عندما يبدأ الشخص في التفكير فيما يريد الحصول عليه من هذه الحياة، فإنه عاجلاً أم آجلاً يصل إلى استنتاج مفاده أن الخيار واضح تماماً:( العائلة والمال)إنشاء عائلة قوية أو تحقيق إنجازات غير مسبوقة في بعض الأعمال. ويمكننا أن نقول بصراحة إن المحظوظين النادرين فقط في الحياة يمكنهم تحقيق كليهما. لكن ماذا عليك أن تختار احداهما فماذا تختار، المال أم العائلة؟
بعد كل شيء، حتى خلف شاشة الثروة والنجاح، يختبئ الناس الذين لم يتمكنوا من ترتيب حياتهم الشخصية. تقول الدكتورة آمال إبراهيم خبيرة الأسرة لسيدتي :هل صحيح أن المال أقوى من الحب وتكوين الأسرة ؟ وهل صحيح أن التطورات التكنولوجية قضت على المشاعر والرومانسية وباتت المفاهيم المادية مسيطرة على العلاقات العاطفية؟
اختيارات صعبة في الحياة
لا شك في أن مفهوم الحب تبدل كثيراً في الآونة الأخيرة، بحيث بات يرتبط لسوء الحظ بالمغريات الماديّة والمظاهر الخارجيّة. ولا شك في أن الوضع المادي بات مهماً جداً لتحفيز الثنائي وتشجيعه على الاستمرار في العلاقة.
فهل باتت المسائل المادية أقوى من العائلة و المشاعر والأحاسيس؟ نعم إذا كانت العلاقة بين الثنائي ضعيفة أصلاً وغير مستقرة، بحيث تضعف وتهوي أمام أول عقبة. لكن هل يستطيع المال حماية الحب من الانهيار؟ أو هل يستطيع المال شراء الحب؟ طبعاً لا. فالحب لا يشترى ولا يباع، والأحاسيس أقوى من الماديات...
حب مادي سريع الانهيار عندما يرتبط الحبّ بالمال، سيفضي حتماً إلى علاقة ذات قواعد فوضوية وعشوائية، بحيث لا يسعى الشريك إلى بذل أي عناء أو جهد للوصول إلى قلب الحبيب لأن المال كفيل برأيه بتحقيق هذا المراد.
وعندما يكون الارتباط سهل المنال، فإن الانفصال سيكون سهلاً أيضاً. فالعلاقة العاطفية المرتكزة حصراً على المادة، من دون أية مشاعر صادقة أو حب حقيقي، ستنهار حتماً فور حصول أي نقص في المال أو الموارد المادية، فيكون الطلاق أو الانفصال مصير العلاقة.
المال لا يبني حبّاً عندما يرتبط الحب بالمال، ينتهي هذا الحب ويحصل الانفصال فور حصول تراجع في الإمكانات المادية. فالمال لا يبني حباً، بل يفضي في أحسن الأحوال إلى علاقة مصطنعة كفيلة بالانهيار أمام أول عقبة.
لذا، عندما يرغب أحد الطرفين في التأسيس لعلاقة طويلة الأمد وبالتالي التأكد من صدق مشاعر الطرف الآخر، بصرف النظر عن أحواله المادية، يعمد إلى إخفاء وضعه المادي الحقيقي بحيث يختبر مشاعر الشخص الآخر من دون أي تأثير للماديات.
العلاقة المادية مغامرة خطرة عندما يستخدم المال كوسيلة للتقرب من شخص آخر، ولاسيما في العلاقات العاطفية، يمكن القول إن هذا الشخص "يشتري" الآخر بطريقة ما. لكن الحب الحقيقي لا يشترى بالمال، ويمكن أن يكون الحب حقيقياً وصادقاً ومتيناً جداً حتى لو كان الوضع المادي سيئاً جداً. وعلى العكس، قد لا تتمكن الثروات الطائلة من شراء حب شخص ما، لأن هذا الشخص يبحث ببساطة عن القيم الأخلاقية والمشاعر الرومانسية.
لذا، يمكن القول إن العلاقة العاطفية التي تنشأ بين شخصين على أسس مادية هي بمثابة مغامرة محفوفة بالمخاطر ويمكن أن تنتهي بطريقة بشعة لأن الحب مسألة روحية سامية لا تشترى بالمادة.
الاختيار الصحيح بين أشخاص تحركهم العاطفة وأخرى الرغبة
العائلة والمال .. يتحكم الأمران في الكثير من قراراتنا بشكل كبير، ما بين أشخاص تحركهم العاطفة وآخرين تحركهم الرغبة في الثروة وامتلاك المال.
-فالطرف الأول يري أنه ليس من السهل العثور على الحب، فالحب فوق أي شيء في العالم، فهو عاطفة يمكن أن تكون أبدية، في حين أن المال هو مجرد سعادة مؤقتة، يمكنك شراء الأشياء، والسفر إلى أي مكان، لكن لا يمكنه أبداً شراء الحب.
-فيما يري الطرف الثاني أن الحب قد يضيع وينتهي أمام الضغوط المادية أو الفقر، وهو ما يتطلب أن يراعي اختيارنا الجوانب المادية، فالحب لا يمكنه أن يشبع البطن أو يلبي احتياجاتنا الإنسانية، وهو ما دفعنا لسؤال عدد من البنات عن رأيهن في اختيار شريك الحياة الحب أم المال؟
مشروع بحثى نشرته إحدى المجلات العلمية الاجتماعية بالولايات المتحدة تطلب سؤال أكثر من 4000 فرد من مختلف الأعمار ومستويات الدخل والمهنة والحالة الاجتماعية والنفسية أيضاً عن الأسباب التى تحقق الرضا للإنسان فى الحياة؟ حيث أظهرت الدراسة أن معظم الناس يرون أن قيمة المال تأتى على أعلى القائمة، وأن 64% من الأفراد الذين جرى البحث عليهم فضلوا قيمة المال عن قيمة الوقت.. وعندما تم السؤال عن مستوى سعادتهم أظهر البحث أن الأفراد الذين يفضلون قيمة الوقت هم الأكثر سعادة فى الحياة عن الذين يفضلون قيمة المال.
ولأن أبحاثاً عديدة أيضاً أظهرت أن المزيد من الدخل يرتبط ارتباطاً إيجابياً بالسعادة، لذا فإن البحث أراد التأكيد أن الدراسة لا تستطيع أن تجزم أيهما أفضل (المال أو الوقت) لتحقيق السعادة بل تؤكد أن الأفراد الذين يفضلون قيمة الوقت يرتبط مفهومهم بالتفرقة والمعرفة الجيدة بين معنى الحاجات ومعنى الاحتياجات (Wants & Needs) وهما نوعان من الإنفاق يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بمستوى ومفهوم السعادة. ولذا فى حالة رغبتك فى اختبار اختيارك وقمت بانتقاء قيمة المال فلا تنزعج، حيث أظهر البحث بعد عام من إجرائه أن 25% من الأفراد الذين جرى البحث عليهم قاموا بتغيير رأيهم، مؤكدين أن السعى للسعادة يحتاج فى كثير من الأحيان للمواجهة واتخاذ القرارات والاختيارات المناسبة للموقف.