التّوتّر حالة نفسيّة تصيب المرء، إذ إنها رد فعل نفسي وجسدي طبيعي تجاه متطلبات الحياة، وأكثر من يتعرّض لهذا التّوتّر هنّ الأمّهات خاصّة بعد فترة الإجازة الصّيفيّة، حيث سيعود روتين الحياة، وقت الاستيقاظ لتحضير الأولاد للذهاب إلى المدرسة، ووقت العودة منها، وتنظيم أوقات الطّعام من فطور وغداء وعشاء، كذلك تنظيم وقت الدّراسة مع التّشجيع المستمرّ خاصّة بعد فترة الانقطاع الصّيفي، علماً أنّ هذه الفترة كانت بمثابة شحن للطّاقات والهمم حتى يتمكنوا من البدء بهمّة واجتهاد بغية تحصيل درجات علميّة أعلى مقارنة بالسّنة الدّراسيّة الماضية، وكذلك تحقيق مركز أكبر في الصّف الجديد، مع التّنويه والأخذ بعين الاعتبار أنّ الولد انتقل من مرحلة دراسيّة معيّنة إلى مرحلة أعلى منها درجة، وأنّ المواد الدّراسيّة ستكون أضخم وأصعب ومعلوماتها أكثر، وهذا أمر طبيعيّ، فمن واجب الأمّ أن تتحدّث مع أبنائها عن هذه النّقطة في إطار الاستعداد النّفسيّ، لأنّ الاستعداد النّفسيّ عامل مهمّ جدّاً لأيّ أمر، خاصّة الأسر كثيرة العدد، فالأمّ على وجه الخصوص ستكون أكثر شخص بحاجة للاستعداد النّفسي لأنّها القائد والموجّه لكلّ فرد من أفراد الأسرة والمنظّم والمنسّق الأكبر لها تحديداً مع بداية كلّ سنة دراسيّة جديدة، كما تزداد الأعمال على عاتقها من شراء المستلزمات المدرسيّة.
هنا نجد أنّ التّنظيم الجيّد هو المساعد الأكبر في ذلك، وأنا شخصيّاً كمايا الهوّاري أفضّل أن يرافق التّنظيم الرّوتين أثناء فترة الدّراسة، حتّى يعتاد الأولاد على تنظيم أوقاتهم بشكل سليم، ويعرف كلّ فرد واجباته وما عليه فعله في الزّمان والمكان المناسبين، وبالتّالي تسير الحياة اليوميّة بشكلّ مرتّب من دون تضارب في الأعمال، علماً أنّ هذا التّنظيم والرّوتين يبدأ من الوالدين لأنّهما قدوة للأبناء ليس بالتّنظيم فحسب، بل قدوة في كلّ نواحي الحياة، مع الانتباه لإعطاء فرصة للتّرفيه نهاية كل عطلة أسبوعيّة، حتّى يستعيد الأولاد نشاطهم ونراهم يقبلون على بداية أسبوع جديد بتفاؤل وأمل وحبّ على الدّراسة والعلم.
يختلف التّنظيم من أسرة لأخرى، فبعض الأمّهات يقمن بمباشرة التّنظيم قبل عدّة أيّام من المدرسة، حتّى يعتاد الأبناء على هذا النّظام، في حين أخريات يقمن بجعلهم يتأخّرون في الذّهاب إلى السّرير كي يستيقظوا صباحاً ويذهبوا للمدرسة ومن ثمّ يعودون للمنزل منهكين من التّعب، ثمّ يذهبون إلى النّوم في وقت مبكّر ليكون الاستيقاظ باكراً في اليوم التّالي، فتنتظم السّاعة البيولوجيّة للجسم وحدها.
قد يواجه بعض الأولاد صعوبة في مباشرة الدّوام بعد عطلة طويلة، لكنّ امتلاك الأم للذّكاء العاطفيّ وقدرتها على التّجهيز النّفسيّ للأولاد ومتابعتها لهم خلال الفترة الأولى سيعطيهم القوّة للمتابعة، وبالتّالي التّأقلم على ذلك مع تحفيزهم على ممارسة هواياتهم واكتسابهم مهارات جديدة ومفيدة خلال وقت فراغهم واكتشاف ما لديهم من قدرات وتنميتها، وذلك من خلال المتابعة اليوميّة المستمرّة لهم.
نستنتج ممّا سبق أنّ التّوتّر الّذي ينتاب الأمّهات مع بداية العودة للمدرسة سيزول من خلال امتلاكها الذّكاء العاطفيّ، وتوظيفه في الحياة اليوميّة، كما أنّ الرّوتين المعتدل يضفي على الأسرة نوعاً من التّنظيم والسّعادة والرّاحة.