المصمم علي محمديون: تصميماتي تحتضن التعبيرات الحقيقية لكل فرد

تعود جذور رحلة التصميم الخاصة بعلي محمديون، إلى سنواته الأولى في إيران؛ حيث قضى وقتاً طويلاً وسط جاذبية الطبيعة في منزل عطلات عائلته. وقد أثارت هذه التجربة افتتاناً بالطبيعة والجماليات، وعندما بدأ بتصميم مساحات منازل أصدقاء والده، أصبحت استكشافات المواد والألوان والأشكال عالماً مليئاً بالشغف، فقاده ارتباطه الفطري بالطبيعة والفن في النهاية نحو مهنة الهندسة المعمارية.. هو مسار كان يؤشر للفنان الذي بداخله.
غمر مصممنا الشاب، نفسه، خلال رحلاته في ثقافات وبيئات مختلفة شحذت حساسياته التصميمية؛ ما سمح له بتقديم وجهات نظر جديدة لتلبية الحاجات الفريدة للعملاء. يعلّق: "حتى أثناء الرحلات الترفيهية كنت أقوم بتحليل أنماط المعيشة والتفاصيل المعمارية، وتصور كيف يمكن إعادة تصميمها ودمجها بمشاريعي. لقد أثرت هذه التجارب الغامرة بعمق في فلسفتي في التصميم؛ حيث دفعت كل إبداع بلمسة من الإلهام العالمي".
التقى "سيدتي. نت" مصمم الديكور الإيراني، علي محمديون.

قد يبدو الجوهر الناعم والدقيق الواضح في تصاميم علي محمديون بلا مجهود للوهلة الأولى، لكنه نتيجة دراسة متأنية ودقيقة؛ حيث يمثل كل مشروع تتويجاً للاستكشاف الإبداعي والتخطيط المدروس. يقول المصمم علي لـ"سيدتي. نت": "من الذكريات العزيزة عن تربيتي الإيرانية، الإمكانات اللامحدودة التي توفرها الهندسة المعمارية. رحلتي هي التزام صادق بإثارة المشاعر والاحتفال بجمال الطبيعة والاعتزاز بالتفاعل بين البشرية ومحيطها. تصاميمي تتضمن بالفعل اندماج الثقافات ببعضها البعض، لكن من المهم التوضيح أنني لا أجمع ببساطة بين الأنماط الشرقية والغربية، بل أسعى جاهداً إلى خلق تجربة جمالية متماسكة ومتناغمة تطمس الخطوط الفاصلة بين نماذج التصميم المتميزة. ببساطة، إن فلسفتي في التصميم تهدف إلى تقديم تجربة للعملاء تتجاوز الشكل السطحي في الجمع بين الأساليب من أجل الحداثة. هدفي تقديم تجربة تصميم عالمية تأخذ العملاء في رحلة استكشافية".

بين المشاعر والتطبيق العملي

من خلال النسج في التأثيرات الثقافية المتنوعة، يقوم المصمم علي بإبداع المساحات التي تحكي قصص أصحابها الفريدة وهوياتهم وتطلعاتهم، وتثير المشاعر والدهشة في الوقت نفسه، تجسد تصاميمه في جوهرها الروح الخالدة للتعبير الإنساني، بصورة جمالية أصيلة وآسرة تتجاوز الحدود الجغرافية، وتحتفي بالتنوع الثقافي، ويظهر ذلك في اختيار اللوحات أو أي عمل فني. يقول المصمم: "ارتباطي بالفن هو انعكاس لإنسانيتي، وأنا بوصفي مهندساً معمارياً منجذباً بشدة إلى اللوحات، التي لديها القدرة على رفع أبسط المساحات إلى ساحات فنية آسرة، فعند اختيار العمل الفني لمشاريعي، فإن أولويتي الأولى تتمحور حول فهم عملائي على المستوى الشخصي العميق؛ حيث يصبح كل عمل فني سرداً فريداً بحد ذاته؛ ما يثري مساحة المعيشة مثلاً، بلمسة خالدة من التعبير الفني. إضافة إلى ذلك، تؤدي الجوانب المالية دوراً، لا سيما في العقارات الفاخرة؛ حيث يتم إبراز الأعمال الفنية القيمة. لذلك، أختار اللوحات التي تعزز التجربة العاطفية للمساحة، وتثبت أيضاً أنها استثمارات قيّمة بمرور الوقت. تتضمن عملية الاختيار كلاً من المشاعر العاطفية والتطبيق العملي؛ ما ينتج منه مساحات ليست مذهلة بصرياً فحسب، بل تُثري العاطفة، وتعبر عن الرخاء والرفاهية".

تصاميمي جماليات أصيلة وآسرة تتجاوز الحدود الجغرافية وتحتفي بجمال التنوع الثقافي

بين الانفتاح والدفء

إن التحدي المتمثل في تصميم بيئات حميمة ومريحة من دون الوقوع في الفوضى أو الفراغ يظل حاسماً في التصميم؛ حيث يصبح تحقيق التوازن المثالي بين الانفتاح والدفء أمراً بالغ الأهمية. ولتحقيق ذلك، لا بد من التخطيط الاستراتيجي، في إطار اختيار الأثاث، ودمجه بالعناصر الطبيعية بعناية مدروسة لخلق أجواء متناغمة وجذابة. إن قبول هذا التحدي يدفع المصمم علي، إلى استكشاف مفاهيم التصميم المبتكرة لغرف المنزل وتزويد العملاء بمزيج متناغم من الراحة والرقي، يشكل قوة بحد ذاته.
يستطرد قائلاً: "بدلاً من الضعف، أتبنى تحدياً ينبع من مكان إبداعي في دبي؛ حيث أتعاون مع عملاء من خلفيات وثقافات متنوعة. يدور هذا التحدي حول الفهم العميق لوجهة النظر الفريدة لكل عميل.. أستثمر وقتاً طويلاً في التعرف إلى قصصهم وتفضيلاتهم، لأنشئ منازل تعكس رؤاهم بشكل أصيل؛ ما يضمن أن يصبح كل مشروع تجسيداً لأحلامهم وتطلعاتهم".

المساحات الحرفية

واجه المصمم إحباطات متكررة ناجمة عن انتشار التحيزات في التصميم، كما يقول، وسواء كانت متجذرة في الثقافة أو الجماليات أو القيود المتصورة، كان لها تأثير ملحوظ في العملية الإبداعية. فما كان منه إلا أن ركز على المساحات الحرفية، التي تحتضن تماماً أنماط الحياة الفريدة لعملائه، مع الخلوّ من أي مفاهيم مسبقة.
يتابع قائلاً: "أسعى إلى تكريس عنصر المفاجآت المبهجة التي تجلب الفرح الحقيقي. خلال رحلتي في التصميم، واجهت عقبات من موردي الأثاث والمقاولين الذين حاولوا فرض أفكارهم؛ ما أعاق تحقيق رؤى عملائي المميزة.. كانت مهمتي باستمرار هي تحدي هذه المعتقدات الصارمة، وتمكين العملاء من احتضان فرديتهم وتطلعاتهم، وفهم أحلامهم. لدي إيمان عميق بأن التصميم يجب أن يحتفي بالتنوع، ويتجاوز القوالب النمطية لاحتضان التعبيرات الحقيقية لكل فرد".

الضوء ومبادئ الفيزياء

يدور مفهوم التصميم حول التفاعل المعقد بين الطبيعة الجوهرية للضوء ومبادئ الفيزياء، التي تتجلى بشكل متناغم في المنسوجات والألوان والمواد. ولإدراكه للتأثير العميق للضوء في رفاهيتنا وعواطفنا، يعطي المصمم علي الأولوية له بوصفه مَورداً ثميناً؛ حيث يتضمن أسلوبه إقامة حوار بين الضوء الطبيعي من البيئة وعناصر التصميم داخل فضائنا الأرضي، لا يحتفل هذا التركيب بالجمال فحسب، بل يكون مناسباً لصحتنا.
يتذكر أحد المشاريع التي لا تُنسى حقاً في مسيرته المهنية، وهو تصميم الحمامات داخل قصر ملكي فاخر في الإمارات العربية المتحدة. كان يمثل التصميم ضمن هيكل القصر تحدياً فريداً، لكن خلق المصمم واحة من الهدوء مع الحفاظ على اتصال سلس بالهيكل الرئيسي. يعلّق: "يظل هذا المشروع شهادة على قوة تشكيل المساحات الهادئة والمتناغمة وسط الفخامة؛ ما يجعله إنجازاً عزيزاً يستمر في تشكيل مسيرتي المهنية".

رقي ذو مغزى

على الرغم من أن العمل في سوق منتجات فاخرة يسمح للمصمم بالتغلب على التحديات المتعلقة، من خلال الحصول على مواد عالية الجودة من أنحاء العالم، لكن يكمن التحدي الأساسي الذي يواجهه علي محمديون بوصفه مصمماً، في اختيار المواد التي تكمل الظروف البيئية وأنماط حياة أهل الخليج، لتحقيق توازن متناغم بين الجماليات والوظائف والاستدامة في صميم فلسفته في التصميم.
يتابع قائلاً: "أركز على الدمج السلس بين المساحات الخارجية والداخلية للمنزل، وإقامة اتصال قوي بين المبنى ومحيطه. يضمن هذا النهج معيشة راقية وذات مغزى. وأختار بدقة الحياة النباتية التي تعزز كلاً من المظهر المرئي والفوائد الوظيفية، مثل: التظليل والتبريد الطبيعي، من خلال إعطاء الأولوية للعناصر الخضراء والممارسات المستدامة، لتكريس الوعي بالبيئة".

النساء وحب الألوان

 تتجاوز تفضيلات التصميم غالبًا الحدود بين الجنسين، ويساهم كلا الشريكين في اختيار جماليات التصميم، فتسهيل التفاعل الاجتماعي أولوية مشتركة بين الأزواج. كما يرى المصمم علي، لكنه يستدرك قائلاً: "هناك ملاحظة مثيرة للاهتمام، وهي أن النساء يملن إلى إبداء اهتمام قوي بالتفاصيل وبالجماليات، إنهن يخترن بدقة لوحات الألوان والمفروشات والديكور؛ ما ينتج منه مساحات تنضح بالأناقة والرقي. كان أحد الطلبات المثيرة للاهتمام التي تلقيتها من عميل رجل شغوف بالسيارات الفاخرة. أراد منصة متحركة داخل غرفة معيشته لعرض سيارته الفاخرة الثمينة، لتكون جزءاً آسراً من المساحة الداخلية. يعرض هذا الطلب الفريد رؤى التصميم المتنوعة والرائعة التي يجلبها الأفراد إلى منازلهم".
يحتل كتاب "نحو هندسة معمارية جديدة" مكانة خاصة في قلب علي، لما يقدمه من رؤى ثاقبة لمستقبل التصميم المعماري واتصاله المتناغم مع العالم الطبيعي؛ حيث تتناسب فيه أفكار كاتبه المصمم السويسري لوكوربوزييه العصرية، مثل: مفهوم الواجهة الحرة والنوافذ الكبيرة بصياغة مباني مستدامة ودمج العناصر الخضراء، مثل حدائق الأسطح. يتابع: "أحلم بتصميم متحف يغذيه شغفي الشخصي بالفن والثقافة بشكل عالمي لا يصدق، يسمح للزوار باختبار أجواء متحف فريدة. ويحتفي بالإبداع ورواية القصص والتواصل الإنساني. إنها فرصة لابتكار يتجاوز الزمن، وبصمة لا تمحى على المشهد الثقافي. أتمنى تحويل هذا الحلم إلى حقيقة".

تعرّفي إلى المزيد: 3 ألوان في الديكور المنزلي للاسترخاء

نصائح عند اختيار عمل فني

يشاركنا المصمم علي خمس نصائح لاختيار عمل فني يكمل الأثاث:
• اختاري الفن للتواصل الشخصي: أعطي الأولوية للعمل الفني الذي يتردد صداه معك على المستوى الشخصي العميق؛ ما يثير المشاعر والتجارب التي تتوافق مع هويتك.
• ضعي في اعتبارك المقياس والنسبة: تأكدي من تناغم حجم العمل الفني مع الأثاث ومساحة الحائط المتاحة؛ للحصول على ترتيب متوازن يعزز الوحدة البصرية للغرفة.
• تبني الجرأة: لا تخافي من اختيار الفن الذي يتحدى القواعد أو يدفع الحدود. يتمتع الفن بالقدرة على إثارة الفكر ورفع أجواء الفضاء.
• ادعمي الفنانين المحليين والمعاصرين: فهذا يساهم في إثراء المشهد الثقافي ومستقبل الفن.
• اطلبي المشورة المهنية: حيث يمكن أن تساعدك رؤاهم في اتخاذ خيارات مستنيرة ترفع من مساحتك وتقديرك للفن.