فنانة امتلكت وجهاً ملائكياً وابتسامةً رقيقةً تحمل طيبة القلب ونقائه، طباعها هادئة وأداؤها طبيعي، وجمالها برّاق. كانت إحدى نجمات وبطلات دراما التسعينيات. إنها الفنانة الراحلة فايزة كمال التي أحبها الجمهور وكأنها واحدة من عائلته في مسلسلات "المال والبنون، ورأفت الهجان، وأولاد الأكابر، والإمام ابن حزم، وأبو حنيفة النعمان، ونسر الشرق، والإمام الغزالي" وغيرها من الأعمال.
وقدمت أيضاً على المسرح "الملك هو الملك، ولولي" وآخر أعمالها للمسرح كانت "سي علي وتابعه قفه". وفي 26 مايو عام 2014، رحلت الفنانة فايزة كمال بعد صراع مع مرض السرطان، تاركة ليلى 13عاماً ويوسف 16عاماً وزوجها المحب المخرج المسرحي مراد منير، الذي ربطت بينهما قصة حب أثناء مسرحية "الملك هو الملك" التي أخرجها ليتزوجها ويظل هذا الحب الذي غمرت به فايزة كمال أسرتها يعيش حتى الآن بينهم.
إبناها ورثا الفن، يوسف أحب الإخراج من والده المخرج مراد منير وأحب التمثيل من والدته فايزة كمال، وليلى أيضاً أحبت التمثيل من والدتها. وهما الآن يعرضان أولى تجاربهما الاحترافية المسرحية على المسرح العائم، رائعة نجيب سرور "ياسين وبهية"، حيث تمثل ليلى دور الراوية، ويمثل يوسف ويخرج المسرحية. فيوسف خريج المعهد العالي للفنون المسرحية تمثيلاً وإخراجاً. وليلى في السنة النهائية في كلية إعلام جامعة القاهرة.
"سيدتي" التقتهما بعد النجاح الكبير لليالي العرض المسرحي الأولى، لتجري معهما حواراً عن الراحلة فايزة كمال، حيث تواكب ذكرى رحيلها التاسعة نجاح أول مسرحية لابنيها يوسف وليلى.
روح فايزة كمال تملأ منزلها المليء بصورها الجميلة، استقبلنا يوسف بابتسامته التي تشبه فايزة كمال، وليلى برقّتها وجمالها التي تشبه والدتها، رحبا بنا بادرتهما بسؤالي:
بعد النجاح الكبير لأول تجربة مسرحية لكما كمحترفين لو كانت فايزة كمال بين الحاضرين كيف ستكون تهنئتها لكما؟
يوسف: كنا نتمنى أن تكون أمي بين الحاضرين، ستكون سعادتها كبيرة بنجاحنا، فمشاعرها تظهر على وجهها بشكل كبير وستكون فخورة بنا جداً.
يوسف.. هل كان لديك ميول للتمثيل منذ طفولتك وحب للمسرح؟
أحببت المسرح من أبي المخرج المسرحي الكبير مراد منير، وأحببت التمثيل من أمي، فقد كنت أذهب مع أبي وأمي إلى المسرح، وأتذكر أنني أثناء عرض "الملك هو الملك" بطولة أمي ومحمد منير وصلاح السعدني وإخراج أبي، أنني كنت أشاهد أمي وهي تمثل ومحمد منير يغني، وكنت أراها عندما تدخل المسرح تتحول لشخصية أخرى، تنادي أبي "يا أستاذ مراد"، فهي كانت ملتزمة جداً ومطيعة جداً كممثلة، تذهب إلى المسرح مذاكرة دورها جيداً، وتكون شخصية أخرى على المسرح. أما أبي فقد تعلمت منه أصول المسرح وأصول العمل في هذا الصرح الكبير، تعلمت الجدية في المسرح من أبي وأمي.
ليلى.. هل أحببت التمثيل من والدتك الفنانة فايزة كمال ؟
أتذكر أيامي مع أمي في كواليس مسلسلاتها التليفزيونية، وذهابي معها إلى الاستوديو أثناء تصوير مسلسل "أولاد الأكابر" مع الفنان حسين فهمي، وقد حضرت معها أيضاً تصوير مسلسل "الإمام الغزالي"، ومسلسل "دنيا"، وكنت أنبهر بكل العناصر الموجودة في الاستوديو من كاميرا وإضاءة، وأقضي معها ساعات طويلة، أمي كانت شخصية لطيفة جداً، وكانت دائماً تذهب إلى الاستوديو مذاكرة دورها جيداً. ودائماً تأخذ رأيي في الملابس التي سترتديها. وكنت دائماً أقول لها "نفسي أطلع ممثلة"، وكانت تقول لي "في هذه السن الصغيرة لا فالتمثيل مهنة شاقة جداً".
هل علمتكما فايزة كمال المسؤولية؟
يوسف: أبي وأمي جعلانا نتحمل المسؤولية في المذاكرة، فقد كانا ينصحاننا ويلقيان علينا مسؤولية نجاحنا. كانت أمي تعطيني طاقة إيجابية عندما أنجح، وإذا أخفقت في أي مادة تتحدث معي بهدوء وتقول لي إن ذلك ليس في مصلحتي، وأن هذا سيضرني، وفي النهاية تتركني أختار وتقول لي:" اختر طريقك ومصلحتك".
ليلى: كانت أمي دائماً تغرس فيّ أن أكون مسؤولة عن نفسي في اختياراتي، فمثلاً أختار الملابس التي أرتديها، أو المكان الذي نذهب فيه جميعاً. فقد كانت تجعلني أختار أنا ويوسف مع وجود حدود طبعاً لتصرفاتنا. كان أبي وأمي يوجهانا لنختار الطريق الصحيح بعد ذلك.
أمي لم تكن تعيش حياة النجوم
كيف كانت توازن فايزة كمال بين عملها وبين دورها كزوجة وأم؟
يوسف: أمي كانت لا تجري وراء النجومية والأضواء، كانت تعيش حياتها لنا، وترفض حضور أي مناسبات فنية أو مهرجانات أو حفلات. وتفضل أن تقضي هذا الوقت في البيت معنا، تجلس وتلعب وتتحدث معنا. نضحك، نسافر مصيف، تتابع مذاكرتنا وتطمئن علينا. نذهب سوياً للنادي، كانت تحب الضحك ودائماً متفائلة وبسيطة ومتواضعة جداً.
هل كانت تحكي لكما عن بدايتها في الفن؟
ليلى: كانت لا تحكي عن نفسها أبداً ولا تقول كلمة "أنا كنت كذا"، دائماً كانت تسألنا عن أحوالنا "عملنا إيه في المدرسة"، "اخباركم إيه مع أصحابكم"، كانت شخصية لا تحب الحديث عن نفسها. كنا نسمع الحكايات عن أمي أو أي أخبار عنها من أبي ومن خالي.
لهذا اخترت رائعة نجيب سرور لتكون أولى تجاربي المسرحية
يوسف هل حبك للمسرح بدأ منذ الطفولة؟
كنت أمثل وأنا طالب في الصف السادس الابتدائي على مسرح المدرسة، لكنني لم أكن أفكر أن أكون مخرجاً أو ممثلاً، وكانت أمي وأبي يحضران العروض المسرحية في المدرسة، وقالت لي أمي في أحد العروض "أنت ممثل هايل"، وكان المدرسون وزملائي يلتفون حولها لإعجابهم بها كممثلة محبوبة، وكان كل المعجبين الذين يقابلونها حتى في الشارع يسلمون عليها ويقولون لها "أنت واحدة من عائلتنا"، وبعد رحيل أمي نصحني أبي أن أدخل المعهد العالي للفنون المسرحية مثل أمي، وأثناء المعهد أخرجت مسرحية "سجن النساء" للكاتبة الكبيرة فتحية العسال وأخذت جائزة أفضل عرض جماعي، وبعد التخرج عملت في جهاز الثقافة الجماهيرية وأخرجت عدداً من المسرحيات، ثم توجهت لمسرح الشباب بعد تخرجي وقمنا بالإعداد لمسرحية "ياسين وبهية" لنجيب سرور، والتي تعرض حالياً بعد عام كامل من الاتفاق مع الدكتور خالد جلال والأستاذ سامح بسيوني، واللذين أكن لهما كل حب وتقدير، أنا أقوم بالكتابة المسرحية والإعداد لها والإخراج. الحمد لله العرض كامل العدد جماهيرياً يومياً منذ الليلة الأولى، واخترت هذا النوع من المسرحيات لأن الجمهور متعطش للأعمال الأصيلة الجادة، فهو عرض كوميدي جاد وشعبي موسيقي. أنا غامرت بمستقبلي لكي أقدم هذا العرض لأنني كنت خائفاً جداً ألا يتقبله الجمهور، ولكني في حالة سعادة غامرة أنا وشقيقتي ليلى وكل فريق العمل بنجاح المسرحية والإقبال الجماهيري الكبير عليها. وكنت أفاجأ بردود فعل الجماهير وإعجابهم الشديد بالعرض. وقد حضر العرض قامات مسرحية عديدة وكنت أسمع إعجابهم الشديد وردود أفعالهم، فقد شعرت أنا وليلى أن أمي روحها معنا. وسعدت أيضا بإعجاب أبي الشديد بالمسرحية لأنه قامة مسرحية كبيرة.
التمثيل في دمي
ليلى.. وماذا عن دورك في أول تجربة مسرحية لك كممثلة محترفة؟
سعيدة جداً بالتجربة لأنني أحب التمثيل وأعشقه، أقوم بدور راوية للمسرحية ودور غجرية، وأتمنى أن أكون ممثلة في الدراما التليفزيونية والسينمائية. أحب التمثيل بالرغم من صعوبة المهنة، فقد أدركت خوف أمي عندما قالت لي "لا التمثيل مهنة صعبة" عندما قلت لها إنني أحب التمثيل وأريد أن أكون ممثلة، فهي كانت تعرف جيداً أنني طفلة لا أدرك صعوبة المهنة، لكني أحبها وسأستمر فيها إن شاء الله بالرغم من صعوبتها.
سأسير على خطى أمي في الفن
هل ستكونين امتداداً لفايزة كمال؟
"يا ريت أقدر"، لكني سأسير على خطى أمي. فقد كانت فنانة محترمة، تحترم فنها وتحترم نفسها، وكانت أماً وزوجة مثالية، سنظل دائماً فخورين بها.
أكثر تعليق عن فايزة كمال يؤثر فيك؟
ليلى: عندما يقولون لي أنت تشبهينها وصوتك مثلها، كنت أتمنى أن أعيش معها أكثر. وأحتاج إليها الآن. كل تعليقات الجمهور الذي يقابلني ويعرف أنني ابنة فايزة كمال "تطبطب على قلبي".
فوجئت بإسناد دورها في مسلسل "المال والبنون" لفنانة أخرى
ما أهم أعمالها القريبة لقلبها؟
ليلى: كانت تحب وتعتز جداً بأدوارها في "رأفت الهجان" و"المال والبنون" الجزء الأول.. وفوجئت بإسناد الدور لغيرها في الجزء الثاني من "المال والبنون"، وعندما اتصل بها المخرج مجدي أبوعميرة يطلب منها العودة مرة أخرى للدور رفضت لأن كرامتها كانت أهم شيء لديها. و"أولاد الأكابر" لأنها كانت عودة لها بعد فترة من التوقف وقامت فيه بدور مختلف تماماً عنها، دور فلاحة وكان الدور مفاجأة بالنسبة للجمهور لأنه لم يتعود أن يراها في مثل هذه الأدوار.
أمي لم تكن لها صديقات في الوسط الفني
من صديقات فايزة كمال من الوسط الفني؟
ليلى: كانت علاقتها بهن علاقة زمالة واحترام متبادل، لكنها لم تكن صديقة لأي فنانة في الوسط الفني.
