يقر اليوم الدولي للغة الأم الذي يصادف في 21 فبراير كل عام أن اللغات وتعدد اللغات يمكنها تعزيز الاندماج، وخاصة أن تركيز أهداف التنمية المستدامة منصب على شمول الجميع. وتؤمن اليونسكو بأن التعليم، وخاصة التعليم القائم على اللغة الأولى أو اللغة الأم، ينبغي أن يبدأ في السنوات الأولى في إطار رعاية الطفولة المبكرة فضلاً على أن التربية هي أساس التعليم.
ووفقاً لموقع (unesco) جاءت فكرة الاحتفاء باليوم الدولي للغة الأم بمبادرة من بنغلاديش، وأقرّها المؤتمر العام لليونسكو عام 1999 ليبدأ العالم أجمع الاحتفاء بهذا اليوم اعتباراً من عام 2000.حيث تؤمن اليونسكو بأهمية التنوع الثقافي واللغوي لبناء مجتمعات مستدامة. وضمن الجهود الرامية إلى إنجاز ولايتها المتمثلة في تحقيق السلام، تسعى المنظمة إلى الحفاظ على الاختلافات في الثقافات واللغات بغية تعزيز التسامح واحترام الآخرين. إنّ اللغات تمثّل أساس وجود المجتمعات متعددة اللغات والثقافات، فهي الوسيلة التي تتيح صون الثقافات والمعارف التقليدية ونشرها على نحو مستدام. وهذا هو الهدف الذي نصبو إليه في هذا اليوم الدولي: الاحتفال بشتى أساليب التعبير عن العالم من حولنا بكل أوجهه المتعددة، والالتزام بصون تنوع اللغات باعتبارها تراثاً مشتركاً للإنسانية، والسعي إلى توفير التعليم الجيد، باللغة الأم، للجميع.
شعار العام 2023
يُقام اليوم الدولي الرابع والعشرون للغة الأم تحت شعار "التعليم المتعدد اللغات – ضرورة لتحقيق التحول المنشود في التعليم".
يُسهّل التعليم المتعدد اللغات القائم على اللغة الأم التعلم وإدماج السكان الناطقين باللغات غير السائدة ولغات الأقليات ولغات الشعوب الأصلية. سوف تستكشف الفعالية التي ستنظمها اليونسكو بتاريخ 21 شباط/ فبراير الإمكانيات الكامنة في التعددية اللغوية لإحداث التحول المنشود في التعليم من منظور التعلم مدى الحياة وفي سياقات مختلفة، فضلاً عن فتح باب النقاش الذي سيتمحور حول الموضوعات الثلاثة التالية:
• تعزيز التعليم المتعدد اللغات باعتباره ضرورة لإحداث التحول المنشود في التعليم في سياقات متعددة اللغات بدءاً من التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة وما بعدها.
• دعم التعلم من خلال التعليم المتعدد اللغات والتعدد اللغوي في سياقاتنا العالمية سريعة التغير وفي حالات الأزمات بما في ذلك سياقات الطوارئ.
• إحياء اللغات التي يهددها الاندثار أو التي طالها بالفعل.
وتغتنم اليونسكو حلول اليوم الدولي للغة الأم، الموافق 21 شباط/ فبراير، لدعوة البلدان إلى انتهاج سياسة التعليم المتعدد اللغات. إذ تنصح المنظمة باعتماد اللغة الأم في تعليم الأطفال إبّان السنوات الأولى من دراستهم، وذلك مع إمكانية دمجها مع لغة التدريس الرسميّة في نهج يعرف تحت مسمّى التعليم المتعدد اللغات.
تُظهر قاعدة بيانات اليونسكو العالميّة بشأن التفاوت في مجال التعليم أنّ الأطفال، الذين يتلقون التعليم باللغة التي يتكلمون بها في المنزل، يزيد احتمال إتقانهم لمهارة فهم النصوص المقروءة في نهاية المرحلة الابتدائية بمقدار 30٪ عن الأطفال غير الناطقين بلغة التدريس على مستوى العالم. وتُبيّن الأدلّة أيضاً أنّ التعلم باللغة الأولى أو باللغة الأم يحسّن مهارات الأطفال الاجتماعية.
إنّ اليونسكو، وإذ تسعى إلى المساعدة في مواجهة الأزمة العالمية الراهنة التي تعصف بقطاع التعلم، مع الحفاظ على التعدد اللغوي باعتباره عنصراً ثقافياً أصيلاً، تحثّ الحكومات على انتهاج التعليم المتعدد اللغات القائم على اللغة الأم منذ سنوات الدراسة الأولى. وإننا على يقين أنّ التعلم القائم على اللغة الأم يحقق نتائج ملموسة - وثمّة أدلة عمليّة تبرهن أنها تساعد الأطفال على التعلّم.
دعم أفريقيا حيث أعلى نسب للتنوع اللغوي
تدعو اليونسكو المجتمع الدولي بصفة خاصة إلى دعم الدول الأفريقية في جهودها الرامية إلى تطوير التعلم المتعدد اللغات. ويُبين تقرير جديد أصدرته اليونسكو مؤخراً بعنوان "وُلدنا لنتعلّم" أن طفلاً واحداً من بين كل خمسة أطفال كحد أقصى يحصل على التعليم بلغته الأم في أفريقيا - القارة التي تمتلك أعلى معدّلات التنوّع اللغوي، الأمر الذي يضر بنتائج التعلم في القارة التي يتقن فيها تلميذ واحد فقط من بين كل خمسة تلاميذ أساسيات القراءة والكتابة والرياضيات حتى بعد استكمال التعليم الابتدائي.
وسلطت اليونسكو الضوء على النجاح الذي أحرزته موزمبيق التي وسّعت مؤخراً نطاق التعليم الثنائي اللغة ليشمل 25٪ من المدارس من خلال منهاج جديد لتدريب المعلمين. وإنّ معدّل أداء طلاب هذه المدارس في مهارات القراءة والرياضيات الأساسيّة أعلى بنسبة 15٪ تقريباً. ويتعيّن على المجتمع الدولي حشد مزيد من الأموال لدعم البلدان الأفريقية التي تستثمر في هذا المجال، كي يعمّ هذا النجاح القارة بأسرها.
وتغتنم اليونسكو حلول اليوم الدولي للغة الأم لتذكّر العالم أيضاً بأهمية صون لغات الشعوب الأصلية، إذ إنّ 40٪ من اللغات المنطوقة بالعالم، والتي يفوق عددها 6700 لغة، مهددة بالاندثار على المدى البعيد، نظراً لقلّة عدد الناطقين بها.
وتضطلع اليونسكو بدور رياديّ في العقد الدولي للغات الشعوب الأصلية 2022-2032، وهي خطة عمل عشرية غايتها لفت انتباه العالم إلى الخسارة الفادحة التي لحقت بلغات الشعوب الأصلية والحاجة الماسة للحفاظ عليها وإحيائها والاحتفاء بها.