تقع قرطاجنة في منطقة "مورسيا"، على ساحل البحر الأبيض المتوسّط، بجنوب شرقي إسبانيا، وتُلقّب بـ"الجوهرة الخفية" لأنّها غير مدرجة غالباً على مفكّرات زائري إسبانيا، ولو أنّها تزخر بالشواهد التاريخيّة، الرومانيّة بخاصّة، وبالعمارات الجذّابة، وتتمتّع بمناخ هو الأكثر دفئاً في أوروبا حتّى في الشتاء...
أماكن سياحية في قرطاجنة
يرجع تاريخ قرطاجنة القديمة، حيث تتركّز غالبيّة الأماكن السياحيّة إلى عام 223 قبل الميلاد؛ كانت المدينة عاصمة هانيبال (حنبعل، حسب مصادر أخرى)، في شبه الجزيرة الأيبيرية، علماً أنّ هانيبال، القائد العسكري، كان يُعرف بالتكتيكات الحربيّة في المعارك، والتي لمّا تزل معتمدة حتى اليوم.
لا يفوّت زائرو قرطاجنة المرور بالمحطّات الآتية:
- المسرح الروماني المهيب: يُمثّل المسرح الروماني محطّة السائحين الأولى في قرطاجنة الإسبانيّة؛ فهو كان شُيّد بين القرنين الخامس والأوّل قبل الميلاد، بسعة استيعابيّة تصل إلى سبعة آلاف متفرّج، فأهداه البنّاءون لجايوس ولوسيوس قيصر، اللذين كانا من أحفاد الإمبراطور أغسطس قيصر، ومن المرشّحين لخلافته في الإمبراطورية الرومانيّة. الجدير بالذكر أن المسرح المهيب كان اكتُشف في عام 1988 تحت أنقاض الكاتدرائيّة القديمة، التي دُمّرت أثناء القصف خلال الحرب الأهلية الإسبانيّة، وأن نحو ثلثي مواد بناء المسرح كان في الموقع، ما سمح بالترميم. من الحفريات المكتشفة هناك: تمثال أبولو والعتبات المنقوشة واللوحات، بالإضافة إلى السيراميك الإسلامي من العصور الوسطى.
- ميناء قرطاجنة: يعدّ ميناء قرطاجنة من الموانئ البحريّة الأكثر أهمّيةً في إسبانيا، وهو محاط بالتلال، فيما مياهه تغمر المراكب الشراعية واليخوت... هناك، تحلو الجولة السياحيّة بوساطة السفينة السياحيّة، الجولة التي تستغرق نحو 40 دقيقة، وتتوقّف في بعض المحطات، وتُقدّم الشروح المتاحة باللغتين الإنكليزيّة والإسبانيّة عن المنارات والحصون والقلاع والأرصفة البحريّة. أمّا في محيط الميناء، كما في "باسيو دي ألفونسو الثالث عشر" فتتعدّد المقاهي والمطاعم ذات الإطلالات على المتوسّطـ. أضف إلى ذلك، هناك "المتحف البحري"، الذي تتوزّع أقسامه في بناء من القرن الثامن عشر، علماً أن المكان كان قام بدور كلّية البحريّة الإسبانية حتّى الماضي القريب.
- لهواة الآثار البحريّة: في محيط الميناء أيضاً، المركز الوطني لعلم الآثار البحرية (أركوا)؛ تسمح زيارة المكان بالاطلاع على مجموعة من القطع الأثريّة التاريخيّة الرائعة المُستلّة من مواقع تحت الماء، مع الإشارة إلى أن الأعمال البحثيّة سائرة على قدم وساق في المركز، حيث يُعلن عن اكتشافات جديدة في كلّ عام تقريباً.
- عمارات الـ"آر نوفو" في قرطاجنة: من جوار البحر، يسهل الانتقال إلى وسط المدينة، لسماع القصّة الآتية: في أواخر عام 1800، جعلت صناعة التعدين بعض الناس في المدينة أثرياء، لتتمظهر الثروة في المباني الواقعة في شارع "كالي مايور"، والمتبعة تيّار الـ"آر نوفو" في الهندسة، ومنها: "بالاسيو بيدرينو" و"كازينو قرطاجنة" و"كازا سرفانتس" الذي يشغله مصرف راهناً، مع الإبقاء على الواجهة التي تمثّل الحداثة، و"بالاسيو دي أغيري" و"غران هوتيل"، والأخير كان ارتفع بين عامي 1907 و1916، مع الاستمرار في إيواء النزلاء داخل غرفه السبعين وأجنحته الأربعة الفاخرة.
- "متحف الحرب الأهلية": في وسط المدينة، وتحديداً في "كالي جيسبرت"، يبدو مصعد حديث ضخم يقود إلى "متحف الحرب الأهليّة". فقد واجهت قرطاجنة الحصار خلال الحرب الأهليّة الإسبانيّة (1936-1939)، ولم تنجُ من الدمار. هناك يروى الآتي: في عام 1878، كان افتُتح نفق في شارع "جيسبرت" ليربط بين "كونسيب هيل" والنقطة الأكثر ارتفاعاً في المدينة. أصبح هذا "النفق" خلال الحرب ملجأً من قصف طائرات القوّات القوميّة المدعومة من النازيين. تكثر المرويات عمّا فعله الناس آنذاك للنجاة... في عام 2004 تحوّل النفق إلى "متحف الحرب الأهليّة".
مذكرات سائح
كان المصوّر الفوتوغرافي السعودي أيمن الحبيب سافر إلى قرطاجنة صيف العام الفائت، وقضى وقتاً سعيداً في الوجهة التي لفتته بهدوئها، وبمعالمها التاريخيّة العديدة وبرصيفها البحري الجميل، كما بمطاعمها ومقاهيها.
يقول الحبيب لـ"سيدتي" إن "صغر مساحة المدينة (558.1 كيلومتر مربّع) لا يُقارن بحجم مراكز التسوّق الضخمة فيها"، مضيفاً أن "الزيارات إلى المسرح الروماني ووسط المدينة والوجهة البحريّة لا تُفوّت".
عن فنون الطعام الإسباني، يقول إن "أطباق المطبخ المحلّي لذيذة، وعلى رأسها الـ"باييلا"، وحتّى الأكل السريع، كما الـ"آيس كريم" المميّز بنكهاته".