لم يكن الفنان التشكيلي السعودي محمد الحمد يدرك في بداياته أن فكرة مميزة قدّمها في مسابقة لـ الخط العربي، سترسم له مسار حياته كخطاط محترف؛ إذ إن فوزه في تلك المسابقة عزّز اهتمامه بهذا الفن ذي الأفق الواسع، وجعله يبحث في تفاصيله ليرتقي به من مصافّ الهواية إلى مصاف المهنة والاحتراف.. وعمل الحمد على موهبته هذه ليتقنها، وكان يمارسها بشكل مكثّف يومياً؛ حتى بات يدرك تماماً كيف يهندس الحروف والكلمات، وصارت أعماله تتميز شيئاً فشيئاً، إلى أن بات اليوم أحد أمهر الفنانين المعروفين ضمن هذا المجال، وهو من الفنانين الذين شاركوا في تزيين العاصمة الرياض بالعديد من الجداريات المميزة.
صدفة رائعة
وفي حديث خاص لـ«سيدتي» تحدّث الفنان السعودي محمد الحمد عن بداياته، وكيف ظهر اهتمامه بـ الخط العربي؛ قائلاً: "الأمر كله بدأ بصدفة رائعة؛ إذ إنني شاركت في مسابقة مع خطاطين، وفُزت فيها بالمركز الأول، ليس فقط بناء على شكل الخط أو جماليته؛ بل بناء على الفكرة المميزة التي قدّمتها خلال مشاركتي، ومنذ تلك اللحظة، ظهر عندي الاهتمام بالخط؛ مما جعلني أبتعد عن الرسم التشكيلي بأنواعه الأخرى شيئاً فشيئاً؛ لأتعمق بالمقابل في مجال الخط، ولازلت حتى الآن أبحر في هذا المجال الجميل".
تطوير الموهبة
وأوضح الخطاط كيف عمِل على تطوير موهبته هذه إلى أن أتقنها؛ فقال: "في البداية كنت أكتب أسماء الناس حتى أتمرّس على فن الخط، وكنت أكتب باليوم تقريبا ١٠٠ اسم أو أكثر، وبعد فترة أصبحت أتميز في كتابة الأسماء بأشكال هندسية مختلفة، وأصبح عندي تصورٌ كبيرٌ جداً لما أريد أن أقدّمه في هذا المجال، والحمد لله.. بعدها قررت أن أتابع تطوير موهبتي، وأصبحت أقدّم أشياء أفضل".. وأضاف: "لازال الوقت أمامي لكي أتعلم أشياء جديدة، وأطمح أن يكون عام ٢٠٢٤، عاماً مميزاً، وسوف أنتج فيه عدداً كبيراً من اللوحات، إن شاء الله".
ابتكار أنماط جديدة
وأشار الفنان محمد الحمد إلى أن الخط أصعب من الأنماط الأخرى من الفن التشكيلي، والتي تقوم على الرسومات.. لكن "يمكن للشخص أن يتعلمه بسرعة إذا أحبه".
وعن أنواع الخط العربي التي يستخدمها، قال الفنان: "أحب استخدام خط الرقعة والديواني، ولكن أفضّل ابتكار خطوط أخرى وجديدة، ودمج أنواع مختلفة من الخطوط، ودمج الخط مع الرسم".
أما أجمل العبارات التي استخدمها حتى الآن؛ فأشار إلى أنها كثيرة جداً؛ مضيفاً: "العبارات كثيرة، ولكن أقربها إلى قلبي عبارة: المكان المليء بالفن لا يمكن أن يصبح فارغاً ومملاً..".
كذلك تحدّث الحمد عن أجمل اللوحات التي قدّمها حتى اليوم؛ قائلاً: "الحمد لله، قدّمتُ لوحات كثيرة، ولكن أجملها كانت جدارية رسم مع كتابة (فترة كورونا)، كانت قريبة إلى قلبي؛ كونها تحمل فكرة مميزة".
أما أهم المعارض التي عرض فيها الحمد أعماله حتى اليوم؛ فهي: "شاركت في العديد من المعارض والفعاليات التي لا تُحصى، الحمد لله، وكانت لي مشاركات مع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، ومشاركات مع شركات ووزارات وهيئات ومراكز وفرق تطوعية كثير".
تفاعل الناس
وأكد الحمد أن تفاعل الناس مع أعماله، هو الذي يجعله مستمراً في عطائه الإبداعي، وفي حالة تجدد وتطور دائم.. وأشار إلى أن: "فن الخط العربي ساهم في إعادة اهتمام الناس باللغة العربية، وكان (عام الخط العربي) أكبر تأكيد على ذلك".. مشدداً على أهمية التمسك باللغة العربية وحروفها الجميلة، بالقول: "اللغة العربية أساسنا، والتمسك فيها يدل على حبنا لثقافتنا؛ لأنها جزء كبير من حضارتنا كعرب".
ونوّه الحمد بدعم واهتمام الجهات الرسمية والخاصة باللغة العربية؛ قائلاً: "الاهتمام جداً واