في ظل الثورة التكنولوجية وما رافقها من تداعيات نتج عنها كثير من موجات الاستغناء والترك والتخلي، نجد كثير من أمور الحياة والتي لم يكن بخيال أيٍ منا تجاوزها تجاوزناها لصالح أدوات وتقنيات أخرى، أحد هذه الأدوات الحياتية هي الأقلام الرصاص الملونة، فمن منا ما زال يستخدم أقلام الرصاص في الكتابة والرسم والتلوين في ظل لوحة الأزرار المرقمنة المتصلة بالاجهزة اللوحية أو الهواتف الذكية وما يستتبعها من برامج تلوين ورسم بل وكتابة متخصصة والتي اقتحمت حياتنا وأدخلتنا هذه الدوامة عنوة بدون تفكير.
• احتجاج فني رافض لتراجع استخدام الأقلام الرصاص
تماهيًا مع هذا السياق أعلنت الفنانة التشكيلية جينيفر مايستري ثورتها واعتراضها على تراجع استخدام الأقلام الرصاص الملونة وحولتها لأداة فنية تستخدمها في غير أغراضها الكتابية والتخطيطية والأدائية الفنية المعروفة، فقد عمدت لتحويل الأقلام الرصاص لمنحوتات كائنات بحرية مذهلة أبدعت فى إخراجها وتطويعها بتفاصيل الأقلام الرصاص بسنونها الملونة الطويلة التي تم شحذها وسنها بمهارة، ونهايتها المذيلة بممحاة صغيرة يحيط بها إطار معدني لامع، وأخرى بلا ممحاه.
بحسب موقع arch2o.com، أعادت جينيفر استخدام الأقلام الرصاص الملونة، فمنحتها حياة جديدة كفن، فهي تتلاعب بها وتجمعها دون عناء في هياكل بحرية رائعة حادة بشكل خطير، لكنها قادرة على تشجيع التأمل المدروس.
• خطوات عمل المنحوتة ليست سهلة
تعمل الفنانة المولودة في جنوب إفريقيا والمقيمة في ماينارد، ماساتشوستس، بالولايات المتحدة الأمريكية، على إنشاء هذه المنحوتات المذهلة وتصفها بأنها "خطيرة وجميلة".
تستخدم جينيفر مجموعة متنوعة من أقلام الرصاص الملونة، فتأخذ المئات من أقلام الرصاص، وتقطعها وتقسمها لأقسام صغيرة بقياس 1 بوصة، ثم تشحذها جميعًا، وتحفر ثقبًا (حفرة) في كل قسم من أقسام الأقلام الملونة الـ 1000 التي تحتاجها (لتحويلها إلى خرزات خشبية)، لإنشاء قطعها، قبل أن تبدأ في إعادة شحذ وتأهيل كل منها بطول معين وشكل معين لصياغة النماذج المطلوبة، بمجرد الانتهاء من عملية التقسيم والشحذ يتم بناء هيكل المنحوتة و"خياطة" كل قسم معًا باستخدام تقنية تسمى "غرزة peyote "، والتي تساعد على إعطاء الهيكل شكله الدقيق.
• فن مستوحى من شكل ووظيفة قنفذ البحر
تقول جينيفر مايستري فى حوارها مع مجلة pifmagazine.com ، "ما أقدمه من منحوتات مستوحاة في الأصل من شكل ووظيفة قنفذ البحر، حيث تعمل أشواك القنفذ، الخطيرة جدًا والجميلة، كتحذير صريح ضد التلامس"
موضحة: "الملمس الجذاب للأشواك يدعوك للمسه على الرغم من العواقب المحتملة، مما يثير مشاعر متراكبة متراكمة من التوتر، والاندفاع والتجاذب والرغبة والتنافر، حيث توفر منحوتات أقلام الرصاص الملونة مظاهر مختلفة الحدة والنعومة لتجربتين مختلفتين للغاية تشتركان في التراكيبة والجمال.
بحسب موقع جينيفر الرسمي jennifermaestre.com، فالمفارقة والمفاجأة جزء لا يتجزأ من اختيارها للمواد، حيث تعمد لاستخدام كميات من المواد المصنعة بشكل "صناعيً بشري" ، تقصد الأقلام الرصاص الملونة، لإنشاء أشكال مرنة تذكرنا بالأشكال العضوية للحيوانات والطبيعة. حيث تجد هشاشة حقيقية للجانب الوحشي في بعض الأحيان من المنحوتات، وهو الضعف الذي يتناقض مع النسيج المخيف للمنحوتة.
- جينيفر مايستري
لفتت منحوتات جينيفر العضوية والمرحة انتباه الجميع باعتمادها المقتصر على الأقلام دون غيرها حيث تم ضم عدد من أعمالها ضمن المجموعات الدائمة لمتحف بريطانيا الجديد للفن الأمريكي. متحف كرانيرت للفنون ومتحف ديكوردوفا وحديقة النحت بأمريكا.
حصدت جينيفر العديد من الجوائز منها جائزة Loerie Craft الذهبية ، بالتعاون مع Ogilvy Johannesburg، ومنحت لقب فنان العام في النحت حيث حصدت جائزة الأعضاء من جمعية كامبريدج للفنون ، كامبريدج ، ماساتشوستس، وجائزة معرض نيو إنجلاند للتصوير والنحت المفتوح، والجائزة الأولى ، أرنا صدريتك ، Gazebo @ A.P.E. غاليري ، نورثامبتون، وغيرها الكثير.
تخرجت جينيفر من كلية ماس للفنون، وعلى الرغم من أن والدتها كانت فنانة تشكيلية تعلمت منها فن الباتيك، والرسم، والطباعة الحريرية، وعجائن الورق وغيرها من التقنيات إلا أنها لم تقرر أن تكون فنانة تشكيلية بدوام كامل حتى عام 1997، حيث تصنع مجوهرات وبطاقات تجارية للفنانين من أقلام الرصاص بمتجرها عبر الإنترنت، كما تصنع بعض أباريق الشاي والمنحوتات الحيوانية المدهشة من أقلام الرصاص الملونة بناءً على طلب مسبق، وتأمل جينيفر أن تصنع "حديقة حيوانات مجردة مجنونة".
وإذا كانت جينيفر مايستري قد أوجدت استخدامًا فنيًا آخر للأقلام الرصاص، فهل يمكن أن تعود الحياة للكتابة بالقلم؟ حدثينا عن رأيك..!
