نعم صباح لا ينتظرني، ولا مساء في الحسبان، نادرة أنا فلا أحد يشبهني، وإن تشابهت جميع الفصول نبقى جميعنا فصل الصيف، يعترينا سؤال في كل يوم: هل نحن طفرات أم أشباه؟ أم ما نكون، فرغم ما حولنا من نعيم، في داخلنا….. يبقى الفراغ والأكثر متعطشين لإدمان وهوس "ما وراء الهاتف، وماذا بعد؟".
أتريدون أن تعرفوا من نحن؟.. اقرؤوني.
تتناول العائلة فطورها وتشرب الشاي، تشغل أمي المذياع وتضع قهوتها أمامها، وأعلم أن أبي يأتي إلى غرفتي يأخذ ما يحتاج ويخرج من دون أي صوت، هل خوف من أن يوقظني أو يوقظ الشيطان الغاضب بداخلي؟ وترتب أخواتي أسرتهن ويرحلن...!
وأظل أنا أُداري الهم الذي أجاد صنعه الليل، والسقوط الحر الذي أمارسه منذ ليلتين بظن أني تحولت إلى فراشة وصرت أملك جناحين..
أتحرك من مكاني، لا أجد كوب شاي ينتظرني، ولا أحد يقول لي صباح الخير، أمر على المنزل كغريب يطل بعينيه على حداثة المكان، أمي في مكانها تمارس الصباح جيداً، أعود لسريري أرتب مكان هجرتي، ويصلني صوت أمي وهي تُغني مع صوت المذياع..
هكذا حتى يجيء الليل ويعطيني حصتي، كغريب يطل على النهار، شق قلبي أن يفوتني الصباح، ولكن لا ورد ينبت من نافذة روحي، ولا كتاب جيداً يصحبني معه في رحلة، ولا صديق يُنبهني أن العمر يفوتني..
حسناً، هذا الفراغ الذي يمتد في روحي ينهش الأشياء التي أحبها، وهذا الشتاء الذي يهم في الرحيل، يقلب الأوقات ضدي، لا الليل للسهر، ولا الصباح للتأمل، أما الظهيرة فتُشبع البائسين..
إنني في مرحلة أجهل نفسي، لا كتاب بين يدي، ولا سبيل للهرب من صحراء الشرق التي تحاوط روحي، الحكاية مريبة، حتى أغنياتي المفضلة هجرتها، هناك مقص يمارس هوايته في أن يفرّ الحب تجاه كل أشياء سابقة...!
لن أقتنع وإن قالت أمي:
- إنها مسألة وقت، يمضي كالعادة..!
إنه يمضي على روحي، تدوسني الأيام، أشم رائحة الأيام، وصوت يراودني بفكرة:
- لن أعود، لكنك ستعودين بذاكرتك لي.
أحدق في نوافذ المنزل، أستنشق رائحة الصيف، وأيام كنت فيها سعيدة، وأحن لشيء مجهول..
الحقيقة أنا وحيدة، وإن دق بابي الفرح أو هجم على الشرور، فإنه لا يهم بقدر ما أنا وحيدة، ككائن فضائي سقط لتوه...!
رب القلب يرعاه..