: يقع المسجد شرقيّ ساحة ريجستان، ويُلقّب بـ"جوهرة سمرقند". يرتفع مدخله لـ41 متراً، كما يضمّ أربعة منارات ومآذن في أقسامه، من بينها الساحة، مع ملاحظة التزويق بصورة مبالغة في هذا العمل المعماري الأخّاذ. كان تيمورلنك أمر بإعلائه، عندما عاد منتصراً من غزوة في الهند، وحمّله اسم زوجته المدلّلة بيبي خانم، وأشرف بذاته على مراحل البناء التي امتدّت لخمسة أعوام.
- "غور أمير": يعني الاسم "قبر الملك"، ويشير إلى ضريح تيمورلنك المهيب، مع الإشارة إلى أن تيمورلنك أمر بتشييد الضريح ليرقد فيه أحد أحفاده (محمد سلطان)، لكن موت تيمورلنك المفاجئ جعله يدفن في المكان قبل إتمام بنائه.
- مجمّع شاه زنده: هو عبارة عن مقبرة متمركزة في الجزء الشمالي الشرقي من مدينة سمرقند، مع الإشارة إلى أن أقسام المكان ترجع إلى الفترة الممتدةّ بين القرنين الحادي عشر والتاسع عشر، وتضمّ أكثر من عشرين مبنى، وجمع من الأضرحة.
دليل سياحي في سمرقند
سؤال "سيدتي" الدليل السياحي وقار يارالييف عن الوقت المفضّل لزيارة أوزبكستان عموماً، وسمرقند خصوصاً، يجيب عنه قائلاً إن "الفترة الربيعيّة الممتدّة من مارس إلى يونيو، كما الخريفيّة الممتدّة من سبتمبر إلى نوفمبر، مفضلتان للسياحة"، مضيفاً أن "السائحين في أوزبكستان يمتّعون راهناً ناظريهم بأشجار التفّاح والكرز والمشمش الجميلة في كلّ زاوية، وأنوفهم بالأريج المُحبّب في الهواء". ويلفت إلى أنّه "على الرغم من المناخ الدافئ خلال النهار، فإنّ الجوّ بارد في المساء".
ينصح يارالييف السائحين في سمرقند بعدم تفويت المرور بساحة ريجستان المحاطة بالعديد من المباني والمآذن والأضرحة العظيمة، لا سيّما مرصد أولوغ بيك داخل مدرسة أولوغ بيك. فهذا المرصد الهامّ من القرون الوسطى يُقدّم أنموذجاً بارزاً على القوّة العلميّة القديمة لسمرقند. ويضيف أن "مسجد بيبي خانم يطلع الزائرين على أكبر المساجد في آسيا الوسطى". ويشير إلى أن "مسجد حضرة خضر يستحقّ اهتمام السائحين أيضاً، فقد ذكر الصرح الديني للمرّة الأولى خلال الفتح العربي (أوائل القرن الثامن)، بعد أن قد قام أحد قادة قتيبة بن مسلم والي خراسان محمد بن فاسا ببناء المسجد في موقع المعبد الزرادشتي" .
للمهتمّين في التعرّف إلى المزيد عن التاريخ القديم للمنطقة، فإن "متحف مستوطنة أفراسياب" المفتتح في مناسبة 2500 عام على قيام سمرقند مليء بالكنوز" حسب الدليل الذي يوضّح أن "الجزء القديم من سمرقند هو الأكثر زيارةً من السائحين، ولو أن المدينة تضمّ أيضاً مجموعة من الحدائق والمتنزّهات ومراكز الترفيه والتسوّق الحديثة".
ويدعو إلى قضاء نحو ثلاثة أيّام في المدينة، وجوارها، مسلّطاً الضوء على شهرسبز، المدينة البعيدة ثمانين كيلومتراً عن سمرقند، والشهيرة بأنّها مسقط رأس تيمورلنك، وموقع للآثار الهامّة في وسط آسيا وشمالها.