تحت رعاية الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة التراث، احتضنت واجهة الرياض فعاليات الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية (بَنان)، والذي شهد مشاركة واسعة من الخبراء والحرفيين والجمعيات وروَّاد الأعمال في مجال الحِرف اليدوية من داخل السعودية وخارجها. وسعت هيئة التراث من خلال الفعالية إلى تسليط الضوء على الحرف اليدوية، ودعم وتمكين الحرفيين بتوفير منصة لعرض مهاراتهم وإبداعاتهم، وفتح آفاق اقتصادية للحرفيين، وتشـجيعهم على الاستثمار والتوسع في مزاولة الحرفة وزيادة الإنتاج والحفاظ على الهوية السعودية وتطويره ونقله للأجيال القادمة.
هيئة التراث
أوضح الرئيس التنفيذي لهيئة التراث الدكتور جاسر الحربش أن الهيئة تدعم الحرف اليدوية كقطاع واعد اقتصادياً وتنموياً، وتسعى لتحفيز نمو القطاع بشكل مربح، من خلال التنسيق مع الشركاء وتسهيل الاستثمار الخاص في القطاع، وتوفير وظائف مستدامة للحرفيين، مؤكداً أن الهيئة تعمل على التوسع في دعم الصناعات الثقافية ومنتجات الحرف التقليدية بالتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة. ونوه بما قدمته الفعالية من أنشطة وبرامج متنوعة في المعرض المصاحب، موضحاً أن قرية فنون الحرف استعرضت 9 فنون فنية مستوحاة من الحرف اليدوية عريقة عبر 13 جناحاً متنوعاً أشهر الحرف اليدوية في مناطق المملكة، وتم تخصيص جناح للتعريف بمبادرة الهيئة (البيوت الحرفية) التي تدعم الهيئة من خلالها الحرفيين لتمكينهم من تقديم منتجاتهم وعرضها على الجمهور، وذلك من خلال سبعة أركان تمثل البيوت الحرفية بمناطق المملكة، إلى جانب مشاركة وزارة الثقافة بجناح مخصص عن مبادرة «عام الشعر العربي 2023»، تضمن عرض قصائد شعراء المعلقات الشعرية الشهيرة في التراث العربي.
ورش العمل
ضمَّت الفعالية ورش عملٍ متخصِّصة في كافة المجالات الحرفية، لتمكين الممارسين عبر أنشطةٍ جماعيةٍ، منها «أساسيات حفر نقوش الأبواب النجدية التقليدية يدوياً على الخشب»، و»نقوش القط العسيري التقليدية على الفخار»، و»النقوش المستوحاة من بيوت جدة التاريخية المحفورة على الجبس».
بيت الحرفيين في المدينة المنورة
البداية كانت مع علياء الهوساوي، من بيت الحرفيين في المدينة المنورة، إذ حدَّثتنا عن مشاركتها في المعرض قائلةً: «قدمنا في بنان منتجاتٍ من صنع حرفياتٍ من المدينة المنورة برعايةٍ وإشرافٍ من هيئة التراث، حيث نعلِّم الفتيات في المركز ثلاث حرفٍ، هي صناعة السعف، والتطريز اليدوي التراثي، وصناعة الفخار، ونستلهم في عملنا رموزاً، ترتبط بالمدينة المنورة لإحياء موروثها الثقافي». مضيفةً: «نصنع هدايا، وقطعاً معاصرةً، تناسب الزوار والحجاج والمعتمرين، وتلائم الشركات والفنادق أيضاً، والحمد لله وجدنا تفاعلاً جيداً مع منتجاتنا من قِبل الزوار خلال المعرض».
بيت الحرفيين من بريدة
ومن بريدة، أوضح سلطان المطلق، أن «بيت الحرفيين مبادرةٌ رائدةٌ، أطلقتها هيئة التراث دعماً للحرفيين في المنطقة»، لافتاً إلى أنهم حققوا خلال وجودهم في الحدث العام الماضي نجاحاً كبيراً، خاصةً على الصعيد الدولي عبر المشاركة بثلاث حرفٍ، هي السبح، والخشب، والتطريز، مثنياً على اهتمام هيئة التراث بهم، مؤكداً أنها أسهمت بتطوير كافة الحرف في السعودية.
