العيد مناسبة احتفالية بهيجة طيبة، فيها يفرح المسلمون شريفهم وضعيفهم، كبيرهم وصغيرهم، أغنياؤهم وفقرائهم، ملوكهم ورعاياهم، وتختلف طرقهم وطرائقهم في الاحتفال، فالكل يحتفل ويبتهج حسب هواه ويعبر عن سعادته بهذه الأيام الطيبات، وفقًا لمقتضى حاله، إلا أن للشعراء شأن آخر، فأداة سعادتهم هي الكلمة والمتن الشعري، ووسيلة ابتهاجهم هي نظم الجمل وتحقيق القوافي، وآلية تعبيرهم هي بناء القصائد المغزولة المنسوجة بفن، والأبيات المحبوكة المشغولة بإبداع، بالسياق التالي سيدتي تعرفك كيف كان يقضي الشعراء أوقات الأعياد
يقول الشاعر أنس نادر عبد اللطيف لسيدتي: ظلّ الشعر العربي موغلًا في المناسبات الاجتماعية والدينية منذ عصوره المبكرة، خاصة بالأعياد، وتنوعت قصائد الشعراء وأغراضها في العيد لتشمل التهنئة والمدح والوصف والبكاء على الأطلال، على أن العيد كان موسم السعادة والفرح للشعراء قديمًا ولا يتعلق الامر فقط بالسعادة التي تكتنفهم عبر نظم أبيات شعرية معبرة عن الفرحة، وقصائد فنية مكرسة للبهجة، فهم ينتهزونه كفرصة للتقرب للملوك والسلاطين، والتودد الأشراف وعلية القوم، لينالوا ما يجودون به من عطايا ومنح كريمة سنية، وهبات ومكافآت فياضة سخية، ومن ثمّ كان الشعراء قديمًا يقضون أوقاتهم فيتقلون بين مجالس الخلفاء والأمراء وعلية القوم ينظمون قصائد العيد السعيد التي يمدحون فيها أولياء نعمتهم، ويشيدون فيها بمآثر صنيعهم، وطيب صفاتهم وفضيل أوصافهم، وكرم عطاياهم، وسخاء منحهم، وجزيل هباتهم، وكان الملوك والأمراء وعلية القوم يستطيبون هذا الامر ويشيدون به فيفيضون على الشعراء بالمنح والهدايا ويكرمون وفادتهم ويفرشون لهم البُسط بمجالسهم ويفسحون لهم المجال للإبداع والمنافسة وتحفيز الخيال، ومن ثمّ فقد وصل الشعر في ذلك الوقت لمكانة عظيمة خاصة بالعصر العباسي، وهذه أمثلة لأبيات شعرية نظمها الشعراء مديحًا للخليفة وابتهاجًا بالعيد..
مُستَقبِلاً زِينةَ الدُّنيا وبَهْجَتها أيامنا لك لا تَفْنَى وتُفْنِيها
ولا تَقضَّت بك الدُّنيا ولا بَرِحَتْ يَطْوِي لك الدَّهرُ أياماً وتَطوِيها
ولْيَهْنكَ الفتحُ والأيّام مُقبِلةٌ إليكَ بالنصر مَعقودا نواصِيها
ولا زالت الأعيادُ لُبسَكَ بعدَهُ تُسلِّمُ مَخروقا وتُعطي مُجدَّدا
فذا اليومُ في الأيامِ مثلُكَ في الوَرَى كما كنتَ فيهم واحدًا كان أَوحَدَا
وَكَبَّرَ حين رآك الهلال كَفِعلك حِين رأيت الهلالا
رأى منك ما منه أبصَرتَهُ هلالا أَضاء ووجها تلالا
كأنَّهُ جاء يطوي الأرضَ من بُعُدٍ شوقا إليك، فلما لم يَجِدك بَكى
إِذَا هم عَيَّدُوا عِيدَيْنِ فِي سَنَةٍ كَانَتْ بِوَجْهِكَ لِي أيَّامُ تعييدِ..
