نظم فن أبوظبي في نسخته الـ14 لعام 2022 في منارة السعديات، 78 صالة عرض من 27 دولة، وبحضور كوكبة من الشخصيات الفنية البارزة ضمن فريق القيمين الفنيين ومنسقي صالات العرض، والذين ساعدوا في تعزيز التواصل بين صالات العرض والفنانين من مختلف المناطق والبلدان مع جامعي التحف الفنية وعاشقي الفنون والزوّار القادمين من المنطقة وخارجها.
"سيدتي" التقت بالقيمين على هذه الصالات، والذين كشفوا عمّا تحتويه صالاتهم، وكذلك بالفنانين الذين عرضوا أعمالهم، وقد صادف أنهم من خريجي برنامج منحة سلامة بنت حمدان للفنانين الناشئين، واختبرهم برنامج "آفاق".
بدأت ديالا نسيبة، مديرة فن أبوظبي، حديثها لـ"سيدتي"، بالإشادة بمشاريع الفنانين المشاركين في برنامج آفاق: "الفنانون الناشئون"، الذين أثروا في المشهد الثقافي الإماراتي في اهتماماتهم الفنية الفريدة بين مجتمع المقيمين في الدولة، تتابع قائلة: "تركت التغيرات التي حدثت في الأعوام الخمسين الماضية الفنانين في مواجهة مجموعة متنوعة من التساؤلات لا سيما المتعلقة منها بتغيرات مفاهيم الذات والكينونة، والمنتهية بآمال تُفضي إلى غد مُشرق".
رشيدة التريكي: رافقت الفنانين في سيرورة إبداعاتهم
عملت المؤرخة الفنية وأستاذة الفلسفة رشيدة التريكي، على تأسيس القسم الفني "فضاءات" تحت شعار "غد جديد"، حيث يجمع الجناح، كما تقول رشيدة، اختارت أعمال فنانين من المغرب والجزائر وتونس، في صالات تدعّم الفن والإبداع في أوطانهم. كما أضافت صالة عرض من باريس وأخرى من جنيف؛ لأنهما قد اختصّا بعرض فنانين من تونس والجزائر والمغرب، تتابع رشيدة: "الصالات بمثابة مرآة تعكس غليان الساحة الفنية في المنطقة التي ينتمي إليها والتي تعرف تحوّلات اجتماعية هامة. هي مفهوم الغد الجديد في صيغة الجمع تظهر التزام هؤلاء الفنانين بتجديد نظرتهم للعالم. وما يحرّك شعوري وجوارحي في هذا العمل الشاق هو قبل كلّ شيء مصاحبة الفنانين في سيرورة إبداعاتهم، و إمكانية أن أكوّن نوعاً من فكرة كبيرة ومن مفهوم يستطيع مخاطبة الجمهور جمالياً".
استقبل معرض "فن أبوظبي" هذه السنة عدداً هاماً من جامعي الأعمال الفنية وهواة الفن من جنسيات كثيرة وقد ساهم ذلك برأي رشيدة، في صقل أذواق المنطقة وتطوير حركة البيع والشراء.
تعرّفي إلى المزيد: السعودية تحتفي بانضمام 11 عنصرا ثقافيا في قائمة اليونسكو للتراث غير المادي
جايد يشيم تورانلي: الأجيال الجديدة مقبلة على اقتناء الأعمال
أشرفت جايد، على 6 صالات عرض من تركيا للمشاركة في فن أبوظبي، منها دريم آرت وغاليريست وجاليري نف إسطنبول وغيرها، تستدرك جايد: "خبرتي تتجاوز العشرين عاماً في إدارة وتنظيم صالات العرض، ولكن السبب الرئيسي وراء رغبتي في الإشراف على هذا القسم هو أنه منذ تفشي جائحة كوفيد-19 عالمياً ازداد التقارب بيني وبين الفنانين وتوطدت أوجه التعاون فيما بيننا، كما أنني أؤمن بأهمية تبادل المعرفة من دون قيود أو توقف، بين ثقافات وحضارات العالم. وهذا ما نجحت أبوظبي في تحقيقه تماماً".
تجد جايد أن فن أبوظبي، نجح على مستوى الأفكار ومجموعة الأعمال الفنية والتنوع الإبداعي، في تعزيز أوجه التعاون والتواصل بين جميع هؤلاء الفنانين، وقد لمست طلباً قوياً لاقتناء هذه الأعمال الفنية من مختلف الأجيال".
