المصمم رضوان حكيم:الخوارزمية ستتدخل أكثر في أعمالنا المستقبلية

شابٌ امتلكَ ذوقاً أنيقاً وذكاءً إبداعياً في تحديد معالم المكان بطريقة تنسيق مبدعة، من خلال اهتمامه بكل التفاصيل الكبيرة والصغيرة... كان فضوله في طفولته يدفعه إلى الاختباء في غرفة والده الذي يعمل في المجال نفسه، وعندما لاحظ الأب شغف ابنه، بات يشرح له أهمية الديكور وما يعنيه للمكان، وجد في هذا المجال عالماً يخطو فيه خطواته الأولى.. هو مصمم الديكور الداخلي السوري رضوان حكيم، الذي دخل في مجال المشاريع والبناء والتصميم الداخلي في الإمارات منذ 15 سنة تقريباً، عمل في السنوات الخمس الأولى منها مديراً لإحدى الشركات التي تمثل علامات تجارية عالمية، حتى افتتح شركته Aura interior decoration.

__

كيف تحاكي حداثة التصميم الداخلي؟ ومن أي ثقافة تستوحي تصاميمك؟

لا بد أن يترافق التصميم الداخلي مع التطور في الهندسة المعمارية، حتى أتمكن من وضع بصمتي من خلال فن توزيع الأثاث في المكان وتجميله، وأنا عادة ما أحاكيه من خلال ترجمة أسلوب السهل الممتنع، بداية من الرسومات المعمارية، وصولاً إلى اللمسات النهائية. والتصميمُ الداخليُ عالمٌ ساحرٌ كامرأةٍ فاتنةٍ، تجمع ملامحها بين الثقافات الغربية والشرقية، وتترك للمصمم حرية اختيار ألوان ثوبها وإكسسواراتها، وطريقة ظهورها.

فنجان قهوة

ما التحدي الذي تواجهه في تصميماتك؟

أنا أستمتع بخوض غمار التحدي في هذا العالم، والتحدي الأكبر هو فهم تقلبات نفسيات العملاء، الذين يختلفون تبعاً للثقافة التي أتوا منها، فلكل ذوقه، خصوصاً هنا في دبي، وهذا عوّدني أن أكون اجتماعياً ومحباً لمقابلة أكبر عدد، وتنوع ممكن من الناس، وهو ما يسمح لي بترك بصمتي، والتعلم منهم في الوقت نفسه، لكنني أحياناً أتفاجأ بتعنت العميل بطريقة تثير العصبية، وعادة ما أستأذنه لأشرب فنجان قهوة في مقهى البناية، وأكلف بعض العاملين لعرض آخر الكاتالوجات عليه، ثم أعود بأعصاب أكثر هدوءاً.

ما فلسفتك في التصميم؟

أن أجعل المنتج مفيداً قبل كل شيء. فأنا أركز على الوظيفة والشكل، ثم أتعاطف مع المستخدم، فأنا أؤمن أن النجاح هو اختصار لرد فعل قوي، كما أنني أنشئ تصميماتي متكاملة تتدفق بسهولة إلى التضاريس المحيطة بها، وتنسجم معها، وكأنها تذوب في الأرض، وأنا مهووس بالتفكيك، وتدمير كل التقاليد، وإعادة بناء الأشياء حسب رؤيتي الخاصة، بعد إقناع الزيون بها، واحترام ميزانيته.

تعرّفي إلى المزيد: الفنانة مريم تركي: في داخلي طفل فضولي.. مرح ومجنون

محلات النحاسين

هل تستخدم في خياراتك مواد ثمينة؟ ولماذا؟ وكيف يتم استيرادها؟

تختلف نوعية المواد كما يعلم الجميع من حيث الشكل والجودة والأسعار، ونحن نستخدم جميع المواد بما يتناسب مع المشروع، والستايل المتبع، وميزانية المشروع بطبيعة الحال. واستيراد المواد من دول مختلفة يتطلب عملية بحث طويلة استمرت لسنين لبناء قاعدة بيانات من المصانع والشركات العالمية.
وفي كل مرة يتم فيها تصميم مشروع تتم مراسلة المصانع لتصنيع وتجهيز المواد حسب التصاميم والمواصفات، وتتم متابعة شحنها وتوريدها إلى حين وصولها إلى الموقع والبدء بعملية التركيب.

كيف تبدع في التصاميم الشرقية؟ ما الحس الفني الذي يجذبك إليها؟

تعوّدت كلما زرت دمشق أن أتنقل في محلات النحاسين، أبحث عن أشياء تصلح لإعادة الاستخدام، كالأبواب القديمة، والمشربيات، والصواني، والأباريق الزجاجية؛ حيث يمكنني توظيفها بشكل يختلف عن استخدامها الأصلي. في المنزل الذي أصممه قد لا أحتاج إلى أكثر من قطعة واحــدة لأبدأ رحلتي إلى عالم الشرق، وأضع بعض ملامحه في ركن شرقي؛ حيث أختار الألــوان الداكنة مثل: الأحمـر والأخضر فــي التنجيد والستائر والدهانات، وأستخدم الإكسســوارات والأقمشة ذات الزخارف العربية التي تحوي أحجاراً كريمة بألوانها المذهّبة.

