الفتّة أيقونة عيد الأضحى المبارك، وأحد الأكلات الفلكلورية والشعبية بامتياز، تتوارثتها الشعوب بمرور الزمن وتعاقب الأجيال، وتتميز كل بلد بطريقه مختلفه لتحضير الفته، فلكل بلد نسختها الممزوجة بالتراث والعادات والتقاليد المحلية والتوابل الرائجة ، والممهورة بتوقيع الجدات اللواتي يبدعن في الوصفات بمختلف المكونات والنكهات ليأتي الأبناء والأحفاد ويضع كل جيل بصمته في الوصفة لتتسق مع عصره وتواكب تطوره بأدواته الفنية وتكنولوجياته العصرية، ومؤخرا ظهرت صرعة تورتة الفتة، فهل تحولت الفتة كأكلة مالحة تؤكل كوجبة رئيسية على مائدة الغذاء لتورتة أو حلوى؟
• الفتّة قصة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ
عن تاريخ الفتة يقول الباحث في التاريخ الحضاري صابر عبد الكريم (وهو موظف بوزارة الآثار) لسيدتي: لا يعلم الكثيرون أن الفتة طبق مصري أصيل ضارب بجذوره في تلافيف الزمن وصحائف التاريخ ، فالمصريون القدماء هم أول من قاموا بعمل طبق الفتة وسمي بهذا الاسم لأنه كان يطهى من "فتات" الخبز مضافاً إليه الأرز وقطع اللحم، وكانت تقام الولائم فى قصور ملوك مصر القديمه وتحتل الفتة وسط الموائد حيث كانت تعُد طعامًا ملكيًا رفيع المستوى، حيث تحكي نقوش معبد سوبيك المصري وصفة أول فتة عرفها التاريخ، وكانت تحتوي على الخبز واللحم والخل والثوم. والخل كان شراب الملوك الصحي، فهو قديم جدا في مصر الفرعونية ، وتم العثور على آثار له في إناء من مصر ما قبل الفرعونية، عمره حوالي عشرة آلاف عام .
يُعد الخبز طعام المصريين من أيام مصر الفرعونية، واسمه العيش باللهجة المصرية، وأنواعه: بتاو و سميط و يوكل وخمريت وملتوت وجرجوش و كسرة وكاوايكاوي، ونظرًا لانه كان من المحرم تركه ليتعفن أو إلقاؤه بالقمامة فلجأ المصريون لتحميصه لكي يُحفظ فترة أطول ولا يتعرض للعفن، كما أن الأجزاء الصغيرة منه أو الفتافيت تحولت لطعام لذيذ وهو الفتة..
• الفتة أيقونة عيد الأضحى مكونات واحدة وأسماء مختلفة
يقول عبد الكريم، انتقلت الفتة بعد ذلك لشعوب البحر المتوسط وللرومان واليونان ووصلت شبه الجزيرة العربية، وممّا جاء في ذلك ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أَنَّه كان يحب تناول الثَّريد أو الفتة وهو (طعام من خبزٍ مفتوت ولَحْم ومَرَق)، وظل العرب يتناقلون وصفة الفتة حتى عهد الدولة الفاطمية، وفي هذه المرحلة تنافس الطهاة فى صناعة ما لذ وطاب من الأطعمة فظهرت الصلصات والنكهات بالطماطم وغيرها لتمثل إضافة مميزة لطبق الفتة الشهير، وتغير اسم "الفتة" من مكان لآخر فـ "الفتة" في مصر أو الثريد، هي "الشخشوخة" في المغرب والجزائر، في حين تسمى "المثرودة والفتات" في ليبيا، ويطلق عليها في بلدان الخليج العربي اسم "التشريب" و" الثريد" في المملكة العربية السعودية، وتشتهر في بعض المناطق باسم "المنسف" كالأردن و فلسطين وسوريا وفي اليونان وبعض من دول البحر المتوسط يضاف إليها الباذنجان المقلي.
ظلت الفتة التي يتناولها قدماء المصريين يتم إعدادها من خبز ومرق أو خبز ولبن وبانتقالها للعرب اضيفت لها توابل كالهيل ومختلف البهارات و تطورت حتى وصلت إلى شكلها الحالي.. الخبز المحمص وعليه الأرز واللحم المسلوق والصلصة ومؤخرًا تحولت الفتة لتورتة..
