مثّلت المشاركة الشخصية لوزير الصحة فهد بن عبد الرحمن الجلاجل في إطلاق النسخة الرابعة من المبادرة الوطنية "امش 30" صورة لافتة عن الجهود الكبيرة التي يبذلها المسؤولون في مؤسسات القطاعات الحيوية في المملكة العربية السعودية، وحرصهم على تحقيق أكبر فائدة ممكنة من هذه المؤسسات على المجتمع والفرد.
زيادة متوسط عمر الإنسان
في حديث خاص لمجلة "سيدتي"، وخلال مشاركته في الفعالية التي تنظمها وزارة الصحة، قال فهد بن عبد الرحمن الجلاجل، وزير الصحة : "سعيد بلقائكم جميعاً، اليوم نحن نمشي لمدة 30 دقيقة، وأتينا بالثوب؛ حتى نبين أن رياضة المشي هي رياضة بسيطة سهلة ويسيرة يمكن لأي أحد أن يمارسها لمدة 30 دقيقة يومياً، وهي رياضة مفيدة جداً لجميع شرائح المجتمع، وخاصة السيدات، ويمكن القيام فيها في أي وقت وبدون أي زيّ أو لبس معين".
وأضاف الوزير: "هذه الـ 30 دقيقة مفيدة جداً لنا، فالرياضة مهمة جداً للصحة، وهي تكافح الأمراض المزمنة بدرجة عالية، فمثلاً المشي ثلاثين دقيقة يومياً يساعد على خفض احتمالية الإصابة بالسكتات الدماغية والجلطات القلبية، وكذلك خفض احتمالية زيادة الضغط والسكري، وتُسهم هذه الرياضة أيضاً في تحسين النوم وتخفيف الأرق، وكل هذا يتوافق مع مستهدفات رؤية 2030؛ من حيث زيادة متوسط عمر الإنسان في المملكة العربية السعودية، وصولاً لعمر الثمانين عاماً".
وأشار وزير الصحة إلى المسار الذي حافظت عليه هذه المبادرة منذ إطلاقها قبل أربع سنوات، والنتائج التي حققتها، قائلاً: "أقمنا هذه المبادرة لأربع سنوات حتى الآن، وجنينا منها مكاسب عالية جداً، تمثلت بتحسين متوسط عمر الإنسان، ومعنا اليوم مرضى متعددون شاركوا من بداية انطلاق المبادرة قبل أربع سنوات، واليوم يستطيعون أن يرووا لكم القصص الشخصية عن كيف أسهمت رياضة المشي لمدة ثلاثين دقيقة في اليوم في التقليل من أمراضهم المزمنة، وكيف ساعدتهم على تحسين نومهم وشعورهم بالراحة النفسية".
وختم بالقول: "الحمد لله، عاماً بعد عام نلاحظ زيادة في المشاركة بالفعالية في جميع مناطق المملكة، ونرى أنه أصبح سلوكاً اعتيادياً في المجتمع في جميع الأوقات، وليس فقط ضمن الفعالية".
تكامل الرياضة والغذاء
من جهته، اعتبر الدكتور هشام الجضعي، الرئيس التنفيذي لهيئة الغذاء والدواء، أن: "ميزة هذه المبادرة بدون شك أنها مبادرة بسيطة، تدعو إلى المشي ثلاثين دقيقة يومياً على مدار الأسبوع، وهي مناسبة لكل فئات المجتمع؛ يستطيعون ممارستها كرياضة أولية، بعد ذلك يمارسون أنواعاً متعددة من الرياضات".
وتحدث الجضعي عن محور تركيز الهيئة ضمن عملية التكامل الصحي قائلاً: "نحن في هيئة الغذاء والدواء نتكلم أيضاً عن الغذاء بالتزامن مع جهود وزارة الصحة والجهات الصحية، فممارسة الرياضة تتكامل مع الغذاء الصحي ذي القيمة الغذائية العالية، وقليل السكر والدهون، وبوجود الغذاء الصحي والرياضة بمشيئة الله؛ ستكون الصحة مميزة وجيدة، وذلك يرفع من جودة الحياة، ومن الجانب الاقتصادي والاجتماعي للفرد".
وأضاف: "ومن منطلق دورنا هذا، هناك أعمال كبيرة متعددة تجمعنا مع القطاع الخاص، وكذلك مع الأفراد؛ لأجل تعزيز التغذية الصحيحة والغذاء الصحي، تقدم توصيات متعددة لأفراد المجتمع، وللمختصين في جوانب تغذوية أساسية لنا".
