صلاة التراويح من شعائر الإسلام العظيمة التي تُؤدّى في شهر رمضان المبارك، وهي من الصلوات الجماعية، وهي مشروعة بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وصلاة التراويح من السنن المؤكدة، وتُعد من أعظم وأجلّ العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه في شهر رمضان المعظم، ونحو التعرف على صلاة التراويح وفضلها وكيفية تأديتها. "سيدتي. نت" التقى فضيلة الشيخ السيد عسيلي الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف المصرية ومن علماء الأزهر الشريف في الحوار التالي..
-
صلاة التراويح صلاة رمضانية تُؤدى كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك
يقول الشيخ السيد عسيلي لـ"سيدتي. نت": الحمد لله وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا هو، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد، فصلاة التراويح أو صلاة القيام في رمضان هي صلاة في الإسلام وحكمها سنة مؤكدة للرجال والنساء، وتؤدى في كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك من بعد صلاة العشاء، ويستمر وقتها إلى قبيل الفجر، ولها أجر عظيم، كما أخبرنا سيد الخلق صل الله عليه وسلم "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر". ومن ثم فغفران الذنوب ومحو الخطايا ونيْل الرحمات والبركات أجر قيام ليلة لمن صلاها مع الإمام وبقي معه حتى ينصرف.
وقد شُرِعت صلاة التراويح في آخر عهد سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وكانت بداية الأمر جماعة، لحديث عائشة رضي الله عنها أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) صلّاها بالناس ثلاث مرّات، وفي اليوم الرابع لم يخرج إليهم، فسأله بعض أصحابه عن ذلك، فقال: «خَشِيتُ أنْ تُفْتَرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والأمْرُ علَى ذلكَ»، ومن هنا رجّح بعض أهل العلم والمحققين أنّ صلاة التراويح شُرعت في آخر سنوات الهجرة؛ لعدم وجود أحاديث أو روايات تذكرُ أنّ النبيّ صلّاها جماعة بعد ذلك.
- لماذا سميت صلاة التراويح بهذا الاسم؟
سميت صلاة التراويح بهذا الاسم لأن المصلين يجلسون للاستراحة فيها بعد كل أربع ركعات، واتفق الفقهاء على مشروعية هذه الاستراحة لورودها عن السلف، كما ذهب الحنفية إلى أن الاستراحة مندوب، ويرى الحنابلة بجواز ترك الاستراحة بعد كل أربع ركعات، ولا يسنّ لمن جلس للاستراحة أن يدعو بدعاء معين.
- متى نصلي التراويح؟
وتصلى التراويح بعد ثبوت رؤية هلال شهر رمضان المعظم في كل ليلة من ليالي هذا الشهر الكريم من بعد صلاة العشاء وقبل صلاة الوتر لأنها سنة تابعة للعشاء، ويمتد وقتها إلى قبل طلوع الفجر لفعل الصحابة.
- ما عدد ركعات صلاة التراويح؟
وعن عدد ركعات صلاة التراويح يقول الشيخ عسيلي من الأفضل أن تصلي صلاة التراويح إحدى عشرة ركعة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم تيسيراً على الأمة، لكن من زاد على ذلك فهو جائز وتراعى في ذلك أحوال الناس واستطاعتهم، لهذا أجمع العلماء على عدم حصر صلاة التراويح في عدد معين إلا أنهم اختلفوا في الزيادة وعدمها، فذهب الشافعي وأبو حنيفة وأحمد وسفيان الثوري وابن المبارك إلى أنها عشرون ركعة لفعل عمر وعلي رضي الله عنهما، وله أن يصليها ستاً وثلاثين ركعة كما هو مشهور في مذهب الإمام مالك وكما صلاها عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه.
- متى شرعت صلاة التراويح؟ ولماذا؟
وأما عن مشروعية صلاة التراويح يقول الشيخ عسيلي شُرعت في العام الثاني من الهجرة، وكان قيام الليل فريضة على الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى وما ترك الرسول (صلى الله عليه وسلم) ليلة قط إلا أن يصلي، وكان إذا دخل رمضان حرص أن يصلي في ليله وفي إحدى المرات خرج إلى المسجد ليصلي فلما رآه أحد الصحابة قاموا بالصلاة خلفه، ومن هنا كانت البداية لما أسميناه بالتراويح، فخرج في اليوم التالي ووجد الصحابة متهيئين؛ لكي يصلوا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- فصلوا معه وأتى اليوم الثالث فلم يخرج الرسول صلى الله عليه وسلم وقال خفت أن تُفرض عليكم، وهذه الصلاة شُرعت لغفران الذنوب ومرضاة لعلام الغيوب.
- هل نصلي صلاة التراويح في جماعة؟ وهل يمكن أن يصليها الفرد منفرداً دون الجماعة؟
يقول الشيخ عسيلي صلاة التراويح كما قلنا سنة مؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقوله: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وقال أيضاً: "إن الله فرض عليكم صيام نهار رمضان وسنَّ لكم قيامه". وصلاة التراويح تؤدى فرادى أو جماعات، وتؤدى في المسجد أو في غير المسجد أي في أي مكان طاهر لقوله صلى الله عليه وسلم "وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً".
- كيف نصلي التراويح؟
يقول الشيخ العسيلي: صلاة التراويح تؤدى ركعتان جهريتان، وتؤدى بأي عدد فليس هناك عدد ملزم، فالرسول صلى الله عليه وسلم أدى ثماني ركعات وسيدنا عمر بن الخطاب عشرين ركعة، وسيدنا عمر بن عبد العزيز ستاً وثلاثين ركعة، وهنا تترك حسب الظروف، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) طوال تسعة أعوام من مشروعية صلاة التراويح أي منذ السنة الثانية من الهجرة وحتى وفاته في أحد عشر من الهجرة أدى بمفرده في حجرته عدا ليلتين فقط خرج إلى المسجد دون أن يدعو الناس، ختم بذاك جماعة ولم يخرج عليهم في الليلة الثالثة خشية أن تفرض عليهم، كما قلنا سابقاً، واستقر الحال إلى أن جاءت خلافة سيدنا أبي بكر الصديق فشُغل الناس بجمع القرآن ومقاومة المرتدين فلم تصل التراويح جماعة في المسجد، ولما جاءت خلافة الفاروق رضي الله عنه دخل المسجد في ليلة من ليالي رمضان فوجد عدة جماعات في المسجد فجمع الناس على إمام واحد وهو سيدنا أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه لأنه كان ندي الصوت وهو أقرأ الأمة الإسلامية لكتاب الله كما أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم)، وظل الأمر على هذا وتعارف الناس على أنها تؤدى في المسجد وفي جماعة واستحدث ختم القرآن الكريم كاملاً في صلاة التراويح ببعض المساجد، واستحدث أيضاً دعاء القنوت المطول كما يُفعل بالمساجد الكبرى في كثير من الدول الإسلامية، ويمكنك التعرف على مشروعية إقامة صلاة التراويح من المنزل ومدى جوازها..
بالنهاية يدعو الشيخ الكريم: "أسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يجعلنا ممن قام هذا الشهر الكريم إيماناً واحتساباً، وكل عام والأمة الإسلامية بكل خير.".