إذا استطاع الإنسان بسهولة التعبير عن المشاعر؛ التي تنابه فإن هذا سيكون في صالحه، فالمشاعر المكبوتة تثقل كاهل الإنسان، حتى لو كانت مشاعر جيدة، فالمشاعر الجيدة إذا لم يجد الإنسان من يشاركه إياها أو يستطيع التعبير عنها؛ شعر بالوحدة والكثير من المشاعر السيئة الأخرى، لذلك لا بد أن يمتلك الإنسان مهارة التعبير عن المشاعر بأي طريقة ممكنة.
تختلف الطرق من شخص لآخر، فهناك شخص يستطيع التعبير عن مشاعره بالحديث، وشخص آخر بالكتابة، أو بلغة الجسد أو الإشارة، فالأشخاص مختلفون في كل شيء حتى طرق التعبير عن المشاعر، حتى لو كانت المشاعر في ماهيتها بين الأشخاص واحدة، إلا أن طريقة التفاعل تختلف، طريقة التفاعل داخليّاً وخارجيّاً، فالتفاعل من الداخل يكون عبارة عن استقبال الإنسان لهذه المشاعر وتعامله معها والتفاعل خارجيّاً يكون نتيجة محتمة لذلك، ولكن هناك أشخاص لا يستطيعون إبداء مشاعرهم الداخلية، وهذا نوع آخر أيضاً من التعبير لا يمكن الإغفال عنه.
تقول الدكتورة أميرة حبارير، الخبيرة النفسية لـ«سيدتي»: حتى يستطيع الإنسان التفاعل مع مشاعره داخليّاً وخارجيّاً، لا بد أن يتصالح مع نفسه ويكون واعياً بذاته بشكل أكبر، والوعي بالذات من أكثر الأشياء التي تساعد الإنسان على التعامل مع الكثير من الأحداث والأزمات والصدمات، والمشاعر المضطربة التي تصاحب هذه المتغيرات، والتعبير عن المشاعر بمساعدة الوعي الذاتي بالنفس، يكون من خلال بعض الخطوات الداخلية:
خطوات التعبير عن المشاعر
بالتصالح مع المشاعر: أولى الخطوات المعنوية أو الداخلية التي تسهل عملية التعبير عن المشاعر هي التصالح مع المشاعر من الأساس، أو بالأحرى الصدق مع النفس في إدراك هذه المشاعر بالفعل وعدم التماهي؛ لأجل إخفاء هذه المشاعر، فالمشاعر المختلفة التي يشعر بها الإنسان جراء حدث ما ليست عاراً.
هي شيء داخلي وحقيقي لا يجب أن يتجنبه الإنسان، ولن يستطيع الإنسان التعبير عن مشاعره إلى إذا تقبل أن لديه مشاعر من الأساس، سواء كانت صحيحة أو خاطئة، فهي موجودة بالفعل، فمثلاً إذا شعرت بشيء ما، لا تغضب من نفسك بل ردد داخلك أن هذه هي الطريقة التي تشعر بها، وهي في كل الأحوال مقبولة، لذلك لا بد أن تبدأ بالتقبل والتصالح؛ لأن هذه أولى الخطوات للتعبير وكسر حاجز الرهبة.
- التعامل بطريقة إيجابية
التعامل بإيجابية المقصود به عدم الضجر والتذمر من مشاعر غضب أو توتر أو ما شابه، حتى لو أخذت وقتاً كثيراً في التفكير في ماهية هذا وكيفية التعامل لكن في النهاية أنت تعاملت بإيجابية دون تذمر ودون جلد للذات دون ضرورة، النفس تحتاج إلى ترويض فكن ذكيّاً في ترويض نفسك.
-استخدام الحديث الإيجابي مع النفس:
هل حاولت يوماً أن تعامل نفسك كإنسان يعيش معك في نفس الجسم أو البيت وتطرح عليها الأسئلة وتنشئ علاقة وطيدة بينك وبينها، إذا كانت الإجابة بـ«لا»، فإنك تهدر شيئاً ثميناً لن تدرك قيمته إلا بعد فوات الأوان.
الحديث مع النفس وتوجيه الأسئلة لها وإجراء أحاديث مختلفة معها من أكثر الأشياء التي تحفز على التعبير عن المشاعر والأفكار، ولكن من الممكن أن تكون هذه الأحاديث سلبية، وهذا خطر على الإنسان، لذلك لا بد من وقف الأسئلة السلبية والحوارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل يجب التركيز على الأحاديث التي تطور من الإنسان ومهاراته في الحياة، ولكن مع نفسه أولاً.
- معرفة كيفية تفاعل الجسد مع المشاعر:
إن المشاعر مدفوعة بالعواطف التي يتحكم بها العقل، ونتيجة للمشاعر والعواطف يتفاعل الجسم بطرق مختلفة باختلاف الإنسان، فمن الممكن إذا شعرت بالتوتر أن تتعرق ولا تستطيع الكلام، أو إذا شعرت بالحرج يصبح وجهك دافئاً وعندما تغضب يدق قلبك بشدة، إذا لاحظت كل هذه التغييرات ودونتها، وأدركتها جيّداً، فأنت بذلك على الطريق الصحيح، فالتعرف إلى المشاعر والتعبير عنها سيأتي من هذا من معرفة تفاعل جسدك مع المشاعر، وبالتالي معرفة المشاعر فور حدوثها.
- تعلم مفردات المشاعر:
إن الإنسان لا يستطيع التعبير عن شيء دون كلمات مناسبة للموقف الذي يكون فيه، يكون هذا من الصعوبة، بمكانة لذلك فكرة الحصيلة اللغوية المناسبة للمواقف الشعورية المحددة لمن أكثر الأشياء التي تساعد على عملية التعبير عن المشاعر والأفكار، ومن هذه الكلمات ما يصلح للمشاعر العامة، ومنها ما هو للمشاعر الخاصة مثل جيد وممتن ومبتهج أو أن الإنسان غاضب أو يشعر بالغضب وهكذا.
- استخدام كلمة أنا:
استخدام كلمة أنا تعني القوة، حيث عند التعبير عن مشاعرك لشخص ما باستخدام كلمة أنا، فإنها تدل على القوة كما أنها تعزز الاتصال بينك وبين الآخر وتجعل الشخص الآخر يشعر بمدى خطئه، فاستخدام تعبير مثل أنت تجعلني أشعر يشعر الشخص الآخر بالندم والحزن على أنه أخطأ في حقك، لذلك حاول أن تستخدم كلمة أنا كثيراً في كلامك وعند التعبير؛ حتى تشعر بأنك في موقف قوة وليس في موقف صعب يمكنك من خلاله التعبير عن كل ما يدور في خاطرك.
- البدء بالحديث عن مشاعرك مع الآخرين:
البدء بالحديث عن مشاعرك مع الآخرين من أوائل الخطوات التي يجب أن تأخذها لتتحلى بالشجاعة وتعبر، ولكن قبل البدء بالحديث يمكنك القيام ببعض الحديث الإيجابي، وبث أشياء لطيفة خاصة بالشخص الذي تتحدث معه، ثم بعد ذلك ابدأ في سرد مشاعرك الغاضبة والموترة وكل هذه الأشياء، فأنت بهذا قد أصبحت آمناً في الحديث.
- التواصل مع الآخرين بوضوح:
عندما تقرر الإفصاح عن مشاعرك لا تفصح عنها إلا بين مجموعة تثق بهم من أقاربك وزملائك أو أصدقائك؛ حتى لا تشعر بالحرج، ثم ابدأ بالتعبير واستخدم كلمات واضحه تعبر عما تشعر به حقّاً مثل أنا غاضب أو أنا سعيد، سيساعدك أحبابك بوجهات نظرهم في المواقف المختلفة، التي لا تستطيع أن تأخذ موقفاً منها وهذا مفيد فيما بعد.
- الإنصات للآخرين عند التحدث:
التحدث والتعبير عملية ذات اتجاهين، متحدث ومنصت، لذلك عندما يتحدث الآخرون لا بد أن تنصت جيّداً، وتظهر هذا من خلال إيماءتك أثناء الحديث؛ حتى يشعر الشخص بأنك كلك معه، وحتى يفعل هذا أيضاً معك دون تكلف أو انتظار مقابل.