فايزة كمال زوجة مثالية
كيف كانت فايزة كمال زوجة مثالية للمخرج المسرحي مراد منير؟
ليلى ويوسف: كانت العلاقة بينهما علاقة حب وتقدير واحترام ورقة ودلع، في المسرح تكنّ له كل احترام. وكانت مطيعة وتسمع كلامه ولا تتدخل في عمله كمخرج وتنفذ كل توجيهاته وتعليماته. وكانت تقول له "يا أستاذ". أما في المنزل فكانت زوجة محبة مخلصة تغمرنا بالسعادة وتهتم بأبي كثيراً وتكنّ له كل حب وتقدير، فكان التفاهم والمودة والرحمة شعار حياتهما الزوجية.
فنانون تعتز بهم كثيراً
مَن الفنانون الذين عملت معهم وكانت تعتز بهم كثيراً؟
ليلى: الفنان محمود عبدالعزيز، كانت سعيدة جداً بالعمل معه في مسلسل.
"رأفت الهجان".. والفنان يوسف شعبان كانت تعتز به وتقدره جداً.. والفنان أحمد عبد العزيز كان أخاً وزميلاً عزيزاً، وكانت تربط أبي وأمي صداقة عائلية بأحمد عبد العزيز وزوجته.
كيف واجهت فايزة كمال مرض السرطان؟
يوسف: أصيبت أمي بمرض السرطان مرتين، المرة الأولى قبل رحيلها بست سنوات، وكانت في ذلك الوقت تقدم مسرحية على مسرح السلام مع الفنان لطفي لبيب، وكانت تعالج في المستشفى أثناء العرض وتذهب إلى العرض ليلاً، وتعود مرة أخرى للمستشفى. وعندما تقف على خشبة المسرح تنسى المرض، وتكون في منتهى الحيوية والنشاط والجمال. كانت مؤمنة بربها وبقضائه، كان قلبها متعلقاً بالله سبحانه وتعالى، مما جعلها تجسد الأدوار الدينية في عدد كبير من المسلسلات وأشهرها عندما جسدت دور السيدة نفيسة. وشفيت أمي من المرض. لكنه عاودها مرة أخرى عام 2014 ودخلت المستشفى حيث قضت فيها ثلاثة أشهر، وكانت ليلى مرافقة لها طيلة هذه الشهور وحتى رحيلها في 26 مايو 2014. واجهت أمي المرض بكل قوة، وكانت دائماً تظهر لنا أنها بخير، لكننا كنا نرى الدموع في عينيها بسبب الآلام التي تشعر بها، ودائماً تطمئن علينا وتعرف أخبارنا وتوصينا بأن نهتم بأنفسنا.
لهذا السبب لم يزر محمد منير فايزة كمال في أيامها الأخيرة
لماذا طلبت فايزة كمال أن ترى محمد منير في أيامها الأخيرة؟
يوسف: لأنه كان صديقها الصدوق لمدة 18 عاماً، منذ أن عرضا سوياً مسرحية "الملك هو الملك" من عام 1989 لعام 2006، فكانا صديقين وكانت تحب أن ترى أصدقاءها المقربين قبل رحيلها، وبالفعل طلبت أن تراه في أيامها الأخيرة، لكنه من شدة معزتها في قلبه لم يستطع ولم يقدر أن يراها وهي مريضة فلم يزرها.
وفي نهاية حواري مع يوسف، هل شعرت بالدور الذي تقوم به ليلى بعد رحيل والدتها؟
يوسف: ليلى بعد رحيل أمي تحملت ليلى المسؤولية بالرغم من صغر سنها، لكنها أصبحت لنا وحتى الآن الأم والأخت والصديقة، تقوم بكل المسؤوليات وتتحمل كل الصعاب مثل أمي.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا "إنستغرام سيدتي"
وللاطلاع على فيديوجراف المشاهير زوروا "تيك توك سيدتي"
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر "تويتر" "سيدتي فن"