يمكن تعريف الواقع الموازي بأنه عبارة عن نسخة رقمية للحياة بالكامل، يمكن فيها لأي شخص أن يركّب لنفسه شخصية افتراضية مصطنعة من قبل الذكاء الاصطناعي، والتفاعل مع أي شخص أو أي شيء، حيث يمكن للإنسان أن يحيا حياةً كاملة داخل هذا الواقع الموازي.
الميتافيرس
ولعل أبرز ما يمكن أن يوضح هذه التقنية، هو الـ"ميتافيرس" التي أعلنت عنها شركة ميتا العملاقة، حيث ذكر ماي ستاكيديز"Mystakidis, 2022" أن ميتافيرس هي عالم ما بعد الواقع، يتم فيه دمج الواقع المادي مع البيئات الافتراضية بشبكة متصلة تضم تفاعلات مستمرة ومتعددة الأشخاص، وتحتوي عوالم للّعب المفتوح وتقوم على الواقع الافتراضي VR والمعزز AR، ويتم تمثيل المستخدمين فيها بصور رمزية يتم التفاعل بينها في الوقت الفعلي وبإحساس غامر يعيشه المستخدمين ويطلق على هذه الرموز "أفاتار/ Avatar".
ما تعريف الميتافيرس.
الميتافيرس هو مساحة افتراضية ثلاثية الأبعاد عبر الإنترنت تربط المستخدمين في جميع جوانب حياتهم. ومن شأن هذا العالم أن يربط المنصات المتعددة، حيث إنه يشبه الإنترنت الذي يتضمن مواقع إلكترونية مختلفة يمكن الوصول إليها جميعاً من متصفح واحد.
وهذه العوالم الافتراضية يمكن الولوج إليها والوصول لها عبر نظارات الواقع الافتراضي أو الواقع المعزز والجوالات والحواسب المكتبية ومنصات الألعاب.
وقد ظهر هذا المفهوم لأول مرة في رواية الخيال العلمي Snow Crash من تأليف "نيل ستيفنسون/ Neal Stephenson". وفي حين أن فكرة الميتافيرس كانت في وقت من الأوقات مجرد خيال، فإنها الآن تبدو وكأنها يمكن أن تكون حقيقة واقعة في المستقبل.
وتذكر الأبحاث أن مفردة "ميتافيرس/ Metaverse" مكونة من شقين، ميتا وتعني "بعد" في اليونانية، و"فيرس" تعني الكون أو العالم، أي أن الكلمة تعني ما بعد الواقع إن صحت هذه التسمية.
المحرك الرئيس للميتافيرس
وستكون تكنولوجيا الواقع المعزز هي المحرك الرئيس لعالم الميتافيرس بحيث يتحكم كل مستخدم في شخصية أو صورة رمزية "أفاتار/ Avatar". على سبيل المثال، يمكنك حضور اجتماع افتراضي باستخدام سماعات ونظارات Oculus VR في مكتبك الافتراضي، والانتهاء من عملك والاسترخاء لبعض الوقت أثناء ممارسة لعبة قائمة على سلسلة البلوكشين، ثم إدارة محفظتك الاستثمارية في العملات الرقمية ومواردك المالية كل هذا داخل عالم الميتافيرس.
ويمكنك أن ترى بالفعل بعض جوانب عالم الميتافيرس في العوالم الافتراضية لألعاب الفيديو الموجودة بالفعل، فألعاب مثل Second Life وFortnite أو أدوات التواصل الاجتماعي الخاصة بالعمل مثل Gather.town تجمع عدداً من عناصر حياتنا في عوالم إلكترونية عبر الإنترنت.
وفي حين أن هذه التطبيقات ليست هي الميتافيرس، فإنها تشبهها إلى حد ما، حيث إن الميتافيرس لم يصبح حقيقة واقعة بعد.
الجمع بيت استخدامات عدة
إلى جانب دعم الألعاب أو وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الميتافيرس سيجمع بين الاستخدامات الاقتصادية والهوية الرقمية والحوكمة اللامركزية وغيرها من التطبيقات. حتى في عالم اليوم، فإن إنشاء المستخدمين للعناصر والعملات القيّمة وامتلاكهم لها يساعد على تطوير عالم ميتافيرس واحد ومتحد. وكل هذه الخصائص تمنح سلاسل البلوكشين الإمكانات لتشغيل هذه التكنولوجيا المستقبلية.
