المصمّمة القطرية منى الكعبي، هي المؤسّسة والمديرة الإبداعية لدار مون لايت كونسبت Moonlight Concept للأزياء. درست وتخرجت في كلية الآداب تخصص تاريخ -جامعة قطر. لديها شغف كبير في عالم الأزياء والفن منذ صغرها، حيث نشأت في أسرة ترى بأن الثقافة والفن هما ما يجعل الإنسان إنساناً، وما الفن إلا ارتباط وثيق بجذورنا وأصالتنا وتراثنا.
كيف دخلت عالم الأزياء؟
منذ أن كنت طفلة كان الرسم بالنسبة منفذاً للتعبير عن أفكاري وعما يدور بداخلي، وحتى خياراتي في ذلك الوقت. بدأت برسم ملابسي التي أحلم أن أرتديها، ولم اكتفِ بذلك، بل كنت أرسم ملابس صديقاتي وأخواتي وأمي، اللواتي كنّ من أكبر الداعمات لي، ولم يتوانين يوماً عن مساعدتي في تحقيق أحلامي. وإلى الآن ما زالت أمي أيقونة التجسيد الحقيقي للمرأة بتفرّدها، وما زالت إلى الآن تلهمني في الكثير من تصاميمي.
دخولي عالم الأزياء لم يكن مجرد صدفة محضة، لأنني أرى أن زيّ المرأة هو تعبير عن جمالها الداخلي، وعن شخصيتها وقوتها وتواجدها وحضورها. كما لم اكتفِ بمجرد الاعتقاد بأنّ الموهبة وحدها تكفي، فعالم الأزياء متجدّد ومتغيّر، ولذلك لم أدّخر جهداً في سبيل التعلم والمعرفة والإلمام بهذا العالم، سواء في نواحيه الفنية أو التقنية. أؤمن عميق الإيمان بأن أي شخص يريد الانطلاق في صناعة الأزياء عليه أن يعرف أين تنتهي حدوده، وأن يتعلم كيف يتخطاها في كل مرة، وكيف يطلق العنان لإبداعه.
أردت لكل امرأة أن تحتفي بأنوثتها وتميزها وتفردها، وعندها تشكّلت رؤيتي «كوني فريدة وتميّزي عن الآخرين». توّجت هذه الرؤية بتأسيسي دار «مون لايت كونسبت للأزياء» عام 2011، ومن خلال إصدار أول مجموعة عبايات تحت مسمّى «سيدة القمر»، والتي نالت إعجاب شريحة واسعة من السيدات القطريات بتصاميمها التي كانت في ذلك الوقت تعتبر الأولى من نوعها.
تابعي المزيد: المصمّمة فدوى باروني: مجموعاتنا تحمل بين ثناياها جرعة من التفاؤل
بعد فنّي
متى كان الاحتراف الحقيقي؟
بعد إطلاق عدة مجموعات بنجاح، تم رفد تلك التصاميم بمجموعات متتالية مخصّصة عاماً بعد الآخر، وتميزت كل مجموعة بقصة تروي البعد الفني والرؤية الخاصة بها، ومصدر الإلهام فيها. وبذلك سعيت جاهدة مع فريق عملي الذي اخترته بدقة وعناية فائقتين ليضم أفضل الحرفيين المتخصّصين والمبدعين في مجالاتهم، أن يكون لدينا هاجس للعمل بشكل دائم، نطرح من خلاله مفهوماً جديداً من حيث التصاميم والأقمشة والخامات المستخدمة، فأصبحت تلك التصاميم قطعة لا يمكن الاستغناء عنها لدى الكثير من السيدات الأنيقات. واستمرت رحلتنا في عالم الأزياء، وفي كل مرة كان النجاح حليفنا. وقد حظيت علامتنا على مكانة قيّمة لدى الكثير من السيدات، كوننا نقدم تصاميم متميزة متخصصة بالمرأة العصرية، تغيّر المفاهيم السائدة حول الموضة، من مجرد تصميم ملابس إلى إبداع قطع فنية خالدة.
