تجاوباً مع حملة «سيدتي» (لا للسمنة)، تواصل معنا عدد ليس بالقليل ممن يعانون من مرض السمنة طالبين مساعدتنا؛ لتخليصهم من سمنتهم، خاصة بعد الحالات التي نجحت «سيدتي» في مدِّ يد العون لها، وبعد قصة الشابة السعودية هيفاء التي نشرناها في عدد سابق وتخليصها من بدانتها. وكان حسن أبوعلي، أحد المتصلين، وقد ناشدنا بتخليصه من معاناته وتغيير حياته، خاصة أنَّ وزنه يبلغ 400 كيلوغرام، ولم يعد يستطيع الخروج من منزله.
«سيدتي» سارعت لزيارة حسن في منزله؛ وكانت عباراته صادمة ومؤثرة: «لا أستطيع أن أنفق على بيتي، وليس بمقدوري إيصال أبنائي للمدرسة، والجلوس معهم لتناول الطعام، بل إنَّني لا أستطيع قضاء حاجتي والعناية بنفسي، إلا إذا كانت زوجتي موجودة، والأسوأ من ذلك أنَّ واجبي كزوج تجاه زوجتي فقدته، فالسمنة أفقدتني نفسي وأهلي وأبنائي، ولم أعد أشعر بطعم الحياة». وعن معاناته يتابع: «أعاني من السمنة منذ عشر سنوات، وسمنتي وراثيَّة وإفراط في الأكل، لكن لا أحد من العائلة وصل وزنه مثلي، خاصة أن طولي لا يزيد عن 164 سنتيمتراً، وأصبحت مقيداً، وفقدت عملي كميكانيكي سيارات، الذي يتطلب الحركة والخفَّة».
أما وعد حسن لزوجته وأبنائه فهو أن يلتزم بحملة "سيدتي" وأن يفقد كل هذا الوزن، وأن يرتدي بذلة العرس ويزف لزوجته من جديد.
أنا وأبنائي نحتاجه
«أتمنى أن أستعيد زوجي»، بهذه الكلمات بدأت زوجة حسن حديثها لنا، والدموع تترقرق في عينيها، وأسرت لنا: «تزوجني وأنا صغيرة، فكان كل عالمي، وأنجبت منه بنتين وولدين، ومازال محور عالمي، فهو ابن عمي، أقوم على رعايته في كل شؤونه، لكن الحمل ثقيل جداً، والأبناء يكبرون، وتكثر طلباتهم ومشاكلهم، خاصَّة أنَّه لم يعد يستطيع القيام بأمور بيته، وأصبحنا بالكامل نعتمد على أهلي وأبناء عمومته ماديَّاً، وإيصال الأبناء إلى المدارس. وكل يوم أشاهد جسمه يتضاعف أكثر، وتكثر مشاكله، وأخشى أن أفقده، أشعر بغصَّة في حلقي، ويعتريني الألم عندما أشاهد باقي النساء مع أزواجهن في الأسواق أو الحدائق، وأنا زوجي يقبع مرغماً عنه بسبب ثقله في المنزل، وأبنائي يحتاجون إلى أب».
أحلام الأسرة
التقت «سيدتي» أبناء حسن، وكلهم كانوا يحلمون باليوم الذي يجدون فيه أباهم حقيقة، فقال علي، ابنه الأكبر، (12 عاماً) إنَّه يتمنى أن يلعب أبوه معه الكرة ويحاوره، بينما تمنى خالد (10 أعوام) أن يوصله إلى المدرسة كباقي أصدقائه، أما الشقيقتان فتحلمان بأن تؤديا العمرة مع أبيهما. أما أم يحيى، والدة زوجة حسن، فقد أوضحت الحالة قائلة: «حسن ابني قبل أن يكون زوج ابنتي، فقد احتضنته وعمره ثلاث سنوات عندما فقد والديه، وفي كل صلاة أدعو له بأن يعود كما كان؛ ليقوم بشؤون بيته، فابنتي، زوجة حسن، أصبحت تقوم بدور الزوج والزوجة، وهذا أمر يجعلني أفخر بها، لكن في الوقت نفسه أشعر بالحزن عليها، فهي مازالت صبيَّة، لها مطالبها وحقوقها، ولديها أبناء يكبرون ويحتاجون إلى رجل يدير شؤونهم، فهي في النهاية امرأة ضعيفة، فأتمنى أن يطمئن قلبي على حسن وبيته قبل أن يوافيني الأجل».
