في عالم السينما والأضواء، ثمة أفلام دخلت التاريخ ليس لحبكة القصة فيها فقط، بل للتكامل في الديكور والإكسسوارات، فما جدوى فيلم "كازابلانكا" (1945) من دون قبعة النجم همفري بوغارت Humphry Bogart؟ في الحياة العادية نظن أحياناً أننا نختار قبعاتنا ولكن الأمر مختلف لأن القبعة تختار صاحبها، ولكل عقد من الزمن قبعته، فكيف تطورت القبعة عبر الزمن، وما أشهر القبعات التي دخلت التاريخ؟ إستفهامات كثيرة سنحاول الغوص فيها مع مصممة القبعات المقيمة في لندن رنا دبوس، إضافة الى جولة حول أهم صانعي القبعات وأغلى القبعات ثمناً في هذا التحقيق...
اختلف المؤرخون في مجال الموضة حول تاريخ القبعة، إذ قيل في البدء إنّ غطاء الرأس تطور على شكل قبعة، فهذا الإكسسوار الذي ارتبط بحقبات معينة، كان مخصصاً بصيغته المينيمالية ليقي الطبقة العاملة من أشعة الشمس ولاحقاً بات يدل على أصحاب الثروات والمنزلة الرفيعة. منذ عصر الفراعنة ومروراً بعصر النهضة، تغيرت الكثير من الأمور، وباتت القبعة هذا الإكسسوار السحري الذي يحتفظ بقدرة عجيبة على إحياء المظهر الممل وإخراجه من رتابته وهو لا يرتبط فقط بطابع الفنتدج، بل الرقي، فكيف دخلت القبعة إلى عالم الموضة؟ سؤال طرحناه على رنا دبوس مصممة قبعات عصرية، واستوقفتنا صلة القبعات ليس فقط بعالم الموضة بل بعالم السينما والتاريخ، لتصبح القبعة كما ستلاحظون معنا الشاهد الأكبر على حقبات التاريخ وأسلوب الحياة فيها.
القبعة النسائية عبر التاريخ
مع بداية القرن العشرين جسدت القبعة الإكسسوار المثالي للسيدات الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وأضيفت إليه الزخرفات وتعددت تصاميمه وأشكاله لتتناول أسلوب حياة المرأة. تعود نشأة القبعة الى 3200 ق. م مع كليوباترا في مدينة طيبة المصرية، حيث كانت ترتدي نوعاً من القبعات المجوهرة والمرصعة بالأحجار الكريمة، وتطورت لتزدهر في عصر النهضة مع الغزوات على ثروات القارات المجهولة فباتت القبعة دليل ارستقراطية صاحبها وباتت إكسسواراً أساسياً في عالم الموضة النسائية. وفي العصور الوسطى حافظت القبعة على مكانتها وتطورت زخرفتها لتشمل طبقة النبلاء والملوك والأثرياء واعتمد مصممو القبعات في بريطانيا على تنفيذ قبعاتهم باللونين الأصفر (رمز الإيمان) والأخضر (رمز الحكمة) للشابات اللواتي لا يتجاوزن الخامسة والعشرين من العمر. وفي القرنين السادس والسابع عشر كانت القبعات تنفذ من المخمل والتفتا والحرير وتزخرف بالريش والشباك والزهور ويغطي بعضها الوجه أو نصفه. وتستمر حتى اليوم العائلة المالكة البريطانية في اعتمار القبعات في المناسبات الرسمية والتقليدية لتجسد رقي هذا التصميم وجاذبيته التي لم ينجح الزمن في سرقة وهجها.
تابعي المزيد من الخبار حول تنسيق القبعة واكتشفي معنا أجمل صيحات القبعات من أسبوع الموضة في نيويورك
لكلّ سيدة قبعة
رنا دبوس مصممة قبعات عصرية تتخذ من لندن مقراً لها ولكن مشغلها كائن في دبي وهي لبنانية الأصل، ولكنها ابنة العالم بفضل تجوالها المستمر. تتعاون رنا مع نساء حرفيات من لبنان وفلسطين لتنفيذ التصاميم والتطريز بتقنية الكروشيه مساهمة منها في تمكين المرأة، وتشدّد على استخدام مواد صديقة للبيئة في صناعة وزخرفة التصاميم. أما كيف بدأت مشوارها مع تصميم القبعات فتقول:
- في العام 2020 لاحظت بأن السوق يفتقر إلى قبعات عصرية راقية، لا يفترض بها أن تكون أرستقراطية الطابع إذ يجب أن تعكس هوية المرأة العصرية. بدأت بتصميم قبعات لي ولعائلتي والأصدقاء وتطور الأمر إلى تأسيس ماركة Candy & Lola.
