منذ أن كنت طفلةً صغيرةً وفضائلُ الصبر والإصرار تتردَّد على مسمعي. كنت أسمعها من جدتي، رحمها الله، ومن والديّ، والمعلمات، وما زلت أمضي كل يومٍ في طور تعلُّم المعنى الشامل للعطاء والعمل الدؤوب.
عندما نضجت، وتعدَّدت مسؤولياتي، وكبر محيطي العلمي والعملي، واجهتُ تحدياتٍ مختلفة، واختلطتُ بأصنافٍ عدة من البشر، تعلَّمت منهم الكثير، واستمتعت بالتجارب المفيدة، وأخذت العِبر من الدروس الصعبة.
في دائرة الحياة، ما نزرعه اليوم، نحصده غداً، لذا لا بدَّ أن نتأكَّد من جودة البذور المزروعة، ليكون الحصاد على الهيئة التي نحب ونتمنى. قال الله في كتابه العزيز: "يَوْم تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً". آل عمران: 30.
النية في العمل أساسُ كل شيء، وهي مرآةٌ، تعكس ما يجول في أعماقنا. ألهمتنا في هذا السياق شخصيةُ الغلاف الطبيبة والسبَّاحة السعودية مريم بن لادن، أول امرأةٍ عربيةٍ تجتاز البحر الأحمر سباحةً من السعودية إلى مصر عبر مضيق "تيران".
عرَّفتنا عبر حوارٍ ممتعٍ معها على الأثر الإنساني العميق الذي تسعى إلى تحقيقه من خلال إنجازاتها ومغامراتها، إذ تحرص على صنع فرقٍ في حياة الناس، وخدمة المجتمع، خاصةً الفئات المتضرِّرة من ويلات الحروب، لذا أسَّست أول مركزٍ لعلاج الأسنان مجاناً في مخيم الأزرق بالأردن عام 2016، لتتمكَّن من خلاله من خدمة اللاجئين وعلاجهم بعدما سمعته من قصصٍ مأساويةٍ حول غرق أطفالٍ أثناء محاولتهم اللجوء إلى اليونان سباحةً.
تجدون أيضاً ضمن صفحات العدد ملفاً عن أربع شخصياتٍ نسائية، برزن في مجالاتٍ رياضيةٍ مختلفة، منهن سمر رهبيني، بطلة الدرَّاجات والراليات، التي حدَّثتنا عن إنشاء "فريق الشجاعة النسائي" في جدة، وكيفية تخطيها الصعوبات بعزيمةٍ وإصرارٍ من أجل إحداث تغييرٍ إيجابي في المجتمع، ودعم السيدات وتشجيعهن على تخطي الحواجز، وتحقيق الأحلام.