على غرار أغنية قديمة مفضلة للمرء، إذ تحدث في دواخله مشاعر محببة ورقيقة كلما استمع إليها، تبدو مادة «التيرازو»، التي ترمز إلى الحنين لمبان في سنّ الطفولة كانت مكسوة بها، مثل: الصرح المدرسي الضخم أو مدخل مبنى المنزل القديم، وحتى بيت الجدة النظيف على الدوام. تعرف مادة «التيرازو» رواجاً في الأعوام الأخيرة، في إطار الديكور الداخلي، مع توسع الاستخدامات.
«التيرازو» مادة مستدامة و«صديقة للبيئة» لأنها تعيد تدوير مكونات عدة، مثل: قطع من الكوارتز أو الجرانيت أو الزجاج المحاط بالروطان أو الخرسانة، وهي ترجع إلى إيطاليا، وإلى القرن السادس عشر حسب بعض المصادر، وتتمتع بخصائص مرغوبة، مثل: مقاومة الماء والمتانة وسهولة التنظيف. لكن، التعمّق في المعلومات حول المادة، يفيد أن المظهر الأول لما يسميه علماء الآثار بـ «التيرازو» يرجع إلى نحو 9000 عام قبل الميلاد، عندما صنعت شعوب العصر الحجري الحديث في ما يعرف الآن في الشرق الأوسط الأرضيات الطينية المغطاة بالحجر الجيري المسحوق. وكان للإغريق والرومان والمصريين فضل في الاشتغال على تطوير تقنيات «التيرازو».
لكن، تراجعت المادة، منذ سبعينيات القرن الماضي، عندما أصبحت الأرضيات «التيرازو» تغطى بمواد أخرى كانت عصرية في ذلك الوقت.
راهناً، هناك أنسجة منزلية وأزياء ومجوهرات منقوشة بنقش «التيرازو»، المادة التي تقدّم خيارات غير محدودة للألوان والمواد
استخدامات جديدة
كانت تحل المادة على الأرضيات وتكسو الفاصل بين حوض الجلي والخزائن العلوية، في المطبخ، لكن شيئاً فشيئاً أمست تصنع الأثاث، لا سيما طاولات الطعام والطاولات الجانبية والإكسسوارات المنزلية... حتى أن هناك أنسجة منزلية وأزياء ومجوهرات منقوشة بنقش «التيرازو»، المادة التي تقدّم خيارات غير محدودة للألوان والمواد التي تدخل في التركيب، إذ لا يغفل عن الإشارة إلى أن «البورسلين» و«السيراميك» يقلّدان «التيرازو» المناسب لأي مساحة.
تابعي المزيد: الرخام مادة طبيعية فخمة ورائجة في الديكور الداخلي هذا العام
«التيرازو الحديث»
عن «التيرازو»، تقول المصمّمة المصرية منّة جمال لـ «سيدتي»، إن «المادة تتكوّن من خليط الزجاج المعاد تصنيعه وبقايا الركام الحجرية التي قد تشتمل على الرخام والجرانيت والكوارتز، ومواد ملونة. تسكب المواد، مع مادة لاصقة (الأسمنت، مثلاً، أو الإيبوكسي)، في قوالب تتخذ أشكال البلاط الكبيرة أو الصغيرة والقابلة للتقطيع حسب المرغوب». وتوضّح المصممة أن «استخدام حجر التيرازو يرجع إلى القرن السادس عشر، وإلى مدينة البندقية الإيطالية، حيث قام الحرفيون بابتكار المادة لإعاده تدوير بقايا الرخام. أمّا راهناً، فإن المادة مرغوبة لصفات عدة، على رأسها: الصلابة والديمومة والتنوع لناحيتي اللون والشكل والوظائف، أي تكسية الأسطح وصنع الأثاث». لكن، تشير المصممة إلى أن «الميزانية المرصودة لكلّ مشروع قد لا تسمح بتوظيف طاقم من الحرفيين للاشتغال في التيرازو المصبوب، وتركيبه، لذا هناك التيرازو مسبّق الصنع والمتوافر على هيئة ألواح أكبر حجماً، معالجة ومقطعة بحسب الشكل المطلوب أو بحسب هيئة بلاط التيرازو التقليدي».
كان للإغريق والرومان والمصريين فضل في الاشتغال على تطوير تقنيات «التيرازو»
عن «التيرازو الحديث»، إن صحت التسمية، تقول المصممة منّة إن التجديد في الخامة يطال الحجم والألوان الدارجة، والاستخدامات في الديكور الداخلي، معدّدة بعضاً من هذه الأخيرة:
- تكسية السلالم والأرضيات وفق رؤى جديدة خاصة بالمصمّمين، لا سيما لناحيتي ألوان المادة وأحجامها، في هذا النوع من الوظائف.
- تكسية جدران المطبخ و«الكاونتر»، مع اختيار المادة مطفية لناحية اللون.
- صنع طاولة الطعام، أو سطحها، فى المنزل ذي الأركان المفتوحة على بعضها البعض.
- الاستخدام في تلبيس أرضيّة الحمّام وسقفه، كما وحدات التخزين، مع الحلول أيضاً في مساحة «الدش»، فالمادة مقاومة للماء.
- تكسية واجهة المنزل، باستخدام بلاطات «التيرازو الحديث» كبيرة الحجم.
- صنع الرفوف ووحدات الإنارة والمزهريات والتماثيل والشمعدنات.
تابعي المزيد: السيراميك مادة مرغوبة وجذابة في الديكور الداخلي المعاصر
نصيحتان من المصممة
تنصح المصممة منّة، المستهلك، قبل شراء «التيرازو»، بـ :
- التفكير المعمق فى ألوان المادة، بصورة تحل فيها الأخيرة في المساحات الداخلية، بصورة مرنة.
- إذا وقع الاختيار على «التيرازو»، لتكسية مساحة المنزل الخارجية، يفضّل استخدام بلاطات «البورسلين» أو الرخام التي تقلّد «التيرازو»، وليس «السيراميك»، وذلك لأن الأخير يحتاج إلى طبقة عازلة.
تابعي المزيد: المصمم زاهر سمير: أصفُّ الصدف الدمشقي وكأني أكتب قصيدة