ريكاردا ماندريني: هناك اهتمام متزايد بالفن الإفريقي
تساعد ريكاردا ماندريني، إيطالية، على خلق مساحات وأجواء تتيح لعشاق الفن، عبر فنانين أفارقة، على اختلاف حسّهم الفني، يعملون على سبر أغوار العمل الفني بطريقة مختلفة وفتح قنوات الحوار الوجداني بينه وبين العمل الفني، وتجد أن "المغزى" وراء المشاركة كان الاهتمام المتزايد بالفن الأفريقي، تتابع ريكاردا: "صالات العرض من شتى أنحاء القارة الإفريقية - من شمالها إلى جنوبها، فمثلاً قدمت صاحبة إحدى صالات العرض التونسية المشاركة عائشة آغورجي عرضاً منفرداً مخصصاً للفن المفاهيمي للفنانة التونسية نجاح زربوط. كما قدمت صالة العرض الإيطالية "جاليري ليز10" مجموعة من الفنانين الإيفواريين، منهم رسامو الفن المعاصر "أ. بوا" و"أبوديا"، جنباً إلى جنب مع أستاذ الفن الإيفواري المعاصر "فريديريك ب. بوابري". ويمثل هؤلاء الفنانون الآن بلدهم في بينالي البندقية الحالي.
روت ريكاردا كيف أن الرسام الإيطالي سالفو زار في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، عدداً من البلدان العربية، واستلهم من مآذن المساجد سلسلة لرسوماته، والتي اكتسبت زخماً فنياً عبر السنوات لتتحول إلى لوحات فنية مذهلة، تتابع قائلة: " منذ ذلك الحين، أصبحت كل لوحة لمئذنة جزءاً من تاريخ رحلته الفنية. وقد عرض أنطونيو أداميانو، مؤسس "ديب آرت جاليري"، المشاركة في معرض فن أبوظبي ببعض اللوحات للفنان سالفو".
هناك علاقة ضمنية بين الأعمال الفنية، التي جمعتها ريكاردا بصبر بالغ، وقد وجدت أن جامعي الفنون هذه السنة، اتجهوا إلى امتلاك ما يشبه مقتطفات من قصص تشكل بطريقة ما مرآة للعالم الذي نعيش فيه اليوم.
تعرّفي إلى المزيد: اكتمال 25% من الأعمال الإنشائية لـ"تيم لاب فينومينا أبوظبي"
"الفنانون الناشئون"
مجد علوش: أُعلق آمالي على مستقبل يمنحني مُطلق الحرية
يتأمل مجد من مشروعه، طبيعة الحدود الجغرافية غير العصية على الاختراق وتلقي نظرة أدق على الجوانب المادية لهذه الحدود؛ بهدف صياغتها في سياقات أخرى تشمل الفضاء لجعلها قابلة للحركة من خلال توظيف أساليب فنية مختلفة.
يتابع مجد: "كنت مهتم باستكشاف الصلة التي تربطني بالحدود السورية حالياً مُقارنةً بالماضي. وحينما أبدأ عملاً فنياً، أشعر بأنني بحاجة إلى لمس الأشياء والشعور بها وأحياناً تذوقها، لكن الأمر يزداد صعوبةً بعض الشيء عندما أعمل على مفهوم يتناول المسائل الجغرافية والمكانية؛ لأنه يمنعني من استخدام حواسي في مرحلة البحث، وأنا أُعلق آمالي على مستقبل يمنحني مُطلق الحرية في أن أكون أكثر قدرةً على الحركة والتنقل".
محمد خالد: الصعوبة تجسدت في الإمساك بقنديل بحر
خالد هو أحد خريجي برنامج منحة سلامة بنت حمدان للفنانين الناشئين وكامبوس آرت دبي 7.0، وهو مشارك في معارض جماعية سابقة في كل من فن دبي ومعرض 421، وحديقة يوركشاير للمنحوتات.
تتبلور فكرة مشروع محمد حول لقائه بقنديل البحر في نخلة جميرا، ما قاده إلى سؤال كيف تغيرت بيئتنا ومدى تأثير ذلك على هذا المخلوق البحري؟، فراح يتعمق في استكشاف هذه القناديل، لفهمها والوقوف على فوارقها المجازية، يتابع قائلاً: "لم يدخر فن أبوظبي جهداً في توفير الأدوات والمنصة اللازمة لتصوير هذا المشروع الفني، لكن الصعوبة تجسدت في الإمساك بقنديل بحر، وبرأيي، تتناول أعمالي الفنية الحاضر، فما نعيشه اليوم يرسم ملامح مستقبلنا غداً.
سارة المهيري: المستقبل مشهد صادفناه من قبل
عمل سارة تركيبي مكون من عدة أساليب فنية هي الطباعة الأحادية، "المونوبرينت"، وفن الكولاج، ومنحوتات على الأرض مستلهمة من العبوات المهملة، تتناول موضوع التكرار مقابل الأصالة ضمن إطار عمليات الإنتاج الشامل في العالم، وقد بدأت الفكرة عندما قدّمت سارة بحثاً خلال فترة انتسابها إلى منحة سلامة بنت حمدان للفنانين الناشئين خلال عام 2020، وقد تلقت من معرض فن أبوظبي"، ملاحظات قيّمة ومفيدة أثمرت عن تطوير العمل وإتمامه. تتابع قائلة: "من الصعب دوماً اختيار مجموعة الأعمال الفنية التي ستشارك في أي معرض، ولا يمكنني إلا أن أتخيل أن المستقبل سيكون مشهداً مألوفاً لشيء عرفناه وصادفناه من قبل" .