- هل درستِ تصميم القبعات؟
درست في البداية التسويق والغرافيك ديزاين وخضعت لتدريبات في هذا المجال فأنا أعشق الموضة وأعتبر أن ما تنفذه دار هرميس Hermes على صعيد الإكسسوارات مصدر إلهام لي.
- وما الذي يلهمك؟
السفر فأنا أتنقل باستمرار ما بين لندن ودبي وباريس ومصر وإسبانيا وتلك البلدان العريقة تحمل في تراثها ثقافة المظهر وأقمشة عتيقة تراثية أستفيد منها واستوحي تصاميم لقبعاتي وحقائبي.
- كم يستغرق تصميم قبعة؟
تستغرق نحو ثلاثة أيام ويعتمد الأمر على كمية التطريز والعمل الإضافي الذي تطلب الزبونة إضافته الى التصميم.وانا استخدم مواد معادة التدوير وتقنيات حديثة في تصميم القبعات. وتطلب السيدات في الصيف قبعات من القش والرافيا وفي الشتاء الصوف والمخمل والساتان.
- ما الذي تعلمته من زبوناتك؟
أن الذوق معيار عالمي فلا يوجد فرق بين أوروبية وعربية لأن العالم بات قرية كبيرة.
- في الماضي كانت القبعة دليل ثراء السيدة ، واليوم وما نصيحتك للسيدات؟
القبعة باتت قاسماً مشتركاً بين السيدات ونصيحتي لهن بأن يعتمرن قبعة تجسد هويتهن ولا تواكب الموضة فقط، فالقبعة ليست مجرد قطعة تقينا من حرارة الشمس بل هي أسلوب حياة وهوية.
- وهل تؤمنين بأن لكل شكل وجه قبعة؟
لا، برأيي القبعة تغطي قسماً من الوجه وهي توحي بالغموض والجاذبية ويمكن التحكم بطريقة ارتدائها في إظهار قسم الوجه الذي نريد، وللنساء المترددات أنصحهن باعتمار قبعة من نوع Floppy Hat وتتميز بحواف مطوية تليق بكل أشكال الوجوه. اختيار القبعة يتعلق بشخصية السيدة والمناسبة التي تحضرها أكثر من شكل وجهها، ففي كثير من الأحيان هي القبعة التي تختارنا قبل ان نختارها، وما تفضله السيدة العصرية هو التصميم الجذاب والعملي الذي لا يعيق حركتها بل يكمل إطلالتها من دون مغالاة في المظهر.
قبعات تساوي الملايين... تعرّفي إليها
ثمة قبعات تساوي عشر دولارات مقابل قبعات تساوي الملايين فقبعة Chapeau D’amour التي صممها لويس مارييت بطلب من متجر هارودز البريطاني كلفت 2.7 مليون دولار أميركي، ونفذت من البلاتينوم المرصع بالماس وهي معروضة اليوم في صالة كريستيز.
- Lady Gaga’s “Joanne” – $1 millionLady Gaga
أما قبعة ليدي غاغا Lady Gaga التي صممتها لها باللون الزهري غلاديس تاميز Gladys Tamez فلقد عرضتها النجمة للبيع ضمن موقع خاص بها وهي تساوي اليوم مليون دولار ميركي وظهرت بها في جولتها الغنائية في العام 2016 في اليابان وقد أرسلت المصممة نحو 30 قبعة إلى النجمة في العام نفسه.
- وفي أكتوبر 2006 صممت سيرينا ليندمن Serena Lindman في ملبورن أستراليا قبعة بـ 750.000 دولار أميركي للأميرة البالينيزية والعارضة ليندي كلايم Lindy Klim تم ترصيعها بأحجار ماسية زنتها 130ق وأضيف إليها 70 قيراطاً من الأحجار الكريمة الملونة ولؤلؤ بحر الجنوب.
تابعي المزيد عن القبعات واكتشفي كيف تنسقين القبّعات مع أزيائك.