تابعي المزيد: جرافيتي الحج.. فن فطري يوثق شعائر الحج على بيوت البسطاء
• الفتة تتحول لتورتة
وعن تورتة الفتة تقول الشيف دينا جمال، (صاحبة موقع فنون مطبخية) لسيدتي: الفتة أحد أيقونات عيد الأضحى الشهيرة والتورتة لا يعنى تحولها لصنف حلو ولكنها اتخذت شكل التورتة كناحية تجميلية بحتة، على أن الفتة لم تتوقف عند حدود اللحم الضأن أو صنوف اللحم المختلفة فقط فأصبحت فتة بلحم الدجاج أو الديك الرومي.
وعن كلمة تورتة تقول الشيف دينا : كلمة تورتة "Torta" كلمة إيطالية تعنى الكعك المحلى الدائري، واتخذت التورتة الشكل المستدير بسبب طريقة الطهي وقد ظهرت التورتة أو الكعكة بشكلها الحالى بداية فى عصر النهضة في أسبانيا، وكانت تصنع فى حفلات ذكرى ميلاد الملوك و الأمراء حيث كانت ترمز إلى طبيعة دورة الحياة التى تمثل المواسم الأربعة التى تنتهى دورتها لتبدأ من جديد، إلا أن الفتة اتخذت شكل التورتة مؤخراً.
ولتحضير تورتة الفتة تقول الشيف دينا جمال لسيدتي:
• مقادير تورتة الفتة:
- كيلو صدور دجاج مقطعه لشرائح رفيعه، يمكن استبدال الدجاج باللحم المقطع لشرائح رفيعة
- 3 كوب أرز أبيض مستوي
- نصف رأس ثوم كبيره مفروم
- 5 حبات طماطم مقشره ومفرومه في الكبّه
- كزبره ناشفه
- ملح وفلفل
- حبهان
- خل
- بقدونس مقطع لقطع صغيرة
- علبة حمص
- 2 معلقة زيت
- رقاق طري يتم تقطيعه مكعبات، أو خبز شامي رفيع مقطع مكعبات، على أن يتم تحميصه في الفرن أو الإير فراير .
• طريقه تورتة الفتة:
1- يتم تسوية الدجاج بمعزل تام عن باقي المكونات ، وبعد ربع ساعة نضيف رشة ملح وفلفل وكزبره
2- في وقت تسوية الدجاج يتم تجهيز الصلصه ، حيث يضاف الزيت في إناء عميق وعليه الثوم المفروم، ليتحول لونه لذهبي فاتح، ثم نضيف الكزبره والملح والفلفل والخل
3- نضيف الطماطم ونقلب كل المكونات ونتركها دقائق على النار ثم نضيف الدجاج حتى اكتمال التسوية.
4- يتم إضافة البقدونس والحمص عليهم ويتم التقليب لكل المكونات.
5- يقطع الرقاق أو الخبزالشامي مكعبات ويتم تحميصه بالفرن أو الإير فراير، يمكن كذلك تحميصه في زيت زيتون أو قليه في زيت غزير حسب الرغبه
6- نجهز صينية التشيز كيك (التي تفتح من الجنب)، ويتم عمل طبقات :
( الأرز - ثم الرقاق – ثم الخبز – ثم الدجاج.. ) حتى تنتهي الكمية
7- من الممكن أن تكون الطبقة الأخيرة دجاج أو أرز حسب الرغبة ولكن الأرز يتيح فرصة التزيين بطريقة أفضل، ويمكن تقديمها مع التومية
بالنهاية تؤكد الشيف دينا لسيدتي: ولأننا في عيد الأضحى المبارك يمكننا بنفس الطريقه السابقة استبدال الدجاج بشرائح اللحم، حيث يتم تقطيع اللحم لشرائح رفيعة "تقطيعة الشاورما"، على أن اللحم سيأخذ وقتًا أطول فى التسوية فمن الممكن أن يحتاج ساعة كاملة لتمام التسوية، ثم نستكمل نفس الخطوات السابقة بنفس الطريقة.
تابعي المزيد: عوالم بديلة مبدعة في طبق الفتة لا يختلف فيها الفقراء والأغنياء
.