مصمم صناعيٌّ ومكانيٌّ، ولأعماله بصماتٌ في خيالاتٍ ثلاثيّة الأبعاد، هو المصمّم حمزة العمري، الذي يقصد بالتصميم الصناعي «فن أو عملية تصميم المنتجات المصنعة»... لكنه يجزم أن هناك بين الفن والتصميم فرقاً شاسعاً يختلف الكثير من المحترفين عليه، ومع ذلك، يتوقف الفن عن كونه فناً بمجرد أن يخدم وظيفةً أو غرضاً.. في حين يظلّ التصميم جميلاً وهادفاً على الرغم من أنه مصحوب بملصق التصميم.. والتصميم الصناعي يندرج تحت الحجة نفسها؛ حيث يتحمل المصممون الصناعيون مسؤولية إيجاد الجمال في الوظيفة، وليس فقط صنع شيء جميل من أجل أن يكون جميلاً... فهو جانب يخص الاثنين.. في الحوار الآتي يتحدث العمري حول ذلك.
إذاً، يمكننا اعتبارك مصمّماً لكماليات منزلية؟
لا، فمن خلال تجربتي على مدار السنوات العشر الماضية، صممت عناصر ثلاثية الأبعاد، بدءاً من الأكشاك والأجنحة، إلى التركيبات الفنية العامة والمنتجات الاستهلاكية. ومع ذلك، في دبي، العمل الذي جذب أكبر قدر من الاهتمام هو عملي في الكماليات المنزلية.
المواردُ الأيديولوجيّة
تتصف تصميماتك بطابع ثقافي معيّن؟ من أين تستوحي هذه الغرائبية؟
على الرغم من أن منطقة الشرق الأوسط تشهد ركوداً ثقافياً، سيؤدي إلى رسم الحدود وزيادة تباطئنا. لكن المنطقة العربية، في مجملها، لديها وفرة من الموارد الأيديولوجية والتاريخية والمادية المتاحة محلياً وغير مستغلة. أحاول النظر في المبادئ التقليدية للتصميم الإقليمي، والهندسة المعمارية، والفن والتخطيط الحضري الموجودة في ثقافتنا عبر العصور، أو التي يشار إليها باسم «العصر الذهبي».
بعض منتجاتك توحي بالمستقبل، كيف ترى هذا المستقبل في التصميم، إلى أين يأخذنا؟
من الصعب لأي شخص التنبؤ بالمستقبل. ومع ذلك، أرى المزيد والمزيد من شركات المنتجات الرقمية تنطلق وتنجح في الشرق الأوسط، لكن لا يزال أمام هذا القطاع طريقٌ طويلٌ قبل أن ينضج، وأعتقد أن المصممين الإقليميين يتمتعون بحضور وتأثير قويَيْن.
هل تراعي مبادئ البيئة المستدامة، كيف ذلك؟
كان الأثاث في الماضي، ينتقل بين أفراد العائلة، أما الآن فقد أصبح شراء واستبدال منتجات البيوت وارداً عند ظهور أول علامة جديدة، لكن حرصاً منا على الإنتاج الضخم بسرعة وبتكلفة منخفضة بت أستخدم المواد الصناعية المتوافرة، أجد نفسي أتحمل مسؤولية ما أصممه وأنتجه، فشراء السلع والتخلص منها بسرعة ظاهرة في السلوك الاجتماعي لا مكان لها في مستقبلنا.
روبوتُ الزّمن والوتيرة
عُرِضت أعمالك في دبي والشارقة والأردن وفانكوفر ولندن، ألم يصادفك زبون يردد لم أفهم ماذا تريد؟
بوصفي مصمماً أحتاج إلى ارتداء العديد من القبعات، فأنا من جهة أترجم للعميل لفهم ما يريده، ومن جهة ثانية ألهمه بالاختيار بتصور ما يتخيله، وقد يكون الأمر محبطاً للغاية عندما يقع سوء فهم أو ارتباك بيني وبينه، ومع ذلك، تعلمت من خلال خبرتي أن أفضل طريقة لفهم العميل، هي بناء الثقة.
