يومُ عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو من أفضل الأيام وأقدسها، ومن نفحات الله، سبحانه وتعالى، التي اصطفى بها بعض الأيام؛ فيومُ عرفة أكثر الأيام التي يتجلى الله تعالى فيه؛ ليُعتق بها عباده من النار، لحديث مسلم "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ".
«سيدتي» التقت الشيخ أحمد إبراهيم نعيم، رئيس لجنة الفتوى بوزارة الأوقاف المصرية الأسبق؛ للحديث حول أفضل الأعمال في يوم عرفة.
• يوم من نفحات الله
يقول الشيخ أحمد إبراهيم نعيم لـ«سيدتي»:
لله في أيام دهره نفحات؛ فقد اصطفى بعض الأيام، وجعل لها فضلاً كيوم الجمعة، ويوم النحر، ويوم عرفة؛ فيوم عرفة من الأيام التي ميّزها الله بتوبة الحاج على جبل عرفات، وتوبة عباده في كل أرجاء الأرض، يومٌ يتصاغر فيه الشيطان من استغفار العباد ورحمة الله بهم ولهم، وهو يوم يعلو فيه شأن بني آدم بصيامه؛ سُنة عن النبي محمد، صلى الله عليه وسلم (لغير الحاج بأرض المشاعر)، يقول النبي الأكرم: احتسب على الله أن يكفر ذنوب سنتين، وهو يوم دعاء، يوم يعرف فيه العبد قدر ربه أنه العظيم الغفور الرحيم، يوم نعيش فيه ذكرى وقوف النبي بعرفات، ووصاياه الإنسانية العالمية، التي سبق بها كل المواثيق الدولية والمؤسسات العالمية.. ويوم عرفة يوم أكمل الله فيه الدين، وأتم به النعمة؛ فنزل على الرسول، صلى الله عليه وسلم، قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)
وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة؛ حيث ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهلَ السماء؛ فيقول: انظروا إلى عبادي، جاؤوني شعثاً غُبرا ضاحين، جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي؛ فلم ير يوما أكثر عتقاً من النار من يوم عرفة.
تابعي المزيد: تعرف على أسماء عيد الأضحى في الدول الإسلامية
• أفضل الأعمال في يوم عرفة
يقول الشيخ الكريم: الأعمال الصالحة في يوم عرفة كباقي أيام العشر الأوائل من ذي الحجة.
- يوم عرفة هو يوم التاسع من ذي الحجة، أحد الأشهر الحُرُم، وهو أحد أيام الحج؛ بل هو أهمها؛ لقول الرسول الكريم: الحج عرفة.. وهو من الأيام المعلومات التي يشهد فيها الناس المنافع ويذكرون اسم الله.
- يوم عرفة هو من الأيام العشر التي جعل فيها النبي أعمال الخير أفضل من غيرها، ويوم عرفة من أيام العيد.. قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام).
- يوم عرفة هو الأفضل من باقي أيام السنة؛ فنصوم نهاره ونقوم ليله؛ فنقرأ القرآن ونستغفر فيه الله بالأسحار.. بالنهار نهلل ونكبر ونسبّح ونستغفر، والبعض يذبح قربات لله وترضية للفقراء وتوسعة عليهم، وبالليل نصلي ونكمل الاستغفار ونطلب من الله أن يُعتق رقابنا، ويدخلنا واسع جناته، ويفيض علينا بمزيد من رحماته.
- يوم عرفة يومٌ يتعلق المسلمون في كل أنحاء الأرض بقلوبهم تجاه البيت الحرام، وتنفحهم ذكريات سيدنا إبراهيم، عليه السلام، وولده إسماعيل، عليه السلام، والسيدة هاجر، رضي الله عنها، وصولاً لعهد النبي محمد، صلى الله عليه وسلم؛ فنتعلم قوة الثقة والصلة واليقين بالله في أشد الظروف صعوبة، وأن نكون على يقين من رحمته بنا، ثم نستقبل يوم عرفة كختام لسلسلة الأيام المباركة بمزيد من العمل الصالح من صدقات وصلة أرحام والكلام الطيب والسلوك القويم والخلق الحسن.
- ويوم عرفة هو أفضل أيام التوبة النصوح؛ فالتوبة كرم إلهي ومنحة من الله لعباده، يعلمهم كيفية الرجوع إليه إن بعدوا عنه، وكيفية التخلص من تبعات الذنوب إذا عَصَوْه؛ كي يفروا إليه تائبين منيبين متطهرين؛ فيستقبلوا يوم النحر بعهد جديد وقلب جديد خالٍ من الأحقاد والشحناء والبغضاء والخصومات.
- ويوم عرفة يوم الدعاء والإجابة؛ ففي هذا اليوم العظيم لا بدّ أن يُكثر المسلمون من الدعاء لله بالخير لأنفسهم وللمسلمين في الدنيا والآخرة، وقد قال النبي الأكرم: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير".
• أفضل ما يمكن أن تقوم به المرأة من أعمال، في يوم عرفة
أعمال المرأة المسلمة يوم عرفة كأعمال الرجال في الأحوال التعبدية؛ فعليها الاهتمام بأولادها وزوجها، من تجهيز البيت وإعداد الطعام، ولها أجرها كأجر الرجال، ويتضاعف كأجر زوجها وأولادها؛ لأنها تهيّئ لهم الوقت اللازم للاتصال بخالقهم؛ صياماً وصلاة وتسبيحاً واستغفاراً؛ ففي الحديث الشريف: (حُسن تبعل المرأة لزوجها يعدل ذلك كله)، أو طلبها مرضاته واتباعها موافقته، يعدل ذلك كله؛ أي لها أجر حجه وعمرته وصلاته؛ لأن زوجته هي من أعانه على ذلك؛ حتى الصلاة.
بالنهاية، يقول الشيخ أحمد: إحياء يوم عرفة يكون بإحياء سُنة نبينا الكريم (ص)، من صيام وصدقات ودعاء وعفو ورحمة وتراحم وصلة أرحام.. وكل عام والأمة الإسلامية بخير.
تابعي المزيد: كيف تجعلين من العيد دعوة للمصالحة مع الحياة