حاولت سعاد أن تنهي لصق العيون العسلية سريعاً وحياكة صوف آخر قطعة قبل أن تجمع ما أنهته من خراف، بيضاء وصفراء وبيج وبنية وأخرى معرقة بخطوط حمراء من منطقة الرقبة كأنها مذبوحة، في شوال كبير "كيس من خيش"؛ لتبدأ رحلتها اليومية حيث تذهب لأحد الأرصفة في ميدان رئيسي أو بجوار محل جزار شهير أو حتى بجوار "شادر" خراف حية – من تلك التي تعدها الحكومة للذبح- لتفرش خرافها الديكورية في الشارع بعد أن تبني لهم نصبة أو سوراً خشبياً ملوناً جمعت أخشابه ودهنتها ليشبه سور شادر الخراف الحقيقية..
عشرات الخراف والتي تصنعها سعاد بنفسها في حنكة ومهارة لافتة، تنصبها بمختلف الأحجام والأشكال والألوان، ما بين جلوس ووقوف لتلتف حول جزار لعبة، مع بداية الصباح حتى المغرب كل يوم؛ لتبيع خرافها الرائعة للصغار والكبار، وكل من يريد أن يزين بها منزله فى أيام عيد الأضحى المبارك، أو يهديها لصغاره كذكرى جميلة للأضحية.
• خراف الزينة تغزو السوق المصري
بدأت صرعة خراف الزينة تغزو السوق المصري منذ ما يقرب عشر سنوات وكانت في بدايتها خراف صناعة صيني، يقول سمير نجيب، تاجر لعب أطفال جملة، لسيدتي: "لم تترك الصين مناسبة في العالم العربي إلا وحاولت استغلالها تجارياً، فهي تدرس متطلبات السوق المستهدف ثم تخرج بابتكار ينتشر بشكل سريع، وقد ظهرت الخراف اللعبة عقب انتشار مسلسل الكرتون الشهير Shaun the sheep " لافتًا أن الخروف بدأ كشكل ديكوري فقط ثم تحول للعبة "تمأمأ". على أن المصريين قاموا بتقليد الخروف الصيني فاقد الهوية وأسبغوا عليه طابعاً مميزاً؛ ليتفوق على الصيني شكلاً وحجماً ومضموناً..
تابعي المزيد: إضافة للحم المطهي.. خروف العيد كب كيك وآيس كريم
• حرفة موسمية
"تبدأ صناعة الخروف بالتصميم ثم الحياكة والتفصيل ليتم تجسيمه 3D، مع إضافة الإكسسوارات والكماليات لإضفاء مظهر محبب للصغار، وبدلًا من خروف واحد يمكن عمل عائلة خراف ثلاثة أو أربعة؛ لتكون بعدد أفراد الأسرة.. "تقول سعاد صانعة الخراف لسيدتي – 29 عاماً- وهي خريجة معهد حاسب آلي وتعمل سكرتيرة بمكتب، وتأخذ أجازة فترة عيد الأضحى لتبيع خرافها التي تصنعها بنفسها بمساعدة أخواتها الصغار بالمنزل.
• كيف يُصنع الخروف؟
تستخدم الفتاة العشرينية خامات مثل القطيفة لجسم الخروف والفايبر للحشو أو الإسفنج المفروم، ومن الممكن استخدام القطن أو أجزاء من فراء قديم، وقد تضيف شريطاً أحمر أو تلون جزءاً باللون الأحمر وكأنه خروف مذبوح؛ لتتم حياكة الخروف يدوياً وبطريقة اللفقة حتى لا تظهر الغرزة ويكون الشكل النهائي متقناً.
تقول سعاد.. "من الابتكارات أن يكون رأس الخروف متحركاً حيث يمكن للطفل ذبح الخروف بسكين بلاستيك ثم تعود الرأس لمكانها من خلال سوستة، أو شريط لاصق كما أن أسطوانة الصوت التي يتم إرفاقها يمكن أن تغير شكل سرعة المأمأة (صوت الخروف ماء ماء). قبل الذبح وبعد الذبح، يمكن كذلك إضافة عروسة للجزار بملابسه المميزة الملطخة باللون الأحمر ناتج عملية الذبح".
تقول سعاد: "هناك الخروف الذي يأكل حيث نصنع صندوقاً صغيراً من الورق المقوى ونضع به شرائط خضراء تشبه الحشائش، وهناك الخروف الذي يمأمأ فقط، وهناك خراف "شون ذا شيب" Shaun the sheepوهي مستوردة وأغلى ثمناً ولها زبونها.."
• متاح لكل طبقات الشعب
لم تستطع سعاد أن تسوق خرافها بالمحال الكبيرة والمولات المعروفة فلجأت "لمول الشعب المفتوح"، حيث تختار رصيفاً في منطقة راقية وتفرش خرافها.
تجد سعاد أنه تحت وطأة ارتفاع أسعار اللحوم تحول الكثيرون لشراء خروف الزينة والاكتفاء بكيلو أو اثنين من لحم الضأن لكي يسعد الأطفال؛ حيث يكاد لا يخلو شارع من الشوارع الرئيسية من "نصبة" خراف وأبقار معدة الذبح تجاورها "نصبة" خراف للزينة.
• خراف الزينة بديل لخروف الأضحية
تؤكد سعاد لسيدتي: أن بعض الأسر قد تكتفي بالمشاركة بصك الأضحية كشعيرة إسلامية، (وهو مشروع الأضاحي لمن يصعب عليهم إقامة السنة بأنفسهم)، وتجنباً لما يتبع عملية الذبح من تنظيف وتوزيع وتعب لربة الأسرة.. فتشتري هذه الأسر لأطفالها الخروف اللعبة. أسر أخرى تشتري الخروف كديكور مميز لأيام العيد حيث العزومات واللقاءات الأسرية.
وعن أسعار الخراف تقول: الخروف الحجم الصغير من 70 لـ150 جنيهاً مصرياً، والحجم الكبير يصل لـ250 جنيهاً لافتة أن أسعار هذا العام زادت للضعف نتيجة لموجة الغلاء التي اجتاحت الأسواق المصرية مؤخراً.
تعيد سعاد تنسيق خرافها على رصيف بمنتصف شارع فيكتور عمانويل "بمنطقة سموحة الراقية" في انتظار زبون جديد أو طفل يتعلق بأحد خرافها التي ترصهم مجموعات كالقطيع الحقيقي..
تابعي المزيد: جرافيتي الحج.. فن فطري يوثق شعائر الحج على بيوت البسطاء
