تعد الغيرة شعور إنساني طبيعي، ولكن الغيرة من الأصدقاء تعد أمراً حساساً، فلا يفضل أي شخص الاعتراف بأنه شعر بالغيرة ذات مرة من صديق مقرب له، فيمكن أن تكون مثل هذه الغيرة دافعاً للإنسان، طالما أنه ليس هناك تطرف في المشاعر. فإن بعض مشاعر غيرة البسيطة بين الأصدقاء يمكن أن تساعد على أن يفكر المرء فيما يرغبه وكيفية الحصول عليه. تقول الدكتورة أميرة حبارير الخبيرة النفسية لسيدتي: "من المهم التعامل مع هذه المشاعر بشكل منفتح في محيط الصداقات، وأنه من الأفضل أن يتعاطى المرء أولاً مع شعوره بالغيرة مع نفسه، ثم يتحدث عن ذلك مع صديق آخر".
*أسباب الغيرة بين الأصدقاء
-المقارنة بين الأقران:
تُعد المقارنة من أسباب الغيرة بين الأصدقاء في فترة المراهقة، وهي تتعلق بما يمتلكه الأقران من الملابس والألعاب والهواتف النقالة ومن العلامات التجارية، وما يمارسونه من أنشطة، والامتيازات التي يحصلون عليها من الوالدين مثل السماح لهم بالذهاب إلى المتاجر بمفردهم، والمستوى المعيشي للعائلة، والغيرة طبيعية في هذه المرحلة؛ لأن المراهق يحاول اكتشاف هويته.
-تدني تقدير الذات:
يبدو أن الغيرة بين الإناث أكبر مما هي عليه بين الذكور، وتبدأ في سن يتراوح ما بين 11 - 12 عاماً؛ بسبب تدني تقدير الذات لديهن نتيجة كثرة الانتقاد، والشعور بالضغط للتأقلم مع الواقع، وتنتهي في سن 14 عاماً، وتمتاز الإناث بقدرتهن على التعبير عن غيرتهن بكل صراحة. بينما تكون ردة فعل الذكور عند الشعور بالغيرة هي إخفاؤها عبر إظهار القوة، وإخفاء العاطفة، فلا يعبر عن مشاعر الغيرة بطريقة واضحة، وتبدأ مشاعر الغيرة لدى الذكور في سن يتراوح ما بين 12 - 14 عاماً، وتنتهي في سن 16 عاماً.
-الإهمال الاجتماعي:
يؤدي الإهمال الاجتماعي للأشخاص، وخاصة في عمر صغير إلى الشعور بالغيرة من أصدقائهم الذين لا يواجهون مثل تلك المشكلة، مثل؛ عدم الحصول على دعوة في المناسبات الاجتماعية، فكل هذا يؤدي إلى تأجج الغيرة، فمن الطبيعي أن يحب الفرد أن يكون متقبّلاً اجتماعياً.
* أساليب التخلص من هذه المشاعر
-اجعل من الغيرة شيئاً إيجابياً
من أفضل الآليات التي يمكن اتباعها للتعامل مع الغيرة من الآخرين أن نستفيد من هذه الغيرة ونحولها لمشاعر إيجابية، فبدلاً من القول "لماذا الله أعطاهم ولم يعطني؟" أو "لماذا يحصلون على كل شيء دون تعب؟" يمكن أن نحول مشاعر الغيرة هذه إلى محفزات لنا تساعدنا في تحقيق أهدافنا.
لنفكر كيف سنكون أشخاصاً أفضل مما نحن عليه؟، كيف يمكن أن ننجح ونتجاوز أزماتنا؟، ولنضع خططاً مكتوبة للأشياء التي ستساعدنا على التميز، فبدلاً من الغيرة ليكن الإنجاز هو هدفنا.
لا تحسد المثقف بل اقرأ كتاباً، لا تحسد الثري بل خطط للثروة واجتهد في عملك، لا تحسد السعداء فالسعادة قرار.
-فكر بما لديك وتمنَّ الأفضل بامتنان
عندما تتحول الغيرة إلى كابوس فلا بد أن نبحث عن الأمور الإيجابية في حياتنا، قد نكون بحاجة للتوقف قليلاً عن النظر خارجنا لننظر إلى أنفسنا بعين الامتنان، لنبحث عن الأشياء التي تميزنا، فلكلٍّ منَّا ما يميزه عن الآخرين، لكن بعضنا يدرك نقاط القوة في شخصيته ويجيد استغلالها، فيما يتجاهل البعض ما لديه من مميزات ويتجه بكل طاقته نحو سلبياته مقارناً إياها بإيجابيات الآخرين.
لكي نكون أفضل لا بد أن نفكر بتطوير أنفسنا من خلال تعزيز كل الإيجابيات في شخصيتنا وتنمية مهاراتنا ومواهبنا للسيطرة أكثر على نقاط الضعف في شخصيتنا.
-لتتخلص من الغيرة لا تقارن نفسك بالآخرين
بما أن المقارنة هي أهم مسببات الغيرة فلا بد أن نراقب أنفسنا جيداً عندما نضع أصدقاءنا في مقارنة قد تكون غير عادلة، ولا بد أن نعترف أنَّه ليس من السهل على الإنسان أن يفصل نفسه عن الآخرين، فالمقارنة غالباً ما تقع بصورة لا إرادية، لكن عقلنة هذه المقارنة أو تقنينها لابد أن يكون جهداً إرادياً لنكون عادلين مع أنفسنا.
-ابتعد عن الأشخاص الذين يبالغون بوصف حياتهم الجميلة!
هناك قاعدة ذهبية تقول: "ليس كل ما يقال حقيقة مطلقة"، فلا بد أن ندرك أن هناك بعض الأشخاص الذين يبالغون بوصف الأحداث والأمور حتَّى تبدو استثنائية جداً وتولد لدينا الشعور بالغيرة، من الأفضل أن نبتعد عن هؤلاء الأشخاص ونتجنب الاحتكاك بهم.
من جهة أخرى قد يكون صديقنا صادقاً فيما يصف ويقول لكن هدفه من وصف التفاصيل الجميلة في حياته هو إثارة الغيرة لدينا، وهذا ليس صديقاً حقيقياً يمكن الاعتماد عليه.
أمَّا إذا كان صديقنا صادقاً ويصف الجوانب المشرقة من حياته بطيب نية لكن فروقاً طبقية واجتماعية بيننا تؤجج مشاعر الغيرة لدينا ولم نتمكن من السيطرة على هذه المشاعر لا بد أن نحاول إذاً الابتعاد عن مصدر الإثارة على الأقل ريثما نكتشف الآليات المناسبة للسيطرة على غيرتنا.
-لا تصدِّق وسائل التَّواصل الاجتماعي
أخيراً وليس آخراً يجب علينا أن نكون حذرين في التَّعامل مع ما تعرضه علينا وسائل التَّواصل الاجتماعي، فالصور التذكارية للأشخاص المبتسمين لا تعني بالضرورة أنَّهم سعداء، حتَّى حالة "يشعر بالسعادة" ليست حقيقة مطلقة.
فمن الطبيعي أن يشارك الأصدقاء اللحظات الجميلة مع الآخرين، ومن الطبيعي أن يقوموا بنشر ما يعتقدون أنَّه مميز، أمَّا الأمور المخجلة والمؤلمة في حياتهم لن تظهر إلى صفحات مواقع التَّواصل الاجتماعي، فما تراه إن كان حقيقياً فهو نصف الحقيقة.