تتحول مدينة كان في جنوبي فرنسا إلى عاصمة للفن السابع، حينما يتوافد إليها عشاق السينما ونجوم الفن من جميع أنحاء العالم لحضور الفعالية السينمائية الأشهر والأهم في العالم، وهي مهرجان كان السينمائي الدولي، أحد المهرجانات الثلاثة الكبرى في أوروبا، كما يعد واحداً من المهرجانات السينمائية الخمسة الكبرى على مستوى العالم؛ حيث يتنافس فيه الكثير من صناع الأفلام على جوائز مرموقة، ويتواجد العديد من المشاهير والنجوم العالميين. لكن هذا الحدث ليس مجرد فعالية سينمائية، بل هو أسلوب حياة مبهج ومنعش يشعر به الزوار والأهالي في كل زاوية من زوايا هذه المدينة الرائعة. ففي هذه السطور، ومن خلال تواجد «سيدتي» مباشرة في مدينة كان لحضور فعاليات المهرجان الأشهر على الإطلاق؛ سنأخذكم في جولة ممتعة بين شوارع مدينة كان، للتعرف إلى أسلوب الحياة في المدينة أثناء إقامة المهرجان، وكيف أن هذا الحدث العالمي يكسب المدينة أجواء تاريخية فنية رائعة.
مدينة بنكهة مهرجان
تُعدّ مدينة كان الفرنسية الساحلية من أجمل المدن السياحية المشهورة في فرنسا. ويحتضن هذا الساحل مهرجان كان السينمائي الشهير الذي يعرض أهم الأفلام العالمية في عروضه؛ حيث يجتذب الكثير من نجوم الأفلام الشهيرة والمخرجين والمنتجين والمصورين وعشاق السينما من جميع أنحاء العالم. ويُعدّ المهرجان فرصةً لتبادل الثقافات وتقديم أهم الأعمال السينمائية الجديدة إلى جماهير العالم. ويقام المهرجان في شهر مايو من كل عام، في قصر المهرجانات الذي يقع على شارع لاكروازييت الشهير، ويتم فيه توزيع جوائز عدة لأفضل الأفلام والسينمائيين من جميع أنحاء العالم.
يشكّل مهرجان كان السينمائي إحدى المنصات العالمية الرائدة التي تعرض أفلاماً تصل إلى الأفكار والقصص التي تناقش قضايا المجتمعات المختلفة، وخاصةً المجتمعات العربية التي تُعرض أفلامها القوية والهادفة التي تجسد الخيارات والمواقف المختلفة وتحمل تحديات كبيرة. ويتضمن برنامج المهرجان العديد من الفعاليات السينمائية وورش العمل والندوات المفيدة للصناع السينمائيين. كما يحتضن جائزة أهم الجوائز في عالم السينما، وهي جائزة السعفة الذهبية، التي تمنح لأفضل فيلم يُعرض ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان.
وجاءت الدورة الـ 76 من المهرجان بمشاركة عربية بارزة، وبدعم بارز من صندوق البحر الأحمر لأفلام عدة مشاركة في المهرجان على مختلف مسابقاته، كما برزت أيضاً المشاركة العربية من خلال فيلم »بنات ألفة» للمخرجة التونسية كوثر بن هنية وبطولة الفنانة هند صبري، الذي شارك ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان.
أسلوب الحياة «غير»
يختلف أسلوب الحياة في مدينة كان أثناء المهرجان عن الحياة اليومية العادية، فخلال هذه المدة، تزدحم الشوارع بالزوار، وتمتلئ المطاعم والفنادق بالحشود؛ لتتحول المدينة إلى مركز حيوي للأنشطة؛ حيث تزدحم الشوارع بالسيارات والمارة، ففي هذا الوقت يصطف الناس في طوابير طويلة لرؤية الأفلام التي يتم عرضها، ومشاهدة مشاهير ونجوم السينما العالمية مباشرة على سجادة مهرجان كان الحمراء التاريخية، كما أن شغفهم يقودهم للتعرف إلى مقرات إقامة المشاهير في الفنادق الكبرى، ويصطفون حولها أغلب فترات اليوم تقريباً أملاً في التقاط الصور معهم، أو حتى الحصول على توقيع منهم. إضافة إلى ذلك، يتمتع الزائرون بتجربة فريدة من نوعها؛ إذ يتعرفون إلى ثقافة المنطقة وتقاليدها؛ حيث يمكنهم الاستمتاع بأشهى أطباق المطابخ الفرنسية التقليدية.
تشتهر المدينة بمناظرها الطبيعية الرائعة التي يمكن الاستمتاع بها خلال الفترات الفاصلة بين عروض الأفلام والفعاليات الأخرى المقامة؛ حيث يمكن للزوار الاستمتاع بجمال الشواطئ والمناظر الخلابة للبحر الأبيض المتوسط، وزيارة الأماكن السياحية الشهيرة، مثل: قلعة سوليني المذهلة التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، وقصر الفقاعات الشهير. كما أن العديد من الأفلام والعروض يعرض في الهواء الطلق في أماكن مختلفة في المدينة؛ ما يتيح للمشاهدين الاستمتاع بالفن والترفيه في الهواء الطلق.
يمكنك الاطلاع على فعاليات مهرجان كان السينمائي لعام 2023 انتهت.. إليكم قائمة الجوائز
مدينة مستوحاة من السينما
لا تتغير أجواء المدينة خلال فترة إقامة المهرجان فحسب، بل التغيير يمتد إلى الديكورات وتجهيزات الإضاءة في المدينة بأسرها، فبدءاً من المطاعم والمقاهي، ووصولاً إلى شوارع المدينة، يتم تزيين كل قطعة فيها بطريقة فريدة تعكس جو المهرجان، وتزخر بالأضواء والألوان والزينة المميزة والتفنن في وضع الملصق الدعائي للمهرجان في الواجهة؛ ما يبرز أهمية هذا المهرجان العالمي لسكان المدينة وأهلها. وتكمل إطلالة المدينة الإضاءات المميزة التي لا تشبه إضاءات الشوارع العادية، لتكوّن مع الديكورات مشهداً سينمائياً ضخماً مستمداً من شخصية المهرجان وروحه.
شارع بصمات المشاهير
يعد شارع بصمات المشاهير من المعالم السياحية البارزة في المدينة؛ حيث أرادت البلدية أن تستغل استضافتها لواحد من أشهر المهرجانات السينمائية العالمية، وتواجد أبرز مشاهير العالم سنوياً لديها، فقررت ترك بصمة دائمة في المدينة لهؤلاء المشاهير، ليصبح الشارع مزاراً سياحياً يقصده الزوار من جميع أنحاء العالم كي يشاهدوا أكثر من 300 بصمة من بصمات أيادي مشاهير محليين وعالميين.
خاص "سيدتي".. نشرة ختام مهرجان كان السينمائي الدولي بدورته الـ76
على طريقة المشاهير
تتحول شوارع مدينة كان أثناء فترة إقامة المهرجان إلى منصة كبرى للموضة والأناقة، فيجدها الزوار فرصة للاستمتاع بجلسات التصوير الفوتوغرافي في الشوارع المزدحمة بالأضواء والأزياء، كما يصل الحد إلى التشبه بالمشاهير وشخصياتهم السينمائية وتقليدها، فتجدون مثلاً شخصاً شبيهاً لشخصية ليوناردو دي كابريو في فيلم Pirates of the Caribbean، وآخر ترونه تماماً شبيه لشخصية Madame Doubtfire، الذي قام بها الممثل الأميركي الراحل روبن ويليامز في فيلم Madame Doubtfire الشهير في التسعينيات، وغيرها من الأمور التي تجعل المدينة بأكملها تجسد المعنى الحرفي لكلمة «مهرجان» مستمدة ذلك من توافد المشاهير والنجوم عليها.
تجربة تسوق استثنائية
تجربة التسوق الاستثنائية في مدينة كان تجربة ممتعة لا تنسى، فالمدينة تزخر بمجموعة كبيرة من مراكز التسوق الفاخرة والمتنوعة، التي تحتوي متاجر تبيع أشهر العلامات التجارية العالمية للملابس والإكسسوارات والأحذية والعطور التي تصمم من قبل بيوت أزياء عالمية مشهورة، مثل لوي فويتون وديور وغيرهما، إضافة إلى تجربة التسوق من أفضل العلامات التجارية العالمية المنتشرة في شارع «لا كروازيت» الشهير، مثل بوشرون وشوبارد، وهو الشارع نفسه الذي يقع فيه «قصر المهرجانات» مقر إقامة مهرجان كان السينمائي. كما أن هناك بعض محلات الأزياء الخاصة التي تستغل فترة إقامة المهرجان، وتقدم الأزياء المستخدمة في الأفلام والقطع الفنية الفريدة. يمكنكم أيضاً التسوق عبر التجول في أزقتها الضيقة، والتمتع بجمال المباني القديمة، والحرفيين المحليين الذين يعرضون منتجاتهم الفريدة، كما يمكنك الاستمتاع بالنكهات الفرنسية الأصيلة في مختلف المطاعم والمقاهي. يمكن القول إن مدينة كان وجهة تسوق مثالية لمحبي التجارب الفاخرة بأجواء جميلة وسحرية، بفضل تاريخها الغني وموقعها الفريد.
انتهى، ولكن!
بحلول الـ 27 من مايو هذا العام، وصل مهرجان كان السينمائي إلى نهايته، ولكن يبقى تأثيره على مدينة بأكملها، ويبقى بمنزلة واجهة لعرض الجوانب الثقافية المختلفة، ولإظهار التنوع والازدهار اللذين تتمتع بهما هذه المدينة الرائعة التي تعد مصدر إلهام للكثيرين من المشاهير والزوار.
من جانب آخر، كان أسلوب الحياة في المدينة مليئاً بالأناقة والرفاهية؛ حيث توافدت السيارات الفاخرة والأشخاص المرتدين لأرقى الملابس والمجوهرات.
بصفة عامة، فإن أسلوب الحياة في مدينة كان يجعلها وجهة سياحية مثالية لأولئك الذين يبحثون عن الجمال والتميز. ومع إقامة المهرجان السنوي للسينما، يصبح العرض الفني والفخامة الفريدة التي تقدمها المدينة، خليطاً رائعاً للاستمتاع بالأفلام وتجربة ممتعة بذكريات لا تنسى!
يمكنك الإطلاع مهرجان كان السينمائي يكشف عن موعد دورته الـ77 في عام 2024