قدم الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس خلال إلقائه لدرسه في رحاب بيت الله الحرام الحجاج عدد من الوصايا التي تسهل لهم إتمام شعائرهم ومناسكهم وتساهم في تعظيم هذه الشعيرة.
"السديس" يوجه 10 وصايا للحجاج لتسهيل إتمام شعائرهم ومناسكهم
قال السديس خلال إلقائه لهذه الوصايا (إخوتي حجاج بيت الله الحرام: يامن تَجَشَّمْتُم الصِّعاب، واسْتَسْهلتم الشدائد الصِّلاب، وجئتم من كُلِّ قُطْر سحيق، وسَلَكْتم كُلَّ فجٍّ وطريق، إليكم هذه الوصايا:
الوصية الأولى: توحيد الله - سبحانه، وإفراده بالعبادة، دون سواه، كما قال تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا}[الحج:26]، فأَعْظَمُ مقاصد الحج ومنافعه: تحقيق التوحيد، وتخليصه من التنديد، فالتوحيد أولًا وآخرًا، والعقيدة ابتداءً وانتهاءً، يقول جلَّ في علاه:{ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام:162-163].
الوصية الثانية: تحقيق الإخلاص لله - تعالى - فعليكم ـ يارعاكم الله ـ بالإخلاص، فهو القاعدة والأساس، وليس إلاَّ به الفلاح والنجاح والخلاص، قال تعالى: { قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي }[الزمر:14]: وقال سبحانه: { أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر:3]، وقال: (( إنما الأعمال بالنِّيات )) [خرّجاه في الصحيحين من حديث عمر رضي الله عنه].
الوصيـة الثالثـة: تحقيق المتابعة للحبيب المصطفى، كمـا وصَّى الله - سبحانه وتعالى - بقوله جَلَّ من قائل:{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7]، وفي قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31].
الوصية الرابعة: الاستمساك بالتقوى، فَبِالتَّقْوى كل أمرٍ يَزْكُو ويَقْوى، ويبلِّغكم بإذن الله جنَّة المأوى. وهي: امتثال أوامره واجتناب نواهيه، بفعل كل مأمورٍ به، وترك كل مَنْهِيٍّ عنه، حسب الطاقة.
الوصية الخامسة: استشعار عظمة هذه الفريضة الجليلة، وإنزالها المكان الأرفع من شعائر الإسلام، فهي الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو تمامه وكماله، وختامه لكل مسلم. ومن أدَّاه مُوافقًا لهدي المصطفى خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمُّه.
الوصية السادسة: وجوب تعظيم مكانة البيت العتيق، واستشعار قداسة هذه البقاع، وأنَّها أشرف وأطهر، وآمن بقعة على وجه البسيطة، وأنَّ لها خصائص وفضائل جُلَّى، جاء بها الشرع الحنيف؛ فلا يُسْفَك فيها دم، ولا يُعْضَدُ شجرها، ولا ينفَّر صَيْدها، ولا تُلْتَقَطُ لقطتها إلاَّ لمن ١عرَّفها، فالشجر والإنسان والنَّبات والحيوان في مأمن تامٍّ من الخوف والأذى، فكيف بالمسلم ؟!، قال - جلَّ في عليائه -: { وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا } [آل عمران:97]، فلا يجوز أبدًا أن يُحَوَّل هذا المكان الحرام، إلى ما يُنافي مقاصد الشريعة ومآلاتها، فلا يُرفع في أرجائه شعارٌ إلاَّ شعار التوحيد الخالص لله، ولا يَحِلُّ لمن يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يروِّع الآمنين، أو يُعَكِّر صَفْوَ الخاشعين، أو يصرف هذا الركن العظيم عن غايته وحقيقته، إلى مآرب مشبوهة، تخالف شرعة الإسلام، وهدي خير الأنام.
الوصيَّة السابعة: الاستعداد لهذا الركن بالعلم النافع والفقه في أحكامه، والتبصُّر في أدائه، يقول - سبحانه - في شرف العلماء وقَدْرِهم:{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28]، ويقول عليه السلام: ١(( طلب العلم فريضة على كل مسلم )) [خرّجه الشيخان من حديث معاوية ]، ويقول: (( من يُرِدِ الله به خيرًا يُفَقِّهه في الدِّين )) [خرّجه الشيخان من حديث معاوية رضي الله عنه، انظر: صحيح الترغيب والترهيب برقم67].
الوصية الثامنة: الاستقامة في السلوك، وطهارة الجوارح من الآثام والمعاصي، فإنهما سبب الخسران والمآسي، يقول الباري سبحانه: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجّ }[البقرة:197]، والرّفث: كُلّ ما يُسْتَحْيَى من ذِكْرِه من أمور الجماع ومُقَدِّماته، وأَمَّا الفُسُوق فهو: الوقوع في الذنوب والمعاصي، قليلة كانت أو كثيرة.
الوصية التاسعة: السعي الحثيث لتحقيق بِرِّ الحج؛ والحج المبرور - كما قال أهل العلم - هو: الذي لا يُخالطه شيء من المآثم.
الوصية العاشرة: التحلِّي بالآداب الشرعية الرفيعة السامية، والأخلاق العالية، والتخلِّي عن كُلِّ ما يخالف الخُلُق والأدب مع الله سبحانه، أو مع عباده، يقول: (( إنَّ المؤمن لَيُدْرِك بِحُسْن خُلُقِه درجة الصائم القائم )) [رواه الإمام ابن حبان برقم1927]، ويقول: (( أَكْمَلُ المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلُقًا )) [الإمام أحمد برقم 7402] )، نقلاً عن "عاجل".