ماذا تعني الحضارة..؟

تُعرف الحضارة بأنها مجتمع بشري معقد له سمات معينة تُحدد أشكال تطوره على كافة المستويات الثقافية والاجتماعية والتكنولوجية وغيرها، والحضارة أسلوب معيشي يعتاد عليه الفرد من تفاصيل صغيرة إلى تفاصيل أكبر يعيشها في مجتمعه، سيدتي التقت الدكتور علي ناجي الأهلي، أستاذ بقسم الحضارة واللغات الأوربية بكلية الآداب، ليتحدث عن معنى الحضارة.. في السياق التالي.

• تعريف الحضارة:

يقول د. علي ناجي لسيدتي: الحضارة هي النتاج الفكري والثقافي والمادي المتراكم لأمةٍ من الأمم والتي تمحنها خاصيةً مميزة عن الأمم الأخرى، فهي تميز الناس عن بعضهم البعض، وتساهم في تزويد الإنسان بالعديد من احتياجاتهِ الأساسية وتَلبية رغباته، والحضارة بمفهوم شامل تعني كل ما يميز أمة عن أمة من حيث العادات والتقاليد وأسلوب المعيشة والملابس والتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية ومقدرة الإنسان في كل حضارة على الإبداع في الفنون والآداب والعلوم.

• شروط قيام الحضارة

- الاستقرار:

لا بدّ من توفّر الاستقرار لدى الأمة أو المجتمع لانه هو الأساس في التطور وهو العامل الأساسي في الازدهار، وما يعنيه الاستقرار هو الثبات وعدم التنقّل ما بين المناطق الجغرافية، ومن أكثر الأمور التي ساعدت الشعوب في الاستقرار هي الزراعة؛ إذ جعل الإنسان كل تركيزه في الابداع واستحداث الآلات التي تُساعده في العمليات الزراعية.

- التعاون:

السلوك التعاوني، والذي يعد من بين أهم ما يجب تواجده فيما بين أبناء المجتمع الواحد، فالاستقرار للإنسان في مكان واحد، يؤدي إلى الاستثمار في الأرض ويجعله بحاجة للاحتكاك بمن هم مثله من الأشخاص المتواجدين معه، ممّا يتطلّب وجود جهود جماعية للتعاون؛ إذ إنّ كافة الحضارات أثبتت وجودها بسبب التعاون الواضح بين أفرادها.

- الكتابة:

الكتابة من بين الاختراعات الهامة التي توصل لها الانسان، والتي تهدف إلى تمكينه من الحفظ لكل ما توصل له من معرفه، وإبداع، وما توصل له من أفكار، وقد اُختُرعت الكتابة من أجل تفعيل التواصل بين الأفراد المتعاونين معاً؛ إذ احتاج الأفراد للكتابة من أجل سهولة التواصل ونقل الأفعال والأقوال للأجيال القادمة ليتوارثوها، ومن أجل الحفاظ على المكتسبات التي حصل عليها المجتمع، على أن الكتابة والتدوين تعد من بين العوامل الأكثر أهمية لإثبات نشأة الحضارات.

• أهمية الحضارة

تساعد الحضارات على فهم العالم والتاريخ بشكل أفضل وأوضح؛ فهي مرتبطة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية، التي يمكن من خلالها إدراك القواسم والاختلافات بين الأفراد في جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والثقافية والبيئية، مما يساعد على فهم ملامح العالم الحديث والعوامل التي أسهمت في تشكيله وضعت الحضارات أسس القوانين والشرائع التي ما زال يُعمل بالعديد منها حتى الآن، ويعتبر الالتزام بالقوانين أحد مظاهر التحضر، وقد اهتمت الحضارات بالقوانين لأهميتها في حماية الأفراد ومصالحهم، وهذا ينعكس على استقرار الحضارة وازدهارها.
يؤكد د. على ناجي الأهلي أن الحضارات حققت إنجازاتٍ عديدة في مجال الطب والرعاية الصحية، ويتم الاستفادة منها في تطوير الطب والأدوية، إضافة إلى الاستفادة من الأخطاء الطبية التي كانت تجري من أجل تجنبها أو تصحيحها بطرقٍ جديدة، وقد وَظفت الحضارات العمارة والفنون للتعبير عن أهميتها التاريخية والثقافية وتوثيقها.
وتُعتبر الإنجازات الفنية والمعمارية رمزاً للحضارة الحية وتعبيراً عن هويتها التي تميزها عن بقية الحضارات والشعوب، إضافةً إلى ذلك، خلفت الإنجازات الفنية والمعمارية للحضارات في العصر الحديث مواقع أثرية يقصدها السياح والباحثون من جميع أنحاء العالم، مما يساهم في دعم اقتصادات الدول التي تحتوي المواقع الأثرية.
تابعي المزيد: أقدم الحضارات في العالم، تحكي قصة الإنسان الحديث

• طرق انتشار الحضارة

انتشرت الحضارات وتوسعت حدودها من خلال عدة طرق:

- التجارة:

ساهمت التجارة في النمو الاقتصادي للحضارات، وكانت وسيلة للتفاعل بين الأفراد وتحفيز الاتصال بين الثقافات، كما لعب التجار دوراً ملحوظاً في النقل الحضاري وتتطلب هذه الحاله بضرورة وجود زخم تجاري بين الجانبين الأمر الذي ساعد على انتقال المؤثرات الحضاريه بواسطة هؤلاء التجار الذين لعبوا دور الوسيط بين الحضارات.

- الحروب:

كان من أهداف الصراعات والمعارك قديماً توسيع حدود الحضارات والإمبراطوريات وتحقيق المكاسب الاقتصادية.

- الاستكشاف:

ساعد الاستكشاف على زيادة المعرفة بمناطق أخرى وبناء علاقات اجتماعية وثقافية وتجارية مع سكانها لتوسيع آفاق التجارة والاقتصاد، مما يعود بالفائدة على الحضارة، كما ساهم الاستكشاف في تحسين طرق الملاحة ورسم الخرائط، وتنوع الكثيرمن المواد والسلع المتبادلة.

- الزراعة:

تضمن الزراعة الأمن الغذائي للحضارة، وتزيد من قوتها الاقتصادية والبشرية لتوسيع حدودها وحمايتها، وقد كانت المناطق التي تتوفر بها مقومات الزراعة ينجذب إليها السكان، وتقوم بتشجيعهم في الاستقرار على أراضيها من أجل الغذاء، مما ساهم في نشأة المدن وتطورها وتوسعها.

- المناخ:

يعتبر المناخ أحد العوامل التي تؤثر في انتشار الحضارة، فقد كانت الحضارات تتمركز وتتوسع في المناطق ذات المناخ المستقر، والظروف المناسبة للاستقرار وممارسة أشكال الحياة والزراعة وغيرها.
بالنهاية يؤكد د. علي: أن الحضارات تبني وترتقي بمبادئها، وقيمها التي هي أساس النهضة والتقدم والإنجاز.
تابعي المزيد: الفرق بين الحضارة والثقافة