يبدو العمران والطبيعة شيئين لا يشتركان في الكثير من السياقات، ولكن هذا ليس هو الحال دائمًا. خاصة عندما يتعلق الأمر بالفن، هذا المعادل السحري القادر على جمع نقضين في مكان واحد، وربط شتيتين بعقدة واحدة، بل ونسجهما في نسيج واحد متجانس.. وهذه مقدرة الفن والإبداع المذهلة والتي جعلت الفنان البرازيلي فابيو جوميزترينداد Fábio Gomes Trindade ، الذي يستخدم خياله لنسج الطبيعة وفطرتها في مشهد المدينة بآلياته وماديته وتصنعه، والجمع بين عنصرين أحدهما من إبداع الله سبحانه وتعالي، والآخر من إبداع الإنسان (الكائن الذي أبدعه الله هو الآخر) في شيء خاص وفريد من نوعه.
• جداريات تحت الأشجار والكروم المزدهرة
حسب صحيفة trindadego.com.br البرتغالية ، ابتكر فابيو جوميز رسومات على الجدران باستخدام قوة الأشجار لتمثيل قوة المرأة السمراء، حيث يشتهر بلوحاته التي تصور صورًا مفصلة بشكل مذهل لنساء وأطفال يرتدون أغصان الأشجار والشجيرات على أنها "خصلات شعر" "Hairdos"، فهو يرسم بشكل استراتيجي لوحاته الجدارية تحت أوراق الأشجار أو الكروم المزهرة ويحول الزهور وأوراق الشجر إلى تسريحات مذهلة ، مما يعطي الانطباع بأنها جزء طبيعي من لوحات الشارع الخاصة به.
• إلهام من نوع غريب
+
يقول فابيو عبر صفحته الرسمية على موقع Instagram الخاص به ، إنه وجد إلهامًا من نوع غريب في لحظة معينة لم يستطع تجاوزها عندما رأى شجرة كرز هندي مزروعة قبل 20 عامًا في الفناء الخلفي لمنزل متواضع في المدينة ، ووجد نفسه يمسك فرشاته وطلاءاته وأدواته من الإير برش ليبدأ رسم لوحته الجدارية ليجد لوحته تصل لمنحنى آخر عندما وجد شجرة الكرز تكاد تغطي جبين الفتاة التي رسمها فيستكمل لوحته وكأن لوحة الكرز جزء منها ...اليوم تعد الشجرة المذكورة جزءًا من أشهر أعمال الفنان.
• لست ناشطًا بحقوق السمر ولكن يسحرني جمالهن
+
فابيو عامل بناء وفنان فطري طالما أشاد الجميع بفنه والذي تخطى الحدود وانطلق بشوارع البرازيل ، يقول: "كوني عامل بناء ساعدني على زيادة شعوري بالتناسب. "لافتًا أن "كونك فنانًا في البرازيل ليس بالأمر السهل ، بل إنه أصعب على فناني الشوارع فليس لدينا دعم من المستثمرين ، كما أن الألوان ومواد الدهان ليست رخيصة"، إلا أنه يجد سعادة بالغة لأن فنه يسعد الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم ". -
ويؤكد فابيوأنه على الرغم من أن أكثر أعماله للمرأة السوداء إلا أنه لا يعتبر نفسه ناشطًا في حقوق السود، فهو دائمًا ما أراد تصوير النساء السود بجمالهن الطبيعي بطريقة مهيبة، " لطالما سحرني جمال النساء السود ، وأنا أعمل بجد لتكريم جميع النساء السود "
تابعي المزيد: مهرجان شفت 22 للجداريات..إبداعات بصرية معبرة وملهمة
• يجمع بين الرسم والطبيعة
وفقًا لموقع thursd-com، فأحد أشهر أعمال فابيو والتي جذبت شهرة كبيرة مستوحاة من عارضة أزياء أطفال تُدعى Egypt Sarai. ، وفيها صّور الفتاة الصغيرة بطريقتين، أحدهما تُظهر ملامحها الأفرو يعلو رأسها تاج الشعر الكثيف من أزهار البنفسج الوردية والتي اتسقت بشكل مدهش مع الطبيعة بالمكان، الجدارية الأخرى لذات الفتاة تبدو بشعرها مفصول إلى قسمين فوق رأسها. في كل لوحة ، نجح فابيو في التقاط براءة الصغيرة ونضارتها الحلوة وبشرتها الناعمة المفعمة بالفطرة والبساطة ومن خلال الطلاء بالرش عزز جمالها الطفولى مع نهايات الأشجار المنسدلة بتجاعيد الشعر الأفريقي الكثيف.
