لماذا يبني اليابانيون بيوتهم من الخشب؟

تعتبر المنازل اليابانية الخشبية القديمة إنجازات لا تصدق في البناء والبراعة الفنية. إنها تنضح بالنعمة اللطيفة والبسيطة، فهي تجسد فكرة التعايش بانسجام مع العالم الخارجي،، حيث تندمج الأشجار والأرض والحجر في مساكن طبيعية، مما يخلق موائل تمّكن الناس من تذوق جمال الطبيعة ومفاتنها من الأراضي المحيطة والغابات والأنهار والحيوانات البرية، ولطالما اعتاد الفنان والمصمم الياباني أن يترك العناية الإلهية الطبيعية ببساطة تقود الطريق، فقبل قرون، اكتنف اليابانيون الاعتقاد بأن البشرية تعيش بين الطبيعة ، وسط حضور إلهي.

• إنهم ينفثون العمق في إبداعاتهم

حسب موقع seyseysha-com، كان الأسلاف يتمتعون بقدرة فطرية على سماع همسات الريح، ومقدرة كونية على استشعار أصوات الطبيعة، وحساسية فائقة تجاه الغيب وما يخفيه من تصاريف، وهو ما يتضح فى الشكل الفني لتصاميم مبانيهم والتي جعلوها من الخشب الطبيعي، وكلما بنوا مساكن، كانوا يؤدون كل مهمة بتوقير واحترام وتقدير واهتمام حيث ينفثون العمق في إبداعاتهم.

• لماذا يفضل اليابانيون الخشب في مبانيهم؟

قديما زاد اعتماد العمارة اليابانية التقليدية على الأخشاب كمواد للبناء نظراً لطبيعة البيئة الرطبة في اليابان، خاصة خلال أشهر الصيف الحارة الرطبة. حيث ضمنت الأرضيات المرتفعة والمساحات المفتوحة توفير التهوية المناسبة لمحاربة تراكم العفن السام. كما أن لبناء العوارض والأعمدة الخشبية دور هام عند الإعداد لتصميمات مقاومة للإعصار والزلازل، فبجانب العفن تعد الرياح العاتية والأمطار الغزيرة المصاحبة للأعاصير المتكررة وهي من الكوارث الطبيعية سبب أخر هام لاستخدام الخشب في البناء. فالأمطار الغزيرة المتكررة تستدعي استخدام مزرابا عميقا متدلياً لحماية الجدران، في حين كان الحل الأمثل في مواجهة الرياح العاتية هو استخدام الأسقف الثقيلة حتى لا تطير.
ويخبرنا موقع bindleyhardwareco-com، أن المؤرخين اليابانيين القدماء عمدوا إلى أسلوب ممارسة الشعائر الدينية لدى الشعوب التي تقطن الجزر اليابانية، والذي يعنى أساسا بالنظافة والطهارة، وهي ذات العناصر التي تميز العديد من الممارسات الدينية والثقافية حتى يومنا هذا. فما تزال ”النجاسة“ من ضمن المحرمات بكل الثقافات خاصة اليابانية.
وهناك اعتبار هام بشأن تفضيل الخشب في البناء التقليدي، ألا وهو سهولة الحصول على الخشب في اليابان. الأنواع الشائعة من الخشب بما في ذلك السرو، الصنوبر والكريبتوميريا تكون جاهزة للحصاد والاستخدام فقط بعد ٤٠-٦٠ سنة من نموها. الكريبتوميريا والسرو على وجه الخصوص لديهم القدرة على مقاومة العفن والحشرات، مما يجعلهم مواد البناء المناسبة للاستخدام في المناخ الياباني. كما أن فوائد البناء بالأخشاب تتفوق على مخاطر اندلاع الحريق، وهو تهديد يسمح الوقت فيه بالهروب، ففي كثير من الحالات قد يتم إخماد الحريق قبل أن يتسبب في أضرار جسيمة.
تابعي المزيد: تعرفوا إلى أسباب تسمية أمواج تسونامي بهذا الاسم

• العمر الافتراضي للمنزل الياباني ثلاثون عامًا

وحسب موقع sidmartinbio.org، فعلى الرغم من أن اليابان ينظر لها على نطاق واسع باعتبارها بلداً تقليدياً للغاية، إلا أن اليابانيين يفضلون كل ماهو جديد. فشركات المقاولات الكبرى لا تخف حقيقة أنهم يصممون منازلهم لكي تظل قائمة لما يقرب من ٣٠ عاما، يفترض بعدها أن يتم هدم المنزل والاستعاضة عنه ببناء جديد.
فكرة أن البيت يصبح ”قديماً“ فقط بعد مرور ٣٠ عاما هو أمر مثير للدهشة بالنسبة للمتخصصين في مجال البناء في الغرب، ولكن إعادة البناء هي وسيلة مثالية للقضاء تماما على العفن وغزو الحشرات، لذا فهو أمر بديهي في ظل المناخ الياباني.
كما أن ثقافة إعادة البناء بشكل متكرر هذه لها جذور قديمة أيضا. فحتى القرن الثامن الميلادي، كان موت الإمبراطور يعني ضرورة تغيير القصر، بل وأحياناً تغيير عاصمة الإمبراطورية بأكملها. وبغض النظر عن الدوافع السياسية، فإن مثل هذه الفكرة لن تكون قابلة للتطبيق إلا إذا كانت هياكل البناء معدة مسبقاً لتكون غير دائمة نسبياً.

• المنزل الخشبي وإعادة التدوير

تعتبر عملية نقل المنزل تعني التخلص من كل شيء باستثناء الهيكل الخشبي، وتفكيك الإطار، وإعادة تجميع الأخشاب مع سقف جديد وجدران جديدة. كما يتم أيضاً في هذه المرحلة استبدال أي أجزاء قد أصابها العفن. كانت تلك هي الطريقة المثلى لمعالجة الأضرار الناتجة عن العفن والحشرات مع الحفاظ في نفس الوقت على المنفعة الاقتصادية للأجزاء الأكثر تحملاً في المنزل. حتى أننا نجد اليوم في العديد من المنازل الريفية عوارض وأعمدة قديمة جداً تم إعادة تدويرها، حيث تم إعادة استخدام الأخشاب من بناء سابق.. وهو اتجاه عالمي يتوافق مع دعاوى مراقبي البيئة العالمية.
تابعي المزيد: دراسة تكشف سر العمر الطويل لليابانيين