ورداً على سؤال حول ما إذا كان المجتمع السعودي اليوم يعتبر مجتمعاً صحياً، قال: "ولله الحمد، اليوم نرى الجميع يمارس الرياضة بأشكالها المتعددة، كما نرى إقبال المجتمع في المملكة العربية السعودية على الأغذية الصحية وطلبها بشكل كبير جداً، وهذه الفعالية اليوم تؤكد أنك تستطيع أن تمشي بثوبك، ولا تحتاج لملابس معينة، كما تستطيع أن تمشي عند بيتك أو في مكان عملك".
الارتقاء بالمؤشرات الصحية
الدكتور أدهم إسماعيل عبد المنعم، ممثل منظمة الصحة العالمية في المملكة العربية السعودية، قال في حديث لـ"سيدتي": "نحن نجد أن التوجه الحالي في عمل الوزارة، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، والأمير ولي العهد، ووزير الصحة، هو توجه أكثر من رائع، فالمؤشرات الصحية في المملكة العربية السعودية في ازدياد؛ نتيجة الانفتاح على الممارسات العالمية والفعاليات كمثل هذه الفعالية".
وأضاف: "نحن لدينا فعالية مشابهة في منظمة الصحة العالمية اسمها walk the talk بما معناه الرياضة أو المشي للجميع، وهذه الفعالية نحملها معنا في كل المؤتمرات، ويسعدنا؛ كون الوزير يتبنى هذا النوع من الفعاليات ويدعو الجميع إليها في المملكة العربية السعودية، فكما نعرف ممارسة الرياضة تقي مثلاً من التعود على شرب النيكوتين، أو السمنة المفرطة، أو غيرهما، وتساعد على الوقاية من الأمراض المزمنة؛ كالسرطان أو أمراض الدم أو أمراض القلب والأوعية الدموية، وغيرها، فأنشطة مثل هذه تؤدي إلى الوقاية، والوقاية خير من العلاج، وتُسهم في أن يعيش الإنسان عمره بصحة جيدة، وذلك ينعكس على الاقتصاد والعمل والعبء على المستشفيات والصرف على الصحة".
وأشار ممثل منظمة الصحة العالمية إلى أن: "الدول المتقدمة ذات الدخل العالي كالمملكة، معظم مؤشراتها مؤشرات إيجابية للغاية"، وتابع حديثه بالقول: "نحن نحرص على التواجد في هذا النوع من الأنشطة، خصوصاً إذا كانت متفقة مع أحدث الأساليب العلمية، وهنا أذكر أن الوزير دائماً يسأل عن آخر وأحدث ما توصلت إليه الصحة العالمية ليطبقها في المملكة، وهذا هو دافع المشاركة في الأنشطة العالمية في مجال الصحة، واستضافة المملكة للكثير من الأنشطة على أرقى وأرفع المستوى، تهدف إلى الارتقاء بصحة المواطن السعودي والارتقاء بالمؤشرات الصحية؛ لوضع المملكة ونظامها الصحي إلى أعلى مكانة ممكنة من ضمن أكثر عشرين دولة في العالم، وهذا هو الهدف الذي نسعى إليه جميعاً، وإن شاء الله سنصل له في ظل القيادة الحكيمة والرشيدة للمملكة".
ثقافة المشي
التقت "سيدتي" أيضاً بعض المشاركين في الحدث، فكان لنا حديث مع عبدالله الحربي، مدير الشراكات والفعاليات في مشاة الرياض، وهو فريق تطوعي يشجع على رياضة المشي، وقال الحربي: "هذه الفعالية فعالية مميزة، تقام كل سنة، برعاية وزارة الصحة، وبحضور وزير الصحة الأستاذ فهد الجلاجل، ونحن فريق مشاة الرياض فريق تطوعي؛ يهدف لنشر ثقافة المشي في المجتمع لتحقيق رؤية المملكة 2030؛ من أجل أن يكون مجتمعاً صحياً رياضياً بما يتوافق مع الرؤية". وأضاف: "جميع الرياضات هي ذات دور فعال في المجتمع، خصوصاً رياضة المشي، وما يميز رياضة المشي هي بدون أدوات وبدون معدات، تطلق رجليك فقط، وتحظى بالمقابل بالصحة، والسعادة، والفائدة النفسية والجسمانية".
