اكتشف علماء فلك مؤخرًا أكبر الثقوب السوداء المعروفة حتى الآن، حيث بلغت كتلته 30 مليار مرة كتلة شمسنا، ويُعد الثقب هو الأضخم على الإطلاق والذي تمكن العلماء من رؤيته ورصده وتحديد مقاساته.
• ثقب حجمه 8000 مرة حجم الثقب الأسود بمجرة درب التبانة
حسب موقع dailymail.co.uk، فقد نجح علماء الفلك والباحثين من جامعة دورهام durham.ac.uk، وهي جامعة عامة بحثية في درم بإنجلترا، في رصد أقوى ثقب أسود وهو أكبر الثقوب السوداء المعروفة حتى الآن، حيث يعتقد علماء الفلك أن الثقب الأسود العملاق يبلغ 8000 مرة حجم الثقب الأسود الموجود في قلب مجرة درب التبانة، ويتخطى حجم الشمس بأكثر من 30 مليار مرة.
وكشفت الدراسة والتي نُشرت هذا الأسبوع في دورية Monthly Notices of the Royal Astronomical Society. البريطانية على موقعها academic.oup.com، أن هذا الثقب تم تحديد خصائصه بفضل تقنية هامة للرصد وهي " GRAVITATIONAL LENSING" وهي المرة الأولى التي يتم الرصد بهذه الطريقة.
تقنية GRAVITATIONAL LENSING: هي ظاهرة يحدث فيها انعكاس الجاذبية عندما تنحني مجرة ضخمة أو مجموعة من المجرات فتعكس الضوء المنبعث من مجرة أبعد، وهذا يشكل صورة مكبرة للغاية، وعلى الرغم من وجود تشويهات بهذه الصورة نتيجة أن الأجسام الضخمة تنحرف في الزمكان (الزمان والمكان) من حولها، مما يجعل الضوء ينتقل في مسار مختلف.
وهذه الظاهرة ناتجة عن وجود جسم كبير جداً، كمجرة أو ثقب أسود ضخم، لدرجة أنّه يحرّف الزمكان، فينحرف تالياً الضوء المنبعث من مصدر بعيد عندما يمر بقرب هذا الجسم، وعلى الرغم من أنّ مراقبة المجرات مسألة ممكنة، إلا أنه يتعذر رصد ثقب أسود، لأنه يتميز بكثافته لدرجة أنّ الضوء لا يستطيع الانفلات منه، مما يجعله غير مرئي، وقد تم اقتراح هذه النظرية لأول مرة من قبل أينشتاين في نظريته عن النسبية العامة.
• تحديد مقاسات الثقب الأسود
وفقًا لموقع bbc.co.uk، فقد تمكن العلماء من تحديد مقاسات الثقب الأسود بفضل هذه التقنية الجديدة والتي يُتوقَع أن تساهم في معرفة المزيد عن الآلاف من هذه الكتل الكونية العملاقة التي يُنتظَر اكتشافها في السنوات المقبلة.
وقد استطاعت تقنية "GRAVITATIONAL LENSING" رصد المجرة، والتي تبعد مئات الملايين من السنين الضوئية من الأرض، وفحص الثقب الأسود فائق الكتلة في قلبها.
(الثقوب السوداء هي مناطق موجودة في الزمكان تتميز بجاذبية قوية جداً بحيث لا يمكن لأي شيء - ولا حتى الجسيمات أو موجات الإشعاع الكهرومغناطيسي مثل الضوء - الإفلات منها. تتنبأ النظرية النسبية العامة بأنه يمكن لكتلة مضغوطة بقدر معين أن تشوه الزمكان لتشكيل الثقوب السوداء، كما أن الـ GRAVITATIONAL LENSING ترصد انعكاس الضوء على الضوء المنبعث من مجرة ضخمة.)
• رصد ضوء مجرة تقع خلف الثقب الأسود
من ناحيته أكد عالم الفلك في جامعة دورهام البريطانية ومعد الدراسة الأساسي جيمس نايتينغيل لـ dailymail.co.uk ، إن علماء الفلك كانوا هذه المرة "محظوظين جداً"، وتمكنوا من رصد ضوء مجرة تقع خلف الثقب الأسود، يبدو أن مساره انحرف بفعل وجود الثقب الأسود، على بعد حوالي ملياري سنة ضوئية من الأرض، لافتًا أن معظم الثقوب السوداء الكبيرة التي نعرفها تسخن فيها المادة التي يتم سحبها بالقرب من الثقب الأسود لتطلق الطاقة الكامنة على شكل ضوء وأشعة سينية وإشعاعات أخرى، على أن معظم المجرات إن لم يكن كلها، يكون بها ثقوبا سوداء في وسطها، بما في ذلك مجرتنا درب التبانة، وعندما تندمج المجرات، "تغرق" ثقوبها في منتصف المجرة المتكونة حديثًا وتنضم في النهاية بعض الأجزاء المتداخلة مع بعضها البعض وكذلك بعض من المكونات والزمان بشكل كبير.
• كيف يتم رصد الثقوب السوداء
ولرصد وجود الثقوب السوداء يظل من الضروري مراقبة انبعاثات الطاقة التي تنتجها عن طريق ابتلاع المادة التي تقترب منها كثيرا، أو من خلال ملاحظة تأثيرها على مسار النجوم التي تدور حولها.
وأكد نايتينغيل أن هذه التقنية "عدسة الجاذبية" جعلت من الممكن دراسة الثقوب السوداء القريبة بما يكفي من الأرض، وهو أمر غير ممكن في المجرات البعيدة، ويأمل فريق الباحثين أن تكون هذه هي الخطوة الأولى في رصد واستكشاف أسرار الثقوب السوداء، وأن تكون هذه الخطوة واسعة النطاق بالمستقبل للتعرف على أسرار الكون، حيث تتيح تقنية "عدسة الجاذبية" لعلماء الفلك" اكتشاف ثقوب سوداء في 99 في المئة من المجرات التي تتعذر مراقبتها حالياً" من خلال اجهزة الرصد التقليدية.
يذكر أن الاكتشاف الذي توصل إليه جيمس نايتينغيل وزملاؤه استند إلى عمليات محاكاة حاسوبية وصور التقتها تلسكوب "هابل" الفضائي، وكان تلسكوب هابل يرصد تسريبا فى الثقب الأسود لمجرة درب التبانة
مؤخرًا، ومن شأن عمليات الرصد هذه أن تؤكد وتفسر تلك التي أجراها قبل 18 سنة عالم الفلك في جامعة دورهام ألستر إيدج الذي كان يشتبه في وجود ثقب أسود وسط مجرة أبيل 1201، حيث يقول الخبراء إن أكبر الثقوب ظهرت على أنها "جزء من نماذج تكوين المجرات وتطورها" وهو ما يتيح بالمستقبل التوصل لتفسير كثير من الظواهر الكونية وكيف نشأت.