حالة صعبة وخطة ثلاثية
الدكتور صالح الدقل، وبعد معاينة حسن منزلياً، أوضح أنَّه يعتبر من الحالات الصعبة، ولابد أن توضع له خطة علاجيَّة من ثلاث مراحل، والمعتاد أن تبدأ المرحلة الأولى من العلاج في المستشفى، وهي مرحلة ما قبل العمليَّة، حيث يتم معاينة المريض طبياً ونفسياً، وتأهيله غذائياً ومن حيث لياقته للعمليَّة، والهدف من تأهيل المريض هو إنقاص ما يقارب 10% من وزنه، حتى تكون العمليَّة آمنة، وتجنب أي مضاعفات، ومثل حالة حسن تحتاج إلى مستشفى تملك إمكانات معيَّنة، قد يصعب توفرها في أي مستشفى، مثل سرير مخصص يتحمل وزن ٥٠٠ كيلوغرام في غرفة المريض، وغرفة العمليات والأشعة، وحتى المصاعد وأبواب الغرف تكون خاصة، وواسعة، وتجهيزات لرفع ونقل المريض، وهي مكلفة جداً، كما يحتاج المريض للبقاء في المستشفى من شهر إلى ٣ أشهر.
"سيدتي" تجد حلاً
حملة سيدتي لا للسمنة بالتعاون مع فريق «زادكم التطوعي»، ابتكرت طريقة جديدة لعلاج مثل حالة حسن؛ تتمثل بعلاج المريض في المرحلة الأولى في المنزل، وهي طريقة جديدة، والأولى من نوعها في العالم، سوف تفتح آفاقاً جديدة لعلاج مثل هذه الحالات من دون تجهيز المستشفيات بإمكانات مكلفة أو حجز سرير لفترة طويلة. وتتلخص الطريقة في معاينة طبيَّة ونفسيَّة للمريض في المنزل، وعمل حمية غذائيَّة وتمارين لياقة في المنزل، وتهيئة أهل المريض للمتابعة تحت إشراف طبي كامل، ويتخلل ذلك زيارة أسبوعيَّة للمريض من قبل طبيب التغذية والتأهيل اللياقي، وبعد انتهاء المرحلة الأولى من العلاج في المنزل يتوقع أن يخسر المريض 10% من وزنه في مدة تتراوح ما بين شهر إلى شهرين، بعدها سيتم نقله إلى المستشفى؛ لإجراء التحاليل اللازمة وإجراء العمليَّة.
اختصاصيَّة التغذية
نهى مخلص بوقس، اختصاصيَّة تغذية بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز، ومشرفة التغذية العلاجيَّة في فريق التغذية التطوعي (زادكم)، أوضحت بقولها: بعد الاطلاع على حالة حسن اتضح أنَّه يتبع نظاماً غذائياً خاطئاً، بل ويعتبر أحد الأسباب الرئيسة لتدهور حالته، ويتلخص ذلك فيما يلي:
المريض يعتمد في غذائه على الأطعمة المقليَّة.
يتناول كميَّة كبيرة جداَ من النشويات، خاصة في وجبة العشاء.
يفضل الأطعمة المملحة.
لا يتناول الخضراوات أبداً، وأطلق على نفسه مسمى «عدو الخضراوات».
يستهلك من 8-9 علب من المشروبات الغازيَّة يومياً، وهذه تحتوي على كميات عالية جداً من السكريات.
يستهلك كميَّات من الشوكولاته، وهي عالية السعرات الحراريَّة.
الدهون والزبد أساس في عمليَّة الطهي.
يضيف ملعقة طعام ونصف ملعقة من السكر على كل كوب شاي يتناوله، أي ما يقارب 25 غراماً من السكر.
يعتمد في وجباته اليوميَّة على وجبتين أساسيتين فقط، وغالباً ما تكون وجبة العشاء هي الوجبة الدسمة.
الخطة العلاجيَّة قبل إجراء العمليَّة:
حالة المريض تتطلب خفض 10% من وزنه، والخطة العلاجيَّة ستكون كالتالي:
تغيير العادات الغذائيَّة الخاطئة التي يمارسها المريض تدريجياً.
إدراج المريض على حمية غذائيَّة عالية الألياف قليلة الدهون.
ومن ثم إدراجه تحت حمية منخفضة السعرات الحراريَّة ومتابعته أسبوعياً.
ترقبوا ما سيحصل مع حسن وكيف سيخسر وزنه، وكذلك ما سيقوله قبل دخوله العملية
شاركونا برأيكم وساندوا حسن عبر الهاشتاق: #كلنا_معك_حسن
المزيد:
الطفلة "لينا" نموذج إيجابي للتغذية الصحية