ومن جهته، اعتبر أحمد عبد الله علي العكاسي، أحد المشاركين، أن "المبادرة جميلة جداً، وهي تحث المواطن على أن يمارس الرياضة بشكل مستمر؛ لأن الرياضة تقيه الكثير من الأمراض، وهي تُدخل البهجة والسرور على حياة الإنسان، ولا يطلب من الإنسان أكثر من ساعة يومياً من أجل صحته. الصحة دائماً غالية وثمينة عند الإنسان، إذا ما أهملها أصيب بالأمراض والخمول والكسل". وختم بالقول: "نقول للجميع امشوا، وإن لم تمشِ الآن، وأنت وقادر؛ سوف تمشي وأنت مجبور، ويكون حينها من الصعب عليك أن تمشي".
ومن المشاركات في الفعالية، التقينا بالمشاركة "هند"، التي قالت: "أنا بشكل عام من الناس الذين يحبون الرياضة والمشي تحديداً، وأمارسها بشكل يومي، فأي فعالية يكون فيها رياضة؛ مشي، حركة، أحب أن أشارك فيها، وأتمنى أن تكثر هذه الفعاليات. وما يميز رياضة المشي أنها خفيفة، وأغلبية الناس قادرة على ممارستها، وهي تساعد الإنسان في المحافظة على صحته بطريقة سهلة".
أساليب المشي الصحيحة
أشارت نهى العتيبي، من نادي العلاج الطبيعي، إلى أنهم يشاركون إلى جانب وزارة الصحة في هذه الفعالية للحديث عن أساليب المشي الصحيحة، وأضافت: "من المهم معرفة كيفية اختيار اللباس والحذاء المناسب، وذلك لتجنب الإصابات والآلام مع الوقت، والحذاء المناسب لا بد أن يكون متماسكاً، وذلك عكس ما هو متعارف عليه؛ بأن الحذاء يجب أن يكون مرناً، وأن يكون داعماً لقوس القدم بشكل جيد، كذلك نحن نتحدث إلى المشاركين هنا عن الوقت المناسب للمشي، بحيث لا يكون تحت أشعة الشمس القوية، ولا في ظل البرودة الشديدة، وكذلك ضرورة القيام بتمارين الإحماء قبل وبعد المشي".
عن الحدث
يذكر أن وزارة الصحة بدأت مبادرة "امش 30" منذ عام 2019، وجاءت نسخة 2022 بمشاركة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس، فيما بلغ عدد المشاركين في السنوات الماضية نحو 16 ألف مشارك من مختلف الشرائح العمرية في مختلف مناطق المملكة.
وتهدف المبادرة إلى ترسيخ سلوك المشي بين المواطنين والمقيمين في المملكة، وقياس وعي المجتمع ومعرفة مستوياته المعرفية والرياضية في ممارسة المشي، إضافة إلى تسهيل رياضة المشي على المجتمع لـ 30 دقيقة يومياً، والتوعية والتثقيف بأهميته وفوائده الصحية، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن ممارسة النشاط البدني بشكل منتظم يقي من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة حوالي 35%، كما يقي من الإصابة بمرض السكري بنسبة تصل إلى 58%.
وحققت النسخة الرابعة من المبادرة، والتي أقيمت في المدينة الرقمية بمدينة الرياض، مشاركات واسعة من المواطنين والمقيمين في مدن ومناطق المملكة كافة، لتشكل أكبر تجمع صحي رياضي على مستوى المملكة.
هذا وشهدت مدن ومناطق المملكة كافة، فعاليات ميدانية للمشي 30 دقيقة، في تفاعل لافت مع "امش 30"، ما يعطي مؤشراً قوياً على نجاح المبادرة في التحفيز على ممارسة المشي لمدة نصف ساعة يومياً، بما يُحقق مستهدفات رؤية السعودية 2030، نحو بناء مجتمع حيوي، وتحقيق جودة حياة أفضل؛ من خلال نمط صحي مُستدام، ورفع معدلات الصحة العامة بزيادة متوسط العمر للسكان، حيث حققت المملكة بالفعل ارتفاعاً في متوسط عمر الفرد وصل إلى 77.6.
تصوير: المحررة
اقرأوا معنا المزيد حول الأنشطة والفعاليات الصحية.. واخترنا لكم: تدشين منصة "نفيس" وتوقيع اتفاقية توطين الأنسولين.. أبرز ما جاء على هامش ملتقى الصحة العالمي