كيف تصبح العملات الرقمية جزءاً من عالم الميتافيرس؟
تُقدم الألعاب الجانب ثلاثي الأبعاد من الميتافيرس لكنها لا تغطي كل شيء نحتاج إليه في العالم الافتراضي الذي يمكنه أن يغطي كل جوانب الحياة. ويمكن أن تعرض العملات الرقمية الجوانب الرئيسة الأخرى المطلوبة، مثل الإثبات الرقمي للملكية، ونقل القيمة، والحوكمة وإمكانية الوصول. لكن ماذا تعني هذه الأشياء تحديداً؟
في المستقبل، إذا استخدمنا عالم الميتافيرس في العمل والتواصل الاجتماعي بل وحتى شراء العناصر الرقمية، يجب أن تكون هناك طريقة آمنة لإثبات الملكية، كما يجب أن نشعر بالأمان أثناء نقل هذه العناصر والنقود في مختلف أجزاء هذا العالم. وفي النهاية، سنود أيضاً الاضطلاع بدور في عملية اتخاذ القرار التي تحدث في عالم الميتافيرس إذا أصبح يحتل جزءاً كبيراً من حياتنا.
مميزات استخدام ميتافيرس اجتماعيا
من أهم المميزات التي ذكرها "مارك زوكربيرج" الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، عندما أعلن عن تغيير اسم الشركة إلى ميتا، هي:
– التفاعل والتشارك مع الأشخاص والأصدقاء ومشاركة الهوايات المحببة سوياً في الوقت الفعلي كألعاب الفيديو وحضور مناسباتهم الاجتماعية دون عناء أو تحمل تكاليف السفر والتي لا تتوفر أحيانا في العالم المادي.
– الميزة المهمة التي ذكرها كذلك التخفيف من الازدحام وحفظ الأوقات وتجنب المشكلات الناتجة عن صعوبة المواصلات وتعقدها.
– وجود مساحات متنوعة تماثل أو تفوق المساحات الحقيقة يتم فيها ممارسة الحياة الافتراضية، فهناك مساحة البيت ومساحة العمل ومساحة للعب ومساحات للتفاعل مع العالم الخارجي في الميتافيرس، تتيح خيارات عديدة للمستخدمين فلا تسبب الملل والروتين.
كما يضاف إلى هذه المميزات من وجهة نظر بعض الخبراء، ما يلي:
-إيجاد العلاقات الاجتماعية المناسبة لفئات معينة يتم تجاهلها كثيراً في الواقع الحقيقي، ككبار السن في دور المسنين، أو ذوي الاحتياجات الخاصة في مراكزهم والذين يفتقدون إلى حقيقة التواصل الاجتماعي إلا في حدود قليلة.
– حضور مباريات كرة القدم بشكل خاص له شعور آخر عندما يتم بكامل الانغماس وجو المباراة الحقيقي والذي لا يشبه أبدا متابعة المباراة عبر التلفاز.
– إيجاد الشركاء واختيارهم، كاختيار الزوج أو الزوجة المناسبين في الحياة الواقعية عبر الافتراضية قد تكون ميزة حقيقة يمكن التوصل اليها عبر الواقع الافتراضي من خلال معرفة عميقة للشخصيات واختيار المعايير المناسبة لكل منهما قد تدفع في نهاية المطاف إلى علاقات زوجية ناجحة.
– من المميزات الرائعة كذلك الصور الرمزية المعبرة عن شخصية المستخدم "أفاتار/ Avatar"، حيث تتيح للمستخدم اختيار ما يرغب فيه دون حدود معينة في رسم شخصية تعبر تماماً عن صاحبها.
السلبيات
ومن ناحية أخرى فإن القلق بشأن ما يمكن أن تتسبب به الميتافيرس من السلبيات تتمثل أبرزها في:
-الخصوصية، هي التهديد الأكبر الذي قد تقتحمه ميتافيرس، فلا مكان هناك للاختباء والحفاظ على الجدران المغلقة فبيانات الأشخاص أصبحت ملكاً للجميع شاؤوا أم أبوا، ولكن قد تساعد قوانيين الخصوصية ووجود المعايير الصارمة على الشركات إلى تجنب المشكلات العميقة في هذه النقطة.
- الانعزال، هو الآخر قد يشكل ضرراً حقيقياً على الأفراد والمجتمعات في الواقع المادي، فقد يصبح كل شخص يعيش في عالمه الميتافيرسي وينسى عالمه الواقعي وربما لن يجيد التعامل مع الواقع بمرور الوقت.
- كذلك الخوف من انهيار الأخلاق والتعرض لجرعات عالية من الإباحية والجنس قد تدمر على المدى الطويل مبادئ وأخلاق الجيل، وينشأ بالتالي جيل لا يعلم الفرق بين العلاقات وأيها حلال أو حرام، وهنا يأتي دور كل مربي وتربوي في السباق نحو بناء ثقافة ووعي وإدراك وكذلك بناء ميتافيرس يناسب أخلاق، وتوجهات وثقافة الأمة والوطن.
يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على تويتر