يتساءل الكثيرون عمّن يكون ولماذا أكتب لك، الناس لا يعرفون أن يقبضوا على فضولهم، لكنه يُعجبني، يثير شهيتي لأكتب عنك ولك أكثر، على الرغم من أنك صامت لا أحد يعرف اسمك، من أي بلد، والأهم مدى قربك مني، وظلك يكبر حول روحي، إلا أني أصرُّ أن أكتب لك، لأنني في اليوم الذي سأتوقف فيه عن تلاوة المشاعر لك، سيتحول قلبك إلى نهر تنضب المياه فيه رويداً رويداً.
كيف حالك؟ هل مازلت في حالة التأمل لهذا الكون الواسع؟
لا طرود تصلني منك، وصاحبك أمين على الأسرار، لم يخبرني سوى أن ظلك يكبر حين سألته عنك، إنه جواب لطيف سد شهية الأسئلة بعده..
سألتني صديقة لي عنك وتجرأت قائلة: هل هو حقيقي؟
ضحكت، والآن ضحكتك تتزامن معي وأنت تقرأ هذه الرسالة، ضاحك على خيال أصدقائي وصديقاتي ومدى فضولهم..
إن كنت تسأل عن أحوالي، لا حداثة في أمري، خوف من المستقبل، ركض نحو الله، تعثر، ذنوب صغيرة أخجل أن أواجه الله بها، أبكي في الليل، وأصحو أضحك في وجه الحياة كأن الشمس نشّفت دموعي، وأذكرك في صلاتي المتأخرة، وأتجرأ على الله بأن يُغير قدري..
هل يمكن أن أتغير، أن أتجرد من كل العبوات الفكرية الناسفة التي زرعها المجتمع في عروقي، ومن كل الرصاصات التي فرّغها الآخرون في عقلي، ومن ندبات الطفولة التي نفهمها متأخراً؟
وأن ألجأ لله بشكل حقيقي، بإخلاص متناهٍ، ألا أخاف سواه، وأن أركض فوق المياه ثقة به، أن اتأمل الجراح مثلك وأبتسم أمام النار المشتعلة، ولا يهزني خوف سوى منه..
أتخيل حياتي من دونه، لا يمكن أن أكمل هذا الخيال! تخيل أن أكون في مصيبة ولا أتوجه لأحد؟ ألا أعرف الدعاء والتوسل؟ ألا أذوق طعم الإجابة؟ ويلنا ما أصعب الحياة من دون ذكره، على الرغم من أننا عاصين، لكنه موجود وحاضر!
أريد أن أصارحك بما يجول في خاطري مؤخراً: أريد أن أغير بوصلتي، ألا تحيد عن اتجاه الله، أن أتعمق في معرفته، فأحبه أكثر، وتصبح الدروب الأخرى مهلكاً وفخاً ولا أفكر لحظة في السير نحوها..
الآن أنت تقابل نسخة مجروحة مني، نسخة حقيقية، لا تريد سوى الحقيقة، ولا حقيقة سوى الجنة، هل سيطعمني الله منها؟ هل أستحق؟
أبكي وكأني أسير إلى موت غامض، أودع من حولي، عيوني شرهة، حبي يزداد، أريد الجميع حولي، وأنت..
صحوت على حقيقة أن هذه الدنيا زائلة، وأني تعلقت بها وهو ما كان يجب ألا أغفل عنه، وأننا سائرون له برؤوس فارغة وقلوب ممتلئة بحبه، ولكن الحب وحده لا يكفي، الحب مقرون بالعمل، وأنا لم أعمل كفاية، هل يغفر لي؟
أنت تعرفني أكثر من نفسي، أنا أصبح خاوياً، صوت الحق يدوي في روحي مؤخراً، وأشعر بأني أخسر معركتي، ولا يمكن أن يهزمني الشيطان..!
لا يمكن أن يفنى عمري في اللهو، أريد أن أنتصر على نفسي وأغلبها
بالايمان والحب ننتصر.