تابعي المزيد: المصممة رحيل حسن: مجموعتي الأخيرة مزيج من مغيب الشمس والعسل
اللغة والأدب العربي
ما مصدر إلهامك في التصميم؟
بعيداً عن عالم الأزياء، أنا امرأة عربية، نشأت بين صفحات الأدب العربي واللغة العربية منذ صغري، مما كان له الأثر الكبير في تكوين شخصيتي. حيث تشكلت لدي القدرة على رؤية الأمور غير المرئية والقراءة بين السطور، وكذلك القدرة على ملاحظة أصغر التفاصيل واستخدام العناصر غير المألوفة بطريقة فنية في الزي الواحد، مع استخدام المواد الأولية الفاخرة لجعل علامتي استثنائية. ودوماً أضع جلّ جهدي لأصنع قطعة فنية تصلح لجميع الأوقات والأزمنة، فلا أنتج تصاميم موسمية تُرتدى لفترة معينة ثم تختفي بعد حين. ما زال تراثنا العربي هو مصدر إلهامي، حيث ألجأ إلى دمج تلك الثقافة الثرية وجمعها مع التطور المعاصر.
وفي رأيي الخاص الفن رسالة لا يُسْتَهانُ بها، والتراث هو الجذور التي تعبر عن الأصالة والتاريخ العريق، ومن هنا بدأت بالتعبير عن مدى ارتباطي الوثيق بهذا التراث، وذلك بتصميم مجموعات مستوحاة من مختلف النقوش التي تم استخدامها في الملابس قديماً، ونقوش العمارة القديمة في التراث القطري، والتراث العربي بصورة عامة.
هل شاركت في عروض أزياء؟
منذ نشأة الدار أردتها أن تكون علامة فارقة في مجال صناعة الأزياء على الصعيد المحلي والدولي، وبالتالي التخصص في مجال الأزياء الراقية، وأن تحذو حذو دور الأزياء العالمية، وعليه تواجدنا في العديد من العروض المحلية والعالمية. وبما أن قطع مون لايت تحمل الطابع الفني، فقد حظيت بإعجاب الكثير من السيدات غير العربيات أيضاً، حتى أصبحت التصاميم متوفرة في العديد من المتاجر الراقية، مثل غاليري لافاييت، وهارفي نيكلز، والسلام ستور، وقريباً في دول أوروبا.
من كان أكبر داعم لك؟ ولمن تهدين نجاحك اليوم؟
أبنائي وأمي وأخواتي هم أكبر الداعمين لي منذ بدايتي إلى الآن، وعند اتخاذ أي خطوة جديدة في مسيرة عملي. ولأنهم يمثلون لي الكثير، وأثمّن لهم عالياً مواقفهم معي، أهديهم هذا النجاح الذي حققته.
هل تنتمين إلى مدرسة معينة؟
هناك مقولة محبّبة إلى قلبي أردّدها بشكل دائم: «كن مستعداً دوماً لتقوم بالخطوة الإضافية، لأن عالم الأزياء لا يمكن التنبؤ به، وكذلك يجب أن تكون أنت».
أؤمن بأن الإبداع لا حدود له، والتطور لا حدود له، لذلك أنظر إلى من سبقني في عالم الأزياء بعين الاحترام والإعجاب، وأستقي من كل من لديه رؤية خاصة ومتميزة وفنية لأشكل رؤيتي الخاصة بي.
ما هي أهم محطات علامتك التجارية؟
ما تم تحقيقه حتى العام الماضي من نجاح وتطور وبلورة لرؤيتنا، جعلنا على استعداد لاتخاذ الخطوة الكبيرة والمضي قدماً نحو تحقيق أهدافنا ورؤيتنا. وتجسدت هذه الخطوة بافتتاح معرض مون لايت كونسبت الفني في مدينة مشيرب قلب الدوحة. في عام 2021 أنشئ هذا المعرض من أجل سرد قصة فريدة تجمع بين التراث والثقافة العربية الأصيلة، فهذه المدينة تعتبر مساحة انتقالية بين الماضي والحاضر، وتمزج بين الأصالة والحداثة. وتحت قبة ذلك المكان تتجمع كل الفنون التي تعكس تراثنا وحضارتنا الأصيلة. ولذلك اخترنا هذا المكان ليكون مقرّ إطلاق تصاميم فنية مستوحاة من تراثنا وثقافتنا، وهو نوع جديد من المعارض الفنية، حيث تلتقي الموضة والفن. يتم فيه عرض أعمال الفنانين المشهورين جنباً إلى جنب مع التصاميم الفنية الحصرية الخاصة بمون لايت كونسبت في المعارض الفنية التي تقام بشكل دائم. كل الإتقان والتفاصيل في النتائج النهائية في ذلك المكان تخفي بداخلها حلماً قديماً. فمن خلال العمل الجاد والإبداع والحب، يصبح الحلم حقيقة وهذا ما يمثل رؤيتي «نصنع التحف الفنية التي يمكن ارتداؤها».
