«قوافي ملونة» و«حكايات خارجة على الصمت» هما الإصداران الجديدان اللذان أطلقهما معهد مسك للفنون، التابع لمؤسسة محمد بن سلمان «مسك»، ضمن سلسلة مكتبة الفن؛ ذلك لتسليط الضوء على أعمال مختارة للفنان السعودي الراحل فهد الحجيلان والفنانة المغربية أمينة أكزناي.
وصاحب هذا الإطلاق افتتاح معرضَيْن متزامنَيْن لأعمال كل من الفنانَيْن في صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون في الرياض، جسّدا اختلاف الأساليب الفنية للمبدعين، وألقيا الضوء على الهوية المتفردة التي يجب أن يتميز بها الفنان. كما أتيحت لزوار المعرضين، المستمرين حتى 15 أغسطس المقبل، فرصةٌ لزيارة المعرض الذي تقيمه مسك أيضاً في الصالة الموازية بعنوان «تعاودني خيالات» للقيّم الفني سامويل ليوينبرغر، والقيّمة الفنية المساعدة في معهد مسك للفنون نورة سعود القصيبي، ويضم مجموعة من الأعمال المختارة لعدد من الفنانين والفنانات السعوديين والعالميين.
الرياض | زكية البلوشي Zakia Albalushi - عبير بو حمدان Abeer Bou Hamdan
تصوير | محمد عثمان Mohamed Othman
توثيق الأعمال
بدايةً، أوضحت بسمة الشثري، مديرة إدارة التقييم الفني في «معهد مسك للفنون»، أن «مكتبة الفن عبارةٌ عن مجموعةٍ من الكتب الفنية، التي توثق أعمال الفنانين السعوديين والعرب من كتَّاب المحتوى، والفنيين، ونقاد الفن»، كاشفةً عن أن محررة الكتب، هي منى الخزندار.
وذكرت أن «المعهد يقوم بطباعة أربعة كتبٍ خلال العام الواحد، توثِّق فيها مسيرة فنانَيْن سعوديَيْن، وآخرَيْن عربيَيْن، باللغتين العربية والإنجليزية». وحول أهداف المبادرة، قالت الشثري: «المبادرة لها أهدافٌ عدة، من أهمها استكمال دور المعهد في إثراء المحتوى الإبداعي والثقافي، وتوثيق الفنون الأسرية». مضيفةً «أن الإصدارَيْن الخامس والسادس للعام الجاري، هما عن الفنان السعودي الراحل فهد الحجيلان، والفنانة المغربية أمينة أكزناي، كما يقام معرضٌ في صالة الأمير فيصل بن فهد، يقدم جزءاً من الأعمال المختارة للفنانين». كاشفةً عن أن «الكتب المختارة متاحة الآن في صالة الأمير فيصل بن فهد حتى 15 أغسطس المقبل»، مشيرةً إلى أن «هناك برامج تعليمية مصاحبة للمشروع والمعرض، متاحة في الموقع الإلكتروني افتراضياً». وفيما يخصُّ «تعاودني خيالاتي»، بيَّنت أن «المعرض يقام في صالة الأمير فيصل بن فهد، ويأتي ضمن المعارض السنوية التي يقدمها المعهد، بالتنسيق مع القيِّم الفني سامويل ليوينبيرجر، وبمساعدة القيِّمة الفنية المساعدة لمعهد مسك للفنون نورة سعود القصيبي، ويشارك فيه 11 فناناً وفنانة من السعودية والعالم، منهم زهرة الغامدي، وسارة أبو عبد الله، ومحمد الفرج، وشيماء شمسي، وسيرجيو روهاس تشافيز، وناصر الزياني، وستيفاني سعادة، ويركز على الفن المعاصر».
وعن أهداف إقامة المعهد هذه المعارض، قالت الشثري: «نهدف من تنظيم هذه المعارض إلى توفير مساحةٍ للفنانين للتعبير عن أنفسهم، وتقديم إبداعاتهم بطرقٍ وأساليب مختلفة، إلى جانب خلق حواراتٍ بين الفنانين الصاعدين والروَّاد وأبناء المجتمع.
تابعي المزيد: 11 فنانا يسطرون إبداعاتهم في معرض "تعاودني خيالات" تحت نطاق مبادرات "مسك"
تفاصيل الإصدارَيْن
تقوم هذه المبادرة على تعاون «مسك» مع منشورات ريزولي الدولية، لإنجاز مجلدَيْن يحملان الرقمين الخامس والسادس من سلسلة الكتب الفنية التي تنشرها مكتبة الفن التابعة لمسك. وهما يسلطان الضوء على الأعمال الفنية للفنان السعودي الراحل فهد الحجيلان، والفنانة المغربية أمينة أكزناي، بهدف تكريمهما، ويتضمن الكتابان أيضاً مجموعةً من المقالات التي كتبها نقادٌ وقيّمون فنيون محليون ودوليون، وتم إصدار الكتابين بنسختين باللغة العربية والإنجليزية بتحرير منى خزندار.
أمينة أكزناي: أقدر هذه المبادرة
تحدثت الفنانة المغربية أمينة أكزناي عن تقديرها لمبادرة «مسك» التي تسمح للمهتمين بالفن في المملكة والعالم بالاطلاع على فنها، وما يحمله من عمق اجتماعي، لا سيما أنها تحرص من خلاله على دعم الحرفيين والحرفيّات في بلادها، وتمكين المبدعين في هذا المجال، وبالأخص السيدات منهم، وعرّفت بالقطع الفنية المعروضة في المعرض المصاحب لإصدار الكتاب قائلة: «القطع الفنية المعروضة في هذا المعرض هي في معظمها من خيوط الصوف المصبوغة بمواد طبيعية، وأنا لا أجد صعوبة في استخدام هذه المواد؛ لأنني أتعاون مع حرفيين وحرفيات ونساجين ونساجات من أنحاء المغرب كافة لصناعة هذا الفن، هم يقومون بمعالجة هذه الخيوط والأقمشة والمواد لأتمكن من استخدامها في ابتكار هذه المصنوعات الفنية».
وعن القضية الاجتماعية التي يعكسها هذا الفن، قالت: «سأتحدث عن النهج التعاوني الذي أشارك فيه؛ لأننا في المغرب لدينا الكثير من أصحاب الحرف اليدوية، وهنا نجد الكثير من المحترفين والمحترفات في صناعة النسيج، وأنا أحب إلقاء الضوء على ذلك والتعاون معهم لتمكينهم وتقويتهم في عملهم، وكذلك تبادل الخبرات معهم على قاعدة أن أتعلم منهم ما يعرفونه، وأعلمهم ما أعرفه، وهذا أهم ما في الأمر «التعلّم والتبادل». وعبّرت الفنانة عن انبهارها بدور «مسك» وفريق عملها، معتبرة أنه «فريق ممتاز ومتقن لعمله، وقد رافقني في كل خطوة خلال هذه التجربة».
أما عن نجاح المعرض وتفاعل الزوار معها فقالت: «سأتحدث بداية عن هذا المكان الرائع، الذي يعطي مساحة جميلة لعرض القطع. كان هناك بعض القطع التي أردت عرضها بشكل عامودي، لكن المساحة لم تسمح، وعملنا مع المنسقين في المكان ليتم عرضها بشكل أفقي كالسجاد ولكن بطريق جيدة، أما الحضور فقد أذهلوني بتفاعلهم وانطباعاتهم الجيدة، ونشأ نوع من الترابط بيني وبين المهتمين بفني، وهذا يعني أنني أتمكن من النجاح وإيصال رسالتي».
تابعي المزيد: "مسك" يقيم معرضا خاصا بالفنانة المغربية أمينة أكزناي يصاحب إطلاق كتاب يوثق أعمالها الفنية
تجسيد الإرث
في حين، أبدى عبد الرحمن الحجيلان، ابن الفنان الراحل فهد الحجيلان، سعادته بعرض أعمال والده، وتقديمها للمهتمين من أبناء المجتمع.
وحول رأيه في الحدث، قال: «فخورٌ جداً اليوم، وأنا أقِف بين أعمال والدي فهد، رحمه الله. شعورٌ لا يضاهيه أي شعور، وما أراه من تجسيدٍ لإرث والدي في هذا المعرض، وكتابهِ «قوافي ملونة»، ما كان ليكتمل بهذه الصورة الرائعة من دون الجهود الحثيثة التي بذلها فريق المعهد، وأقول: شكراً مسك».
نوعية الأعمال الفنية وجودتها تطورت
ميرنا عياد، محررة ثقافية: «أحببت كثيراً معرض أمينة أكزناي، أعرف هذه الفنانة بشكل شخصي، وأعرف أنها سافرت إلى كل أنحاء المغرب للعمل على مبادرات كثيرة خاصة بالنساء، لذلك أقول إنني لا أحب فقط فنها، وإنما النهج الذي تقدمه، كل ما تقدمه هو مصنوع في المغرب بواسطة أشخاص من مناطق عدة هناك».
وأضافت: «كذلك أحببت اللوحات المعروضة للفنان فهد الحجيلان، أجد أنه من الرائع أن يلقى الضوء على أعمال كهذه لمبدعين سعوديين فنتعرف إليهم أكثر». أما عن معرض «تراودني خيالات»، الذي يضم عدداً من الفنانين فقالت: «سررت برؤية التحفة الفنية لزهراء الغامدي للمرة الثانية بعد أن رأيتها عندما عرضت من قبل في Venice Biennale (معرض ثقافي عالمي يقام سنوياً في البندقية) في عام 2019.
تابعي المزيد: "مسك" تطلق مجلدين للفنانين فهد الحجيلان وأمينة أكزناي وتقيم معرضين مصاحبين للإصدار
هذا النوع من المعارض مهمة
حسين إسماعيل، أحد زوار المعرض، علق بالقول: «قمت بجولة سريعة في المعرض، وأعجبتني الأعمال التركيبية المعروضة والتوليفة ما بين الفنانين، وأعتقد أن هذا النوع من المعارض مهم جداً لمساعدة الفنانين في التعرف إلى مصدر أفكار وطرق تقديم مختلفة وخامات متنوعة يمكن استخدامها في ابتكار قطع فنية متميزة».
القطع المعروضة
عُرِضَت في معرض الفنان الراحل فهد الحجيلان أكثر من خمسين لوحةً بمقاسات مختلفة جسدت أسلوبه المبتكر في المزج ما بين البورتريه والنمط المجازي والتجريدي واستخدامه الشعري للألوان، وعبرت عن مقولته «أعمالي ثمرة مجموعة من العلاقات المتشعبة».
أما في معرض الفنانة أمينة أكزناي، فعُرِضت مجموعةٌ من القطع التي صنعت من الخيوط والمواد البسيطة التي تمت معالجتها وقولبتها بشكل متقن، فظهرت على شكل سلاسل أو مجسمات مختلفة، ومن أكثر القطع التي جذبت الزوار سجادة تجمع آلاف القطع المحاكة يدوياً على شكل أصداف بحرية، كذلك قطعة أخرى مصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره ومزيج من الفضة والمعادن الأخرى.
في معرض «تعاودني خيالات»، برزت كل قطعة على حدة لتروي قصة مختلفة، منها قطعة فنية ضخمة للفنانة زهرة الغامدي بعنوان «بعد توهم»، وهي تجمع 19566 قطعةً جلديةً مصنوعةً يدوياً ومعبأة بالقطن، كذلك معروضات لعالم النباتات سيرجيو روهاس تشافيز بعنوان «ها هي النباتات» تميز منها ركن تضمن أكثر من 20 أصيصاً للنباتات طلي بشكل يمثل الطريقة القديمة التي كانت تطلى بها المنازل في المملكة. ومن المعروضات المتميزة أيضاً معروضات إسمنتية للفنانة شيماء شمسي بعنوان «نهايات فضفاضة»، ومجسم مركب من الأغصان للفنان محمد الفرج بعنوان «أحافير المعرفة»، إضافة إلى أعمال لفنانين آخرين.
كما عُرِض بعض الكتب المصورة لفنانين من ألمانيا يهوون جمع الكتب القديمة وإعادة ترميمها، وكان الهدف من عرضها في المعرض إيصال فكرة مفادها أن كل شخص باستطاعته أن يكون مبدعاً بطريقة مختلفة.
تابعي المزيد: فتح باب التقديم للنسخة الثالثة من منحة معهد مسك للفنون