بمنطقة “عقبة حشير” بين الجبال المرتفعة وعلى مسار الطريق الرئيسي في إحدى ولايات ظفار في سلطنة عمان، تتوقف العديد من السيارات في منطقة تسمى “نقطة انعدام الجاذبية” لاختبار تجربة فريدةٍ من نوعها تثير فضول الزوّار.
ووفقاً للمعلومات السياحية الخاصة بالسفارة العمانية بمصر (fm.gov.om )تقع “النقطة” على الطريق الواصل بين مدينتي “مرباط وصلالة”، وهي عبارة عن امتداد طريق يتحدى الجاذبية، في ظاهرة طبيعية نادرة، ضمن منطقة “عقبة حشير” في ولاية مرباط.
الظاهرة الغريبة تجذب الزوار إلى المكان، حيث تصعد السيارات لأعلى التلال، ويتدفق الماء للأعلى بدلاً من الجريان نحو أسفل المنحدر كما هو الحال عادة.
وتعتبر ولاية مرباط من أبرز المناطق السياحية في السلطنة؛ إذ يتوافد إليها الزوار ممن يريدون تجربة ظاهرة “انعدام الجاذبية” التي تُعد بقعة ممتعة للزيارات الفردية والعائلية على حدٍ سواء.
منطقة جذب للسياح
تأتي المنطقة على رأس المواقع التي تروّج لها وزارة التراث والسياحة في سلطنة عمان، وتسعى إلى ذلك من خلال إقامة البنية التحتية اللازمة، إلى جانب المناطق الترفيهية الكثيرة، لتوفير تجربةٍ متكاملة ترضي الزائرين.
وتماشياً مع الإقبال الكثيف لمشاهدة الظاهرة، أولت السلطات في المحافظة اهتماماً كبيراً بالمكان؛ إذ رصّت الحكومة طريقاً يمتد لمسافة 14 كيلو متراً لتسهيل الوصول إليه، بينما تنحصر الظاهرة في جزء من المنطقة تسمى عقبة حشير على طريق “طوي عتير”، وتمتد لـ200 متر تقريباً.
تبدأ السيارة وهي في وضعية التوقف، بالتحرك صعوداً نحو التل بسرعة تصل إلى 35 كم/ساعة، والمثير في الأمر أنه كلما كانت السيارة أكبر وأثقل، زادت سرعة تحركها.
ولمشاهدة الظاهرة، يأتي المواطنون والسائحون بسياراتهم التي يحرّرون مكابحها ويضعونها في وضع الحياد، لتتحرك المركبة تدريجياً فيما يبدو للناظر من أسفل إلى أعلى.
ويحرص الزوار على توثيق تلك اللحظات الغريبة عبر هواتفهم وكاميراتهم في جوّ من التشويق والمتعة والحذر .
ظاهرة انعدام الجاذبية أو التلة المغناطيسية، موجودة في كثير من دول العالم، أشهرها في الأردن والسعودية والسويد والبرتغال وبولندا وألمانيا ورومانيا والولايات المتحدة والصين.
وقد حاول الكثيرون الوقوف على حقيقة الظاهرة لمعرفة ماهيّتها وتحليلها علمياً، إذ تنوّعت الآراء ما بين من يرى أنها ظاهرة حقيقية تخضع لقوانين الطبيعة، وآخرون يرون أنها خيال ونوع من الخداع البصري تلعب التضاريس دوراً كبيراً في صنعه.
ويُردّ السبب في تشكل الظاهرة إلى مكان التلة المغناطيسية وما يحيط بها من جغرافيا، لأنها تصنع ما يشبه الخداع البصري بحيث يتراءى للناظر أن الأجسام على الطرق تسير من أسفل إلى أعلى، عكس اتجاه الجاذبية.
ويقول الدكتور محمد ثروت هيكل أستاذ قسم الجيولوجيا في جامعة طنطا: تلة مغناطيسية هو مكان تُسبب التضاريس فيه وحوله خداعاً بصرياً بحيث يظهر فيه للمشاهد منحدر بسيط للأسفل على أنه منحدر للأعلى، مما يؤدي إلى ظهور جسم ما كالسيارة عند تركه حراً دون تشغيل المحرك وكأنه يصعد من الأسفل باتجاه الأعلى معاكساً الجاذبية بناءً على نظر المشاهد.
وتجعل منها مسرحاً للسياح وكثير منها يكون مصحوباً للمعتقدات والعلوم الزائفة مثل الجاذبية المعكوسة، الجن، القوى الخفية. وهي بحسب معلومات القاطنين والزوار يكون تأثيرها فقط في السيارات بانزياحها البسيط نحو أعلى الطريق. يمكن تفسير الظاهرة إن صح الادعاء بأنها مغناطيسية بحتة (وجود بعض المواد الممغنطة على أماكن مرتفعة تؤثر على قوى الجاذبية الأرضية). وهي أماكن اختلت فيها قوانين الجاذبية والفيزياء، لتغير المفاهيم الشائعة والمعروفة عن الاتجاهات بسبب ما يصفه البعض من اختلال الجاذبية، والدوامات المغناطيسية المذهلة.
جميع الأماكن المصحوبة بظاهرة الخداع البصري تشترك بغياب خط الأفق كونه مخفياً كلياً أو معظمه، فبغياب خط الأفق يفقد الإنسان علامة موثوقة أساسية في تحديده لميل سطح ما، فالأشياء التي يفترض المشاهد كونها عمودية على الأرض (كالأشجار) قد تكون مائلة بدرجة بسيطة مما يجعله يظن أن الأرض هي المائلة (بغياب مرجعية الأفق) وهذا الظن يغلب حسه بالتوازن خاصة إذا كان المنحدر خفيفاً، وهكذا يتولد الوهم البصري.