برسالة مفادها إظهار الهوية السعودية إلى العالم عن طريق الأزياء، نجحت أروى العماري، مصمّمة الأزياء ورائدة الأعمال السعودية، في إثبات وجودها في مختلف المحافل الإقليمية والعالمية، مسلّطة الضوء على إبداعات المرأة السعودية، وعلى مثابرتها وقدرتها على التميز أينما حلت. وبعد فوزها مؤخراً بجائزة EMI GALA أتاحت المصمّمة العمّاري لـ «سيدتي» الغوص في عالم إبداعها وتفوّقها ونظرتها حول قطاع الأزياء في السعودية والعالم، فكان لنا معها هذا اللقاء.
خلفية ثقافية وعلمية وفنية
نشأت في كنف عائلة متميزة علمياً ومهنياً، ومحبّة للفنون، ما أّهمية هذه الخلفية في بناء شخصيتك كمبدعة وطامحة دوماً للنجاح؟
أنتمي لعائلة تحب الفنون، لكن لم يأخذها أحد منهم كمهنة؛ والدي هو من قادة القطاع الصحّي في السعودية، وله بصمات كثيرة في هذا المجال، والرسم كان دائماً من أبرز هواياته. ووالدتي طبيبة، وكانت الرابعة على دفعتها على صعيد السعودية، وحصلت على منحة لدراسة الطب في باكستان، وأثناء تواجدها هناك قامت بتصميم مجموعة رائعة من الملابس، وهي تلهمني في عملي. أهلي كانوا يحرصون دوماً على إدراجنا في دورات تدريبية خاصة بالفنون، لإشغالنا بأمر مفيد، ولأنهم كانوا يلاحظون اهتمامنا وموهبتنا بهذا المجال. حتى في سفرنا، كنا نزور المتاحف والمعارض والمسارح، كل هذا برأيي يبني في الإنسان الحسّ الفني منذ الصغر، ويؤثر على الإبداع في المراحل اللاحقة. ورغم أنني بدأت حياتي العملية في مهنة بعيدة عن الفنون، ودراستي في الأزياء جاءت متأخرة، لأنّني درست قبلها في مجالات أخرى، لكن حبي للفنون لازمني دائماً.
تابعي المزيد: أثناء زيارته للرياض ..المصمّم برابال غورونغ Prabal Gurung:هوية المرء تنبع من تراثه وجذوره
جوائز وطموح أكبر
نلت خلال مسيرتك جوائز عدة، منها مؤخراً جائزة EMI GALA التي أقيمت في دبي، ما أهمية هذه الجائزة بالنسبة لك، حدّثينا عن الجوائز التي نلتها حتى اليوم؟
أول جائزة نلتها كانت Grazia Award الإيطالية، وكان جزء منها يتعلق بمشاركتي في Fashion Forward، أحد أسابيع الموضة في دبي، وهو حدث ضخم، يجتمع فيه مصمّمون معروفون ومختصون في مجال الموضة. أما الجائزة الثانية فهي Fashion Star، وهي مسابقة أقيمت على مدار ثلاثة أشهر، تنافس فيها اثنا عشر مصمّماً عربياً، وكانت تجربة غنية جداً، تعرّفت خلالها على العديد من المصمّمين المبدعين، وكانت الموجِّهة في المسابقة المصمّمة ريم عكرا، وهي من أهم المصمّمين العرب الموجودين في نيويورك. وكان لفوزي قيمة كبيرة، كوني مصمّمة سعودية، حيث أنّ هذا المجال كان لا يزال مبتدئاً في السعودية.أما الجائزة الثالثة فهي الجائزة الوطنية الثقافية في السعودية، وهي عبارة عن تكريم للفنانين السعوديين الذين شاركوا في تشكيل الثقافة في السعودية في الفترة الماضية، وهذه الجائزة من أهم الجوائز بالنسبة لي وأكبرها قيمة. الجائزة الرابعة كانت EMI GALA، وهي من أرقى جوائز الأزياء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتتم بحضور خبراء عالميين في المجال. الفوز بها يعني لي الكثير، بالأخص أنني أمثل بلدي السعودية، ما يعكس المشهد الثقافي الحاصل في السعودية الآن.
ما أهمية أن يصبح مصمّم الأزياء أو المتميز في أي مجال معروفاً خارج حدود وطنه؟
هذا مهم جداً، بخاصة أنه يصبح سفيراً لبلده، ففي الفنون بشكل عام، وفي الأزياء بشكل خاص، هذا يعدّ أحد عناصر القوة الناعمة، والتي على الرغم من أنها قوة غير مادية، لكنّها تضاهي بتأثيرها القوة الاقتصادية والعسكرية في تأثيرها على الشعوب الأخرى. فعندما يخرج الشخص المتميز لخارج محيطه، ويقدم ثقافته عن طريق الفنون، ويعكس تراث البلد وطبيعة الحياة فيه، فهذا مهمّ جداً، بالأخص إذا كان يعمل على بناء علامة تجارية.