الطراز الشرقي ليس محصوراً في العربي، وعلى كل امرأة الانفتاح على الطراز الشرقي التركي والإيراني والهندي

الكمالُ مبالغٌ فيه

هل لك بصمات في التصميم المستدام، هل صممت فيلا على هذا الأساس؟

في الوقت الحالي نسعى دائماً إلى طرح خيارات بديلة من المواد المستدامة، بما يتماشى مع عصرنا ومقتضياته ورؤية الدول المتقدمة التي تطمح دائماً إلى رفع مستوى سعادة الإنسان، ولا أذيع سراً عندما أقول إن دولة الإمارات العربية المتحدة تأتي في مقدمة هذه الدول.. عملنا من دبي يعطينا دافعاً أكبر وإلهاماً لننتهج هذا النهج في تقديم مواد وحلول مستدامة وصديقة للبيئة، وحلول ذكية ترفع من سوية المشاريع، وبالتالي من سعادة الانسان.

مَن مِن المصممين العالميين يأخذك إلى عوالمه؟

المصممة الأميركية فيكتوريا هاجان، هي أول من أطلق مصطلح «مصمم ديكور»؛ إذ تمتلك تقديراً خاصّاً للتكامل الذكي بين التصميم الداخلي والتصميم المعماري. إنها تتميز بالاستخدام المكرر للصورة الظلّية القوية والألوان والمواد المتطورة، وتستوحي أعمالها من الضوء، وأجمل عباراتها هي أنّ الكمالَ مبالغٌ فيه!

عالم القصص

ما المعارض التي شاركتَ فيها، وما عثراتها؟

المشكلة البارزة في مشاركاتنا بالمعارض العالمية، سواء كانت في إيطاليا أو نيويورك، هي فتح الحوار للتواصل مع الزوار والعملاء في المعرض، وعادة ما أروج بتفصيل عن مكان المعرض ومساحته ومنتجاته على إنستغرام وتويتر.

هدفي أن أجعل المنتج مفيداً قبل كل شيء. فأنا أركز على الوظيفة والشكل، ثم أتعاطف مع المستخدم

كيف ترى مستقبل التصميم؟

هو شيء يخلق عالماً للقصص كما اقترح الباحثان جوزيف وبول ليندلي؛ حيث نصل إلى ما يعرف بخيال التصميم، وفيه يتم استخدام التطبيقات الرقمية، والقصص القصيرة، والمصورة، ومقاطع الفيديو الخيالية، والأفلام الوثائقية الخيالية، والكتالوجات وقصاصات من الأوراق الأكاديمية والملخصات... تصاميم المستقبل ستكون انتقاداً للمستقبل المحتمل، من خلال خلق تأملات، وغالباً ما تكون استفزازية، سيناريوهات تُروى من خلال المشغولات اليدوية، وستكون هناك مساحة أكبر للمصمم الصناعي، الذي يعتني بتطوير تصميمه منذ البدء به حتى إنهائه وعرضه، كما أن الخوارزمية ستتدخل أكثر في تصميماتنا وأعمالنا التجارية؛ حيث تتحكم في مستوى هبوط الشركات وصعودها.

ماذا تنصح المرأة التي تميل إلى تصميم منزل شرقي، حتى لا تقع في مطب العشوائية؟

• أولاً: اعملي دراسة بسيطة بالتعاون مع المصمم، لتجدي ما يناسب ذوقك من عمق التاريخ، وليس الناس أو التريند؛ لأنهما يتغيران.
• ثانياً: اختاري الزخارف الشرقية لرسمها على الصواني، وبعض قطع الأثاث.
• ثالثاً: استخدمي الخطوط العربية على أغطية الإنارة واللوحات فقط.
• رابعاً: اختاري الإكسسوارات النحاسية، والأقمشة المعتقة، الــتــي يمكن تعليقها على الــجــدران أو فرشها بطريقة عشوائية على الجلسات أو الطاولات.
• خامساً: ضعي بعض الأعشاب العطرية، التي تكون على شكل أكـيـاس جاهــزة تحتوي على أوراق الزهور المجففة وخليط التوابل. كما يمكن استخدام الفوانيس مع الزيوت العطرية والشموع بعد تنسيقها في زوايا الغرفة أو على الطاولات.
• سادساً: اختاري إكسسوارات الحلي الفضية التي يمكن وضعها في لوحات وتعلق على الحائط أو تنثر على الطاولات.
• سابعاً: لا تستخدمي الإنارة البيضاء، سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة، ويفضل أن تكون باللون الأصفر لتنشر سحرها في زوايــا البيت الشرقي.
•  ربما كانت النصيحة الأخيرة التي أرغب في تفهمها هي أن الطراز الشرقي ليس محصوراً في العربي، وعلى كل امرأة الانفتاح على الطراز الشرقي التركي والإيراني والهندي.

تعرّفي إلى المزيد: المصمم حمزة العُمري: بنيت لغتي الخاصة من خلال التعلّم المستمر