تكلمنا في الحلقة الماضية عن أركان التوازن النفسية الخمسة وكأن أولها برمجة العقل على ثقافة الحمد والشكر والامتنان، وثانيها الإخلاص في العمل، واليوم نتكلم عن ثالثها وهو:
ثالثاً: التعلم المستمر
وهذا استقيته من عشرات الكتب الحديثة، ومن قبل ذلك هناك أثر إسلامي قديم يقول: "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد"، وقد روى عن الامام أحمد بن حنبل قوله: "مع المحبرة إلى المقبرة"، وفي القرآن الكريم قال تعالى: " وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا".
إن الحياة تتغير والعلوم تتجدد، وهناك علوم ماتت وعلوم توارت وعلوم استجدت، لذلك من أراد النجاح والفلاح فعليه التمسك بخاصية التعلم المستمر، لأن الزمن لا يقف عند حد، ومن كان من قبيلة "نوكيا" فهو يعيش الآن في الأدراج، عكس من كان من قبيلة "آيفون، سامسونج،هواوي" ، ومن يدري عن المستقبل فقد تحال إلى القبائل المتقاعدة في المستقبل.
إن التمسك بفضيلة التعلم المستمر، تفتح الأبواب وتمنح الفرص للناس، لكي يتعايشوا مع مستجدات الحياة، فأنت لا تستطيع أن تستخدم علوم الأمس في مواجهة حياة اليوم، لذلك على الإنسان أن يمنح نفسه كل يوم ساعة كاملة للتعرف على المستجدات في تخصصه أو في مهاراته أو في الهوايات التي يحبها.
إن الزمان يجري وإذ لم نواكبه في الجري، سيذهب ويتركنا، وفي ذلك يقول الشاعر:
يجري الزمان فمن لا يجري مستبقاً أمامه ستسحقه أرجل الزمن
في النهاية أقول:
يا قوم؛ إنني أدمنت التعلم المستمر، وقد تعلمت ذلك من أسلافنا الفقهاء، وقد كان بعضهم وهو على فراش الموت يبحث عن المسائل الفقهية، وأتذكر أن أحد العلماء في ساعة احتضاره، وقبل موته بساعة كان يبحث في احدى المسائل فقال له أحد طلابه: "تبحث وأنت في هذه الساعة؟" فأجابه إجابة ما زالت تستحوذ على عقلي حيث قال: "أموت وأنا أعرف هذه المسألة، خيراً من أن أموت وأنا جاهل بها.