مثّلت الإمارات في لندن لعام 2018، وعملت على تركيب روبوت، يومها تصدّرت الإمارات عناوين الصحف العالمية، هلاّ حدثتنا عن هذا المشروع؟
كان مشروع London be من أكثر المشاريع الممتعة التي كنت جزءاً منها، مع فريق كبير لشركة التصميم Tinkah، من الإماراتيين والمصممين العالميين.. صممنا تركيباً رملياً تم تحريكه آلياً، ليمثل الزمن والوتيرة السريعة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
«النّمو»
أنت مبتكرٌ خلاّقٌ، هل تعتقد أن جميع إكسسواراتك عملية في الاستخدام؟
هذا سؤال مهم للغاية، وأعتقد أن المصممين الصناعيين يتحملون مسؤولية تصميم المنتجات التي تجعل حياة الناس أسهل وأكثر راحة. ولطالما كنت فخوراً بالعمل الذي أقوم به؛ لأنني أهدف باستمرار إلى أن أكون في صميم ما أصممه.
شراء السلع والتخلص منها بسرعة ظاهرة في السلوك الاجتماعي لا مكان لها في مستقبلنا
هل يمكنك تصميم فكرة من كلمة أو عبارة؟
نعم، في عام 2017، حصلت على «جائزة Emergent Designer» من علامة المجوهرات الفاخرة «Van Cleef & Arpels»؛ حيث ركز التصميم على كلمة واحدة فقط، وهي «النمو».. صممت قطعة أثاث تنمو مع نمو الطفل. يبدأ المنتج حياته على شكل هزاز للأطفال، ثم يصبح لعبة، ويصبح في النهاية كرسياً يمكن للطفل بعد ذلك نقله إلى الجيل التالي، ثم تكرار تناقله... وهكذا.
ما التصميم الذي استوحيته من إحدى أسفارك؟
اعتدت حضور أسبوع التصميم في ميلانو بشكل متكرر؛ حيث العالم إلى مكان واحد، فهو يعرض أحدث التصميمات والاتجاهات. كان لذلك تأثير كبير في تصميماتي، وعندما أسافر في جميع أنحاء أوروبا، أجد متعة في زيارة متاحف الفن المعاصر أو متاحف التصميم. لا يمكنني تحديد عمل معيّن تأثر برحلة واحدة. ومع ذلك، فقد تم بناء لغة التصميم العامة الخاصة بي من خلال التعليم المستمر، واستكشاف المزيد من جميع أنحاء العالم.
تعرّفي إلى المزيد: المهندسة إيفا شوميلاس Eva Szumilas: العودة إلى روح الفنون الزخرفية هو شعاري
ابتكارٌ مستوحى من الطّبيعة
ما الكتب التي أثّرت في أعمالك؟
كتاب يسمى «تقليد الطبيعة: ابتكار مستوحى من الطبيعة». يُعلّم المصممين أن يستلهموا ويتعلموا من الطبيعة الأم، من خلال النظر في كيفية حلها للمشاكل المعقدة من خلال تصميم فريد وجميل!
ما الذي يميز خيال المرأة عن خيال الرجل في التصميمَيْن الصناعي والمكاني؟
يجب أن يكون المصمم الجيد قادراً على وضع نفسه في مكان الشخص الذي يصمم من أجله، وهذا يعني أن عليّ أن أترك تفضيلاتي الشخصية جانباً، وأن أصمم ما هو الأفضل، فإذا كنت أصمم منتجاً للأطفال، يجب أن أكون قادراً على تخيّل المنتج من منظور الطفل، وحراً طليقاً لإدخال اللغة التي تروق لذوقي الشخصي.
ومع ذلك، عند النظر إلى التصميم الجيد، نادراً ما أكون قادراً على معرفة ما إذا كان المنتج قد صممه رجل أو امرأة؛ حيث يتفاعل التصميم الجيد مع محيطه، مع زمانه ومكانه، والغرض منه؛ حيث لا يُعرف من صممه.
بشكل عام، لاحظت أن التصميم في المنطقة الخليجية يركز بشكل أكبر على الإناث. وهو ليس كذلك في جميع أنحاء العالم، وأنا فضولي جداً لفهم السبب.
ما التصميم الذي تحلم به؟
أنا شخصياً مهووس بالعمل مع رمال الصحراء. إنها مادة غير مستغلة بالكامل ومثيرة للفضول. توفر عناصر اللعب والثقافة والطبيعة، وتصميم منتج استهلاكي مستوحى من الرمال، هو تحدٍّ كبير، ما زلت أحلم بتصميم منتجات باستخدام رمال الصحراء، ولكني لا أعرف ما الذي سيحدث بعد ذلك.
تعرّفي إلى المزيد: المصمّم أحمد البيك: الألوان الحيوية أساسية في تصاميمي