وإذا كان هذا ما جُبل عليه فطاحل الشعر القدماء فهل تجدي شعراء هذا العصر يسيرون على نفس الدرب..؟
- العيد موسم السعادة والفرح للشعراء
يقول الشاعر أنس نادر عبد اللطيف لسيدتي: ظلّ الشعر العربي موغلًا في المناسبات الاجتماعية والدينية منذ عصوره المبكرة، خاصة بالأعياد، وتنوعت قصائد الشعراء وأغراضها في العيد لتشمل التهنئة والمدح والوصف والبكاء على الأطلال، على أن العيد كان موسم السعادة والفرح للشعراء قديمًا ولا يتعلق الامر فقط بالسعادة التي تكتنفهم عبر نظم أبيات شعرية معبرة عن الفرحة، وقصائد فنية مكرسة للبهجة، فهم ينتهزونه كفرصة للتقرب للملوك والسلاطين، والتودد الأشراف وعلية القوم، لينالوا ما يجودون به من عطايا ومنح كريمة سنية، وهبات ومكافآت فياضة سخية، ومن ثمّ كان الشعراء قديمًا يقضون أوقاتهم فيتقلون بين مجالس الخلفاء والأمراء وعلية القوم ينظمون قصائد العيد السعيد التي يمدحون فيها أولياء نعمتهم، ويشيدون فيها بمآثر صنيعهم، وطيب صفاتهم وفضيل أوصافهم، وكرم عطاياهم، وسخاء منحهم، وجزيل هباتهم، وكان الملوك والأمراء وعلية القوم يستطيبون هذا الامر ويشيدون به فيفيضون على الشعراء بالمنح والهدايا ويكرمون وفادتهم ويفرشون لهم البُسط بمجالسهم ويفسحون لهم المجال للإبداع والمنافسة وتحفيز الخيال، ومن ثمّ فقد وصل الشعر في ذلك الوقت لمكانة عظيمة خاصة بالعصر العباسي، وهذه أمثلة لأبيات شعرية نظمها الشعراء مديحًا للخليفة وابتهاجًا بالعيد..
- الشاعر العباسي أشجع بن عمرو السلمي يمتدح الخليفة هارون الرشيد فيجمع بين المدح والتهنئة قائلًا:
لا زلتَ تَنشُر أعياداً وتَطْوِيها تَمْضِي بها لكَ أيام وتَثْنِيهامُستَقبِلاً زِينةَ الدُّنيا وبَهْجَتها أيامنا لك لا تَفْنَى وتُفْنِيها
ولا تَقضَّت بك الدُّنيا ولا بَرِحَتْ يَطْوِي لك الدَّهرُ أياماً وتَطوِيها
ولْيَهْنكَ الفتحُ والأيّام مُقبِلةٌ إليكَ بالنصر مَعقودا نواصِيها
- ويمتدح المتنبي سيف الدولة قائلًا:
هنيئا لكَ العيدُ الذي أنتَ عِيدُهُ وعيدٌ لمن سمَّى وضحَّى وعيَّدَاولا زالت الأعيادُ لُبسَكَ بعدَهُ تُسلِّمُ مَخروقا وتُعطي مُجدَّدا
فذا اليومُ في الأيامِ مثلُكَ في الوَرَى كما كنتَ فيهم واحدًا كان أَوحَدَا
- الشاعر أبو إسحاق الصابي، يمدح صمصام الدولة بن عضد الدولة العباسي قائلًا
رَأَى العِيدُ وجهك عيدا لَهُ وَإِن كان زاد عليه جمالاوَكَبَّرَ حين رآك الهلال كَفِعلك حِين رأيت الهلالا
رأى منك ما منه أبصَرتَهُ هلالا أَضاء ووجها تلالا
- الشاعر ابن رشيق القيرواني يخلع على العيد ثوب الحزن لأن الأمير ابن المعز بن باديس كان غائبا عن دار خلافته يوم العيد فيقول:
تَجهَّم العيدُ وانهَلَّت بَوادرُهُ وكنت أعهدُ منهُ البِشرَ والضَّحِكاكأنَّهُ جاء يطوي الأرضَ من بُعُدٍ شوقا إليك، فلما لم يَجِدك بَكى
- وفي قصيدة أخرى للشاعر ابن الرومي يقول احتفاءًا بالعيد وبمليكه:
لِلنَّاسِ عِيدٌ وَلِي عِيدَان فِي الْعِيدِ إِذَا رَأَيْتُكَ يَا بْن السَّادَةِ الصِّيدِإِذَا هم عَيَّدُوا عِيدَيْنِ فِي سَنَةٍ كَانَتْ بِوَجْهِكَ لِي أيَّامُ تعييدِ..
وإذا كان هذا ما جُبل عليه فطاحل الشعر القدماء فهل تجدي شعراء هذا العصر يسيرون على نفس الدرب..؟