اللافت بأغلب أعمال فابيو هذا الجمع الناجح ما بين الرسم والطبيعة ، فلا تكتمل جدارياته إلا بنهاية العمل عندما تمتزج الخطوط الحرة والمساحات المظللة والفضاءات الملونة بمساعدة أغصان الأشجار والكروم المزهرة التي تجلس فوق لوحاته النابضة بالحياة ، لتظهر الصورة متكاملة، وكل ما يرسمه الفنان من لوحات جدارية تُظهر جزءًا فقط جزء من الرأس بتفاصيل الوجه والرقبة بظلالها وإضاءتها، على أن يتيح للطبيعة القيام ببقية العمل وإكمال أجزاء الشعر المتهدلة أو المتماوجة أو المجعدة أو حتى المسترسلة في هيئة أغصان وأزهار وبتلات، على أن موسمي الخريف والشتاء غالبا ما قد يمثلا نهاية غير متوقعة لأعماله حيث تتساقط الأوراق والازهار وغصينات الشجيرات لتبدو "تسريحة" شعر مختلفة، وما أن تمر أسابيع التساقط لتثمر الأشجار والكروم من جديد في فصلى الصيف والربيع.. إنها طريقة ذكية وفريدة من نوعها في التزاوج الفني والتعبيري بين العالم الحضري مع العالم الطبيعي.
لا تتوقف أعمال فابيو عند وجوه السيدات والفتيات الصغيرات بل لديه العديد من الجداريات المخصصة للحيوانات والحياة البرية
• شهرة عالمية
فيديو من موسم الرياض للعمل (موناليزا بوليفارد رياض سيتي) للفنانة الفنانة السعودية نورة بن سعيدان والتي استوحته من جدارية فابيو الشهيرة للطفلة Egypt Sarai
لاقت أعمال فابيو جوميزترينداد Fábio Gomes Trindade صدى مدهش عبر مواقع التواصل الإجتماعي، فقد استحوذت لوحاته الجدارية المدهشة على الإنترنت في البرازيل بسرعة كبيرة، لتنتشر كالنار بالهشيم في جميع أنحاء العالم، وقد حازت أعماله على إعجاب الكثيرين من مرتاديها الذين تناقلوها وتشاركوها ومنهم مغنية الهيب هوب الشهيرة وكاردي بي، والممثلة ومنتجة الأفلام الأمريكية فيولا ديفيس الحائزة على جائزة الأوسكار، والتي نشرت إحدى الصور التي تصور فن فابيو على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها وقالت إنها "أحبته". كما تأثرت تينا نولز، والدة المغنية بيونسيه ، باعماله وشاركت عددًا من أعماله عبر صفحاتها للتواصل الاجتماعي والتي تضم أكثر من ثلاثة ملايين متابع ، وقالت إنها "طريقة جميلة لاستخدام الشجرة".
لم يتوقف الأمر عند ذلك بل وصلت شهرة فابيو للأجواء العربية وتم استضافته فى موسم الرياض مؤخرًا فقد دعي لزيارة المركز الترفيهي لموسم الرياض في الرياض بالمملكة العربية السعودية ورسم جدارية هناك بأسلوبه المدهش.
تابعي المزيد: شخصيات الفرنسي ليفاليت levalet تجوب شوراع باريس في مواقف سريالية وعبثية