اكتشف علماء الآثار بكولومبيا لوحة جدارية ما قبل الكولومبية، في دير في تيبوتزلان، يمكن أن تلقي الضوء على العلاقة بين السكان الأصليين في المكسيك والكنيسة الكاثوليكية، التي سعت للسيطرة على التعبير الثقافي بعد الغزو الأسباني في القرن السادس عشر.
ووفقاً لموقع (theartnewspaper)، يعتقد علماء الآثار أن الرسم الجداري لما قبل العصر الكولومبي، لقديس يرتدي غطاء رأس مزيناً بالريش، يصور على الأرجح تيبوزتوكاتل.
وقد أعلن المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ (المعهد الوطني للآثار والتاريخ) (INAH) في وقت سابق من هذا الشهر، وجد علماء الآثار اللوحة الجدارية مخبأة تحت عدة طبقات من التبييض في كنيسة زاوية في Ex) Convento de la Natividad دير المهد السابق).
مكونات اللوحة الجدارية
تتكون اللوحة الجدارية من دائرة حمراء يبلغ قياسها حوالي متر واحد.. يوجد داخل الدائرة العديد من الصور التي تعود إلى حقبة ما قبل كولومبوس، بما في ذلك فأس، وشيمالي أو درع، وغصن من الزهور وغطاء رأس مزين بالريش أو "Penacho"، والذي كان يرتديه تقليدياً أحدُ أعضاء طبقة الأزتك الأرستقراطية.
قالت منسقة المشروع، فريدا ماتيوس غونزاليس، لـ The Art Newspaper، إن المرممين التقطوا لمحة عن الرسم أثناء إزالة طبقة من الحجر الجيري الأبيض، من جدران أحد المباني الصغيرة الأربعة، المبنية في كل ركن من فناء الهواء الطلق في الدير.
"لقد كانت مفاجأة لا تصدَّق؛ لأنه بينما نتطلع دائماً إلى أيّ شيء غير عادي، لم يكن شيئاً نتوقع اكتشافه"، كما تقول: "لقد كانت عملية حساسة للغاية؛ حيث كان علينا إزالة كل طبقة بعناية فائقة في حالة إزالة طبقة من الطلاء".
وتضيف: "في أقرب وقت ممكن، سنقوم بفحص المصليات الأخرى، وأقسام المجمع، ولكن هذه عملية بطيئة للغاية، ولا يمكنني تحديد الوقت الذي ستستغرقه".
الكنيسة مغلقة حالياً أمام الجمهور.. كما كشف ماتيوس غونزاليس حصرياً، أن آثار لون آخر- أصفر- تم العثور عليها للتوّ، على جدار في الدير، وأن البحث في مصدر الصبغة سيبدأ قريباً جداً.
لوحة جدارية
وقال سام جافامي الذي أمضى 4 سنوات في البحث عن اللوحة الجدارية، التي يشير إلى أنها تعود إلى ألف سنة: "من النادر العثور على لوحات جدارية من هذا النوع، ضمن الآثار التي تعود إلى العصر ما قبل الكولومبي".
وكان عالم الآثار السويسري قد عثر على اللوحة الجدارية في أكتوبر، بين مخلفات معبد "هواكا بينتادا" الجنائزي القديم في إيليمو، وهي قرية تقع في منطقة لامباييك (شمال).
وأضاف جافامي، أنّ "ما تتشكّل منه هذه اللوحة فريد في تاريخ الفن الجداري للبيرو الخاص بالعصر ما قبل الكولومبي".
وجرى التأكد من تاريخ اللوحة الجدارية، من خلال صور بالأبيض والأسود التقطها عام 1916، الألماني هانز هاينريش برونينج، وهو أحد أهم علماء الإثنولوجيا الذين كانوا يقيمون في بيرو خلال تلك الحقبة.
وقال طالب الدكتوراه في قسم العلوم الاجتماعية بجامعة فريبورج في سويسرا: "لا نعرف سبب عدم نشر برونينج الصور؛ لذا اضطررنا للانتظار حتى 1978، حين عثر عليها باحث أمريكي يُدعى ريتشرد شيدل، خلال زيارة له إلى متحف هامبورج في ألمانيا".
وأضاف: "منذ ذاك، أدرك علماء الآثار وجود (هواكا بينتادا)، إلا أنّ أحداً لم يرتد المكان للبحث في الموقع، على أساس أنّه لن يجري العثور على أيّ شيء".
وتبرز في جزء من اللوحة الجدارية التي يبلغ طولها حوالى 30 متراً، ألوان الأزرق والبني والأحمر والأصفر والأسود والأبيض واللوكوما (الأصفر الخردلي).
وتُظهر اللوحة موكباً من المقاتلين يسيرون باتجاه إله يشبه الطائر.
وأوضح جافامي أنه: "يبدو أن الرسم مستوحى من فكرة تراتبية دينية مبنية على عبادة الأسلاف، وعلاقتها الوثيقة بقوى الطبيعة؛ مشيراً إلى أن اللوحة الجدارية تشكّل صورة تعبيرية عن النظام السياسي والديني لسكان المنطقة القدامى".
وتكمن قيمة اللوحة الجدارية في الجمع بين أسلوبي ثقافتين تعودان إلى العصر ما قبل الكولومبي، هما حضارة سيكان التي استوطنت الساحل الشمالي للبيرو بين عامي 900 و1350، وحضارة موتشي التي كانت سائدة بين عامي 100 و850.