عن الحنين، يكتب الشاعر الفلسطيني محمود درويش، في ديوان "في حضرة الغياب": "للحنين أعراض جانبيّة من بينها :إدمان الخيال النظر إلى الوراء والحرج من رفع الكلفة مع الممكن والإفراط في تحويل الحاضر إلى ماضٍ"... يقف الحنين خلف استعادة المصمّمين راهناً لبعض أنماط الديكور القديمة، لأن الزمن الراهن لا يحمل ما يشفي الغليل ربّما أو لأن بعض الأنماط القديمة كانت تقدمية حقّاً إلى الحدّ الذي عمّرت فيه ولمّا تزل مناسبة لمتطلّبات المساحات الداخليّة اليوم.
في الآتي، تسلّط "سيدتي" الضوء على "النيوكلاسيكية" وطراز منتصف القرن في الديكور المعاصر.
____
في البحث عن النمط "النيوكلاسيكي" أو "الكلاسيكي الحديث" المرغوب في الشقق العربيّة والفلل الفخمة، يتبيّن أن جذور الطراز ترجع إلى منتصف القرن الثامن عشر، حينما تحوّل الفنانون والفلاسفة إلى التفكير العقلاني والاعتدال. لذا، يقطع النمط المذكور الصلة بمدارس "الباروك" و"الروكوكو"، ويشدّد على عوامل البساطة والتناسق والتناغم والتماثل.
تشترك التصميمات الداخليّة "النيو كلاسيكية" الأصلية والمحدّثة في الخطوط الأفقية والعمودية محل المنحنيات المتعرجة في فترة "الروكوكو"، وفي الأثاث المنحوت بشكل فنّي وفي الإفادة من خيوط الشمس عبر تكبير النوافذ وتوظيف المرايا. في زمن مضى، كانت الأعمدة اليونانية والسقوف العالية حاضرة في أساسيّات الفلل التي تتبع الطراز المذكور، لكن شيئاً فشيئاً أمسى الأمر صعب التطبيق في الشقق الحديثة. في كل من فرنسا وإنجلترا، كان الأثاث المصمّم خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر متأثّراً باليونان وروما القديمة، لكن مع مطلع القرن التاسع عشر بدأت التصميمات في تضمين الخصائص المصرية أيضاً والناتجة عن حملات نابليون في مصر عام 1798.
"النيو كلاسيكية" في المنزل المعاصر
عن الأسلوب "النيو كلاسيكي" المطبّق أخيراً في الديكور الداخلي، تقول مهندسة الديكور الداخلي عبير داوود لـ"سيدتي" أن "الطراز مرغوب، وهو يتمثّل في إضافة اللمسات الكلاسيكية الفخمة إلى البساطة العصريّة أي هو يجرّد الكلاسيكية من الثقل البصري والتفاصيل المزدحمة والزخارف ويكسر القيود في أعمال الديكور، التي أمست تتصف الأساسيّة منها(الأسقف والجدران والأرضيّات) بالتبسيط والخطوط الواضحة والألوان الهادئة. ينسحب الأمر على الأثاث". في النتيجة، تبدو التصميمات الكلاسيكية الحديثة انسيابية الخطوط وعصريّة الألوان، من دون المقايضة على لمحات من الفخامة في بعض التفاصيل، حسب المصمّمة.
الألوان المحايدة مرغوبة في النمط "النيو كلاسيكي" راهناً، مع التطعيم ببعض الألوان العصريّة. للاستدلال على الطراز "النيو كلاسيكي"، كثيرة هي الإشارات، منها: "البانوهات" الجداريّة المصنوعة من الجبس، والمصمّمة بصورة بسيطة (من دون نقوش)، والألوان الترابية (البيج) على الأرضيات الخالية من أي رسوم والموزعة قطع السجاد عليها...
طراز منتصف القرن
يرجع نمط منتصف القرن في التصميم إلى الولايات المتحدة، وتحديداً إلى الحقبة الممتدة بين أواخر عشرينيّات القرن الماضي وسبعينيّاته، ويحمل بصمات مصمّمين أوروبيين معروفين هاجروا إلى الولايات المتحدة في إثر الحرب العالميّة الثانية.
كان طراز منتصف القرن يتميّز بأشكال بسيطة وبمواد، مثل: البلاستيك المقولب جنباً إلى جنب المواد الطبيعيّة؛ فقد تزامنت نهاية الحرب العالمية الثانية مع ابتكار طرق جديدة لاستخدام الخشب، فاستغل المصمّمون والمصنّعون ذلك لغرض تحديث الأثاث وجعله وظيفيّاً ومريحاً وممتعاً بألوانه التفاؤلية (لون البط البري والرمادي والأزرق الداكن، مع التطعيم بالخردلي والبرتقالي المحترق والأخضر الزيتوني). أضف إلى ذلك، في الأعوام المذكورة أعلاه، كثرت الوظائف المكتبيّة في الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي أثّر في هيئة الأثاث الذي أمسى مريحًا للغاية وقابلًا للتعديل.
راهناً، في المنزل متعدد الأغراض المستخدم في النوم والجلوس والأكل والترفيه والعمل، يبقى كلّ من الخطوط "النظيفة" الخاصّة بأسلوب منتصف القرن والأشكال البسيطة سائداً، مع إضافة مسحة من الفخامة.
حسب المصمّمة عبير، لا مكان للتزويق في النمط المذكور المحدّث، إذ تتقدّم الوظيفة على الجوانب الجماليّة، مع استخدام الخشب وقشرة الخشب ومواد مثل: البلاستيك والأكريليك". أضف إلى ذلك، لا قيود لناحية الألوان في الطراز المحدّث. لكن، تبقى القاعدة الآتية هي الأسلم: اختيار القطع الكبيرة الأساسية بألوان محايدة، مع إضافة الألوان إلى التفاصيل، مثل: الكراسي الجانبيّة باللون البرتقال، أو الأخضر الزيتي.