ما جديدك لعام 2023؟
المرحلة القادمة ستكون مختلفة تماماً، ويتم الإعداد لها والعمل عليها حالياً. سيكون هناك تعاون فني مع مصمّمين عالميين لإنتاج مجموعة حصرية تحوي في تصاميمها الكثير من الأفكار، مع لقاء حميمي بين ثقافات مختلفة.
تابعي المزيد: المصممة سابرينا محي الدين: تمثّل مجموعتي نجاح أي امرأة تريد أن تحلم
مسؤولية أخلاقية
كيف تختارين الخامات لتصاميمك؟
الاستدامة عامل حاسم في عملنا، فنحن لدينا التزام أخلاقي أمام الأجيال القادمة بالحفاظ على البيئة، وضمان ازدهارها المستدام، ويتمثل جزء كبير من مسؤوليتنا تجاه العالم في رفع الوعي بالبيئة. ومن أجل الوفاء بهذه المسؤولية، قمنا بتغيير استراتيجياتنا التشغيلية ووضعنا برامج استدامة رسمية. على سبيل المثال، جميع قطع مون لايت كونسبت تصنع بمواصفات عالية الجودة ليتم ارتداؤها مراراً وتكراراً، بدلاً من ارتدائها عدة مرات ثم التخلص منها. بالإضافة إلى ذلك، لا ترتبط القطع بمواسم أو مناسبات معينة، وهو ما يتوافق مع النقطة السابقة. لذلك نحن نستخدم فقط الأقمشة المتينة وذات الجودة العالية. من بينها الكتان وحرير الخيزران وحرير القطن. إلى جانب ذلك، فإن 50 % من الأقمشة المستخدمة في إنتاجنا مصنوعة من مواد نباتية (تُعرف باسم كوبرو، وهو منتج ثانوي طبيعي للقطن). أما بالنسبة لمنتجات التعبئة والتغليف المستخدمة، فهي قابلة للتحلل البيولوجي وعضوية صديقة للبيئة.
هل حققت طموحك؟
رحلتي في عالم الأزياء لا تنتهي، فقد حققت الكثير فيها وما زال هناك الكثير لأحققه وسأحققه بمشيئة الله.
تابعي المزيد: مشاعل الشنيفي لـ "سيدتي": اكتشفت قدراتي في "100 براند سعودي".. والخيمة ملهمتي
الاستلهام من التراث
بماذا تنصحين الجيل الجديد من مصمّمي الأزياء؟
أن يحافظوا على تراثهم وجذورهم وأصالتهم وتاريخهم، وأن لا ينسوا المعاني العميقة والقيم التي يحتويها تراثنا العربي، كونه يذخر بفن فريد يستحق أن يبقى حياً، لا أن يندثر تحت عجلة التطور والحضارة. فهناك جمال فني لا يماثله جمال، سواء في نقوشنا أو في زخارفنا أو في لغتنا.
كيف يمكن للقراء الحصول على تصاميمك؟
عبر انستغرام moonlight.concept@ وموقعنا moonlightconcept.com
وفي نقاط البيع التالية في قطر:
- صالة مون لايت كونسبت في الوعب
- جاليري مون لايت كونسبت في مشيرب قلب الدوحة
- السلام ستور - ذا جيت مول
- الحزم مول
- وقريباً في فرعنا الجديد في الرياض
تابعي المزيد: مايلز يونغ Miles Young: أزياؤنا تعيد تعريف الموضة المحتشمة