ما ذنبي أنا إن كنت قد أخذت بنصيحة سندريللا الشاشة الراحلة سعاد حسني؛ حين غنّت رائعتها الخالدة: «أقرب طريق لقلب جوزك معدته»؟!
عندما تزوجت، قبل عشر سنوات من الآن، كان وزني يعتبر عادياً، ولكني ومنذ أيام زواجي الأولى بدأت أتحسس أصناف الطعام التي يحبها زوجي وأهله، خاصة أننا نسكن في نفس البناية، واكتشفت أنهم جميعاً من عشاق «الكبسة بالدجاج»، ولذلك فقد أصبحت ماهرة في إعدادها بوقت قياسي، وأنا التي لم تكن قد خبرت بفنون الطبخ بعد، وباتت «الكبسة بالدجاج» هي الطبق المفضل في كل دعوة أو وليمة، بل هي الوجبة المفضلة والسريعة بالنسبة لي خلال أيام الأسبوع، وكنا نتبارى أنا وزوجي في تناولها، وكلما كانت بهاراتها حريفة استمتعنا بها أكثر، وورث أولادي الأربعة حب الكبسة معنا، وهكذا أصبح يطلق علينا «العائلة الكبساوية».
وزاد حب الأسرة للكبسة عندما ظهرت الفنانة نانسي عجرم تطبخ الكبسة، وأصبحنا نستشهد قائلين: «نانسي الرشيقة وتأكل الكبسة.. فلماذا نحرم نفسنا منها؟!».
ولأن كل شيء إن زاد على حده انقلب ضده، فقد زاد حبي للكبسة وانطلاقي على موائدها وطلبها بالاسم؛ حين تدعوني صديقة في بيتها أو عند زيارة أهلي، إلى أن أصبحت «أم كرش» أيضاً؛ لأن وزني قد ازداد بصورة كبيرة، وأصبحت مشهورة بكرشي المتدلية، خاصة أنني لست طويلة القامة.
هالني منظري ذات صباح أمام المرآة، وقررت أن أمارس الرياضة في نادٍ رياضي، واقتنيت في بيتي جهازاً خاصاً بشد البطن، ولكن النادي الرياضي كان قريباً من المجمع التجاري الذي أشتري منه في العادة الدجاج والأرز والتوابل الخاصة بالكبسة، وجهاز شد البطن كان في موضع قريب من المطبخ، حيث أعد الكبسة كلما شعرت بالجوع، وخاصة حين أعود من النادي الرياضي بعد ساعات من التمرين.
الغريب أن زوجي وأولادي لم يحاولوا مساعدتي على تغيير نظامنا الغذائي، واعتبروا كل صنف جديد أضيفه عبارة عن مقبلات بجوار الطبق الرئيسي وهو الكبسة، وأصبح زوجي بكرش متدلية، ولكنه يرى كرشي أنا ويسخر مني أنا، وحين أطلب منه أن نغيّر «الكبسة»، يقول لي ساخراً: اصنعي الكبسة إما «مندي» أو «مضغوط» أو «برياني» أو «مقلوبة» أو «مشخول» أو «منسف» أو «كبسة بالفرن». وهكذا أصبحت أدور في حلقة مفرغة، وممارستي لتمارين شد البطن وغيرها من التمارين بلا جدوى، واكتشفت أن الكبسة في بيوتنا قد دخلتها كنوع من العادة التي تربينا عليها منذ صغرنا، وعلى الرغم من وجود أكلات أخرى وارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، فإن الكبسة تبقى هي المنافس الأكبر لكل محاولات القضاء على الكرش!