وحول مشاركتهم العام الجاري، ذكر المطلق: «نشارك بثلاث حرفٍ مختلفة، ونقوم بتدريب 60 حرفياً عليها، هي الخوص، والنقش على النوافذ والأبواب النجدية، والتطريز، كما نعرض مجموعةً من السبح والقطع المطرَّزة، ونحظى بإقبالٍ جيد».
بيت الحرفيين في الأحساء
وذكر أسامة اليوسف، من بيت الحرفيين في الأحساء بالمنطقة الشرقية، أنهم يشاركون في «بنان» بثلاث حرف، هي الجبس، والخشب، والفخار، وقال: «جميع القطع التي ننتجها تلقى طلباً جيداً، وقد بعنا عدداً كبيراً منها». مؤكداً أن «الفعالية أضافت لنا الكثير، حيث عرضنا منتجاتنا على أرض الواقع، وعرَّفنا الزوار بها».
الخزف والسعف والخشب
وبيَّنت مي الدعجان، من معامل العينية في المدينة المنورة، أن «المعامل تتبع مؤسسة نماء المنورة، ونقوم فيها بتدريب فتيات المدينة على عديدٍ من الحرف عبر إلحاقهن بورشٍ مجانيةٍ، وتعليمهن أساسياتها»، وقالت: «لدينا ثمانية معامل جاهزة، نعمل فيها على تمكين الحرفيات عبر خطوط إنتاجٍ متنوعة، مثل الخزف، والسدو، والسعف، والطباعة، والخشب». وحول نوعية تصاميمهم، ذكرت: «نستوحي تصاميمنا من تراث المدينة المنورة، وأسعدنا كثيراً تفاعل الزوار معها، واستفسارهم عن كيفية إنتاجها».
يمكنك الاطلاع على انطلاق الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية الذي تنظمه هيئة التراث بمشاركة عربية ودولية
السبح والإكسسوارات
وأشارت غدير قرملي، حرفيةٌ ومصممة إكسسواراتٍ وممثلةٌ لجمعية الفيصلية الخيرية النسوية، إلى أنها التحقت بدوراتٍ عدة، أقامتها الجمعية، وتعلَّمت كيفية صناعة «السبح»، بل وأصبحت مدربةً معتمدةً من الجمعية في المجال، وتدرِّب حالياً الأسر المنتجة على صناعتها في مناطق خيبر، وجدة، وقالت: «استفدت كثيراً من جمعية الفيصلية، حيث صقلت مهارتي، ما فتح الباب أمامي لإطلاق مشروعي الخاص في الإكسسوارات المطلية بالذهب واللؤلؤ المزروع». مضيفةً «الجمعية علَّمتنا كيف نندمج في الحرف، مثل الخوص، والتطريز، والخرز، ونقدِّم منتجاتٍ جميلة ولافتة للنظر، وأعدُّ وجودنا في بنان مكسباً كبيراً لنا، إذ عرضنا تصاميمنا مباشرةً للجمهور».
قطع خزفية من المنطقة الغربية
ولفتت فاطمة حسنين، فنانةٌ تشكيليةٌ من المنطقة الغربية ومهتمةٌ بإبراز الهوية السعودية في القطع الخزفية، إلى أنها دخلت المجال قبل فترةٍ طويلة، وقالت: «بناءً على تجربتي، أرى أن الخزف يحتاج إلى اهتمامٍ وتقديرٍ كبيرين، وفي عملي دائماً ما أكون متحيزةً لفني وحرفتي، وإبراز هويتنا الوطنية، لأنها تعني لي الكثير». مضيفةً «دائماً ما أقول إلى متى نشرب قهوتنا السعودية في فنجانٍ، صُنع في الصين؟ ولماذا لا نقوم بصناعته بأنفسنا؟ لذا أهتمُّ حالياً بتصميم فناجين القهوة السعودية مع إبراز هويتنا فيها، كما أهتمُّ بالقط العسيري، وتلفتني التفاصيل الدقيقة فيه، وأحاول تقديم ذلك على المزهريات والأواني، كما أستخدم الطين الطبيعي في تكوين شعارات المؤسسات، والزخارف النجدية».