تابعي المزيد: مصممة الأزياء دانية العلي:عباياتنا وفق مبدأ «الموضة المستدامة والبطيئة»
تصاميمك دوماً تروي قصّة ما، كيف تختارين تلك القصص بحيث تكون متجددة وملهمة؟
نمطي في التصميم يعتمد على الابتكار، وخلق ما هو جديد وغير مألوف، بالإضافة إلى دمج الثقافة بخطوط عصرية لإنتاج قطع غير متكرّرة وغير موجودة في الساحة، كما يهمني أن تكون القطعة أنيقة وفريدة وراقية. وأستلهم التصاميم من قصص وثقافات تجذبني، وأرى أنها تستحق المشاركة، وأقوم بالتعبير عنها بالأزياء، لأنّها لغة يفهمها الجميع. أنا أغذي إبداعي من خلال السفر، ومخالطة الناس، والاستماع لقصصهم، ومراقبة طريقتهم في العيش، بالإضافة إلى الاطلاع على جميع أنواع الفنون.
ما الذي تطمحين لتحقيقه أكثر بعد كل الألقاب والتكريمات والجوائز التي نلتها؟
لا يزال المشوار طويلاً، فبناء علامة تجارية عالمية لا يحدث بين يوم وليلة، بل يحتاج للكثير من التخطيط والعمل، وهو ما أعمل عليه الآن، بالإضافة إلى تأسيسي أنا ومجموعة من الأشخاص لجمعية «أزياءنا» وهي أول جمعية غير ربحية في قطاع الأزياء في السعودية، تحت مظلة وزارة الموارد البشرية والخدمة الاجتماعية، والتي من أهم أهدافها دعم قطاع الأزياء في المملكة، وتمكين العاملين فيه، ليخرجوا للعالم بقوة. تركيزي ليس فقط على علامتي التجارية، بل على القطاع بشكل عام.
تابعي المزيد: المصمّمة بثينة الزدجالي: وطني عمان هو الأكثر إلهاماً بالنسبة لي بجمال تراثه ومناظره الطبيعية الفريدة
رؤية عالمية
حدثينا عن مشروع ARAMDesigns، وما الذي ساعد ليصبح اليوم علامة تجارية ناجحة؟
عندما أسّست ARAM كعلامة تجارية خاصة بي، كان ذلك برؤية عالمية منذ البداية، كالاسم مثلاً، الذي اخترته سهل اللفظ والتذكر، وهو مستوحى من اسمي، حيث هو مشتقّ من الحرفين الأولين من أروى AR والحرفين الأولين من عماري AM. وبناء العلامة كان على الأسس التي تقوم عليها العلامات التجارية العالمية، من هوية وروح خاصتين بها، واستلهام المجموعات من قصص ومواضيع مهمة، وصولاً إلى إنجازها وعرضها بأعلى المعايير. بتقييم أهم الخبراء العالميين في المجال يتوقّع لـ ARAM أن تكون من العلامات الأولى في مجال الأزياء الراقية التي تصدر من السعودية.
كانت لك بصمتك الخاصة في كأس السعودية، حدثينا عن هذا الحدث، وكيف أتاح للمبدعين والمبدعات في المملكة تكريم تراثهم وثقافتهم بأرقى التصاميم؟
كأس السعودية هو أغلى سباق خيول في تاريخ هذه الرياضة على الإطلاق، يحتفل بالرياضة مع الثقافة في آن واحد، وأنا عملت كمستشارة فيه، وخاصة في بداياته في المواسم الأولى. وكان لدينا رؤية حول دمج الأزياء كجزء من الحدث، كما هو الحال في أكبر المحافل الرياضية الخاصة بالخيل، فنجد مثلاً مسابقات خاصة بالأزياء كتصاميم القبعات المميزة، وبتوجيه من ولي العهد محمد بن سلمان، وبقيادة الأمير بندر بن فهد الفيصل رئيس مجلس إدارة نادي الفروسية، بالاحتفاء بتراثنا عن طريق الأزياء كجزء مصاحب للحدث. وهذا ما حصل على مدار السنوات الثلاث الماضية، وتوج هذه السنة بالشراكة الاستراتيجية مع وزارة الثقافة. كذلك شاركت في المعرض المصاحب للحدث SAUDI 100 BRANDS الذي يهدف لتمكين المصمّمين السعوديين، وقد أبهرتنا التصاميم والإبداعات الموجودة في المعرض، والمستوحاة من التراث السعودي، وقد تم نقل هذا الحدث عبر الإعلام ليراه كل العالم ويطلع على ثقافتنا وإبداعنا.
كسفيرة لمجلس الأزياء العربي، ما المهام التي يحملها هذا الموقع؟
المجلس هو مؤسسة غير ربحية، تهدف إلى دعم قطاع الأزياء في المنطقة العربية بأسرها، وكوني سفيرة لمجلس الأزياء يتطلب مني تمثيلاً عربياً في المحافل الدولية لعكس أهمية هذا القطاع الحيوي، والدور المهم الذي تقوم به المرأة في مجتمعاتنا العربية، والتي تعد الأزياء أحد أعمدتها.
تابعي المزيد: المصمّمة جوديث ميلغروم Judith Milgrom: في مجموعة رمضان توازن بين الأناقة والفرح