تراث وثقافة الرياض
وأفاد معاذ حمد الجدعاني، فنانٌ ومعماري من مختبر كاف نون الإبداعي في الرياض، بأنهم يشاركون في المعرض عبر استديو فني، يرتبط بتراث وثقافة منطقة الرياض، وقال: « قدمنا عدة أعمال، منها لوحة مختلفة، تضمُّ آية قرآنية، كُتبت بشكلٍ حرفي، حيث استلهمنا من قوله تعالى: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون». لوحةً جميلةً، قدمناها بالخط الكوفي، واستخدمنا القماش لإبرازها، والحمد لله لفت عملنا انتباه الزوار، الذين استفسروا عن الطريقة، وأثنوا عليها كثيراً».
جمعية حرفة التعاونية
وشرح فيصل عبد العزيز الميمي، من جمعية حرفة التعاونية في الرياض، الأعمال التي يقومون بها، قائلاً: «جمعية حرفة، تأسَّست على يد الأميرة نورة بنت محمد، حرم أمير منطقة الرياض، وتهتمُّ بكل ما يخصُّ الإرث والثقافة السعودية، ولدينا حرفيون في كافة مناطق البلاد، يتقنون مختلف أنواع الحرف، وهدفنا المحافظة على هذه الأعمال، خاصةً أننا في السعودية وبدعمٍ من قيادتنا الرشيدة نهتمُّ بهذا النوع من الفن». وعن مشاركتهم في المعرض، ذكر: «نقدم في بنان معروضاتٍ مختلفة وذات أفكارٍ إبداعيةٍ من حرفٍ عدة، مثل السدو، والتطريز، والسعف، والفخار.
قمصان عصرية من التراث الأصيل
وأبدت ابتسام عبد الله، من نسيج وغرس في الرياض، سعادتها أيضاً بالمشاركة في المعرض، مبينةً أنها قدَّمت تصاميم عصرية من القمصان، مثل القمصان الحساوية والعسيرية والحجازية للكبار والصغار، وذكرت: «أستوحي قطعي من التراث السعودي الأصيل، والحمد لله وجدت تفاعلاً جيداً مع منتجاتي في المعرض، وهذا ما يدفعني للمشاركة في النسخ المقبلة».
جمعية حرفة ود الخيرية
ومن جمعية حرفة ود الخيرية للتكافل والتنمية الاجتماعية في الشرقية، ذكرت زهرة عيد الخيبري «أم صالح»: «أعمل على حرفة الأعمال المصنوعة من الخوص منذ زمنٍ طويلٍ، حيث أصنع السلال، وسُفر الطعام، وكانت لدي مشاركاتٌ سابقةٌ في الجنادرية، وأفتخر حالياً بوجودي في بنان». مشيدةً بدور المعرض، كاشفةً عن الزوار يسألونها عن طريقة عملها، فتصنع أمامهم بعض المنتجات لتعليمهم هذه الحرف.
اقرئي المزيد هيئة التراث تستعد لإطلاق فعاليات الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية "بَنان"
مدافئ ولوحات
وأفصح المهندس عبد الرحمن الودعاني، من نقش المستقبل لتجارة الأثاث والديكور في الرياض، عرض مدافئ، صُنعت بهويةٍ سعوديةٍ وحرفيةٍ، وقال: «نحاول إيصال صناعتنا وتراثنا السعودي للعالمية، وقد خدمنا أكثر من 2000 جهةٍ حتى الآن، وصدَّرنا منتجاتنا إلى 11 دولةً». مضيفاً: «لدينا منتجاتٌ أخرى عبارةٌ عن لوحاتٍ مميزةٍ لخيولٍ، كما نقوم بالنحت على الخشب، ونكتب الأسماء للعائلات بطريقةٍ خاصةٍ».
القط العسيري
ولاقت منتجات القط العسيري إقبالاً كبيراً في المعرض، بحسب ليلى متعب العسيري، التي قدَّمت قطعاً من هذا الفن. وحول تجربتها في العمل به، قالت: «تعلَّمت هذه الحرفة من جدتي وعمتي، فقد نشأت في بيئةٍ تحبُّ القط العسيري، واستطعت بفضل الله تطوير هذه الهواية». مضيفةً: «انتقلت من الجنوب إلى الرياض من أجل عرض منتجاتي في العاصمة، وقد وجدت تفاعلاً جيداً مع حرفتي»، لافتةً إلى أن «القط العسيري يلقى إقبالاً من كل الفئات العمرية، والجميع يريد التعرُّف إلى كيفية صنع القطع بهذا الفن.
منتجات حرفية من الجلود
وقطعت ساترة مفرح أحمد الحريصي مسافةً طويلةً للمشاركة في «بنان»، إذ قَدِمت من جبال الحشر في منطقة جازان، وأبهرت الحضور بكنوز متحفها الذي وصفته قائلةً: «أمتلك في جازان متحفاً، يحتوي على قطعٍ من الصناعات اليدوية القديمة، وهي بحق كنزٌ من الأعمال الجميلة». وحول مشاركتها في الحدث، ذكرت: «قدَّمت في المعرض منتجاتٍ حرفية، صنعتها بيدي، مثل بالجلود، وكل غرزةٍ وقطعةٍ فيها لها مسمَّى معيَّن، وتفاصيلُ صعبة، وأتمنى أن يشاهدها جميع الزوار، كما أتمنى من الأجيال القادمة المحافظة على حرفنا اليدوية، لأنها تمثل هويتنا الوطنية».
جلود طبيعية
وأكدت سلمى علي الشيخ، فنانةٌ تشكيليةٌ وحرفيةٌ من الرياض، أنها استفادت كثيراً من وجودها في المعرض، الذي قدَّمت فيه أشغالاً من الجلود الطبيعية، وقالت: «أعمل رئيسة للجنة الفنون التشكيلية والخط العربي في الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالأحساء، ومدربة معتمدة في مجال تطوير الذات والأشغال الفنية، وقد اكتسبت حرفتي من أجدادي، وهي الحرق على الجلود، والرسم على الأشياء التراثية، سواءً المباني، أو البورتريه، إضافةً إلى النقش عليها. كذلك أتقن حرفة التطريز، وأشغال الجلود والنحاس والخامات المختلفة، ولكوني معلمة اقتصادٍ منزلي، أمتلك كثيراً من الخبرة، وقد تفرَّغت أخيراً للأشغال الفنية، وتدريب الكبار والأطفال على الحرف اليدوية حتى تنتقل من جيلٍ لآخر، ولا تندثر.
مشاركة عربية
آلات موسيقية شرقية
ولم تقتصر المشاركة على السعوديين فقط، فمن الأردن، قال علاء شاهين، من عود الإدريسي: «جئت مع الوفد الرسمي الأردني إلى السعودية للمشاركة مع إخواننا العرب في «بنان» ونعرض في جناحنا آلات العود التي نصنعها يدوياً 100%». لافتاً إلى أن «مدة صناعة العود الواحد تتراوح بين 30 و50 يوماً حسب كمية العمل داخل الآلة»، مضيفاً: «نحن نصنع الآلات الشرقية، والعود الشرقي والعراقي والأردني والهجين، وحظينا بإقبالٍ كبيرٍ من الزوار على منتجاتنا في المعرض، وهذا يدلُّ على اهتمام الشعب السعودي بالموسيقى والآلات الموسيقية، ونفخر بالمشاركة في الحدث». ومن الأردن أيضاً، قال سامر فريحات، من بيت المهباج الأردني: «شاركنا بحرفٍ متنوعةٍ، منها المهباج بأنواعه، والعكاز الخليجي والأردني والتركي والإيطالي». مشدداً على أن «مثل هذه المعارض تعرِّف الأجيال الجديدة على التراث»، مضيفاً: «لمسنا عن قرب محبة الشعب السعودي لشقيقه الأردني، ورغبتهم في التعرُّف إلى منتجاتنا وأعمالنا الحرفية».
مجوهرات مصرية
كذلك شهد الحدث قدوم مشاركين من مصر، منهم لمياء عمر، مصممة مجوهراتٍ من براند «Skakhaleel lamiaa omar»، تعمل على تصميم حلي مطليةٍ بالذهب والبلاتين ومطابقةٍ للمواصفات العالمية، وقد أبدت سعادتها بالمشاركة في المعرض، وقالت: «مثل هذه المعارض تسهم في تعزيز التبادل الثقافي والتراثي، وتعرِّف الزوار بالحرف اليدوية من جميع البلدان». وأضافت: «عرضنا في جناحنا تصاميم متنوعة، والحمد لله وجدت ترحيباً كبيراً وإقبالاً جيداً على الجناح».
يمكنك الاطلاع أيضاً حرفيون من 11 دولة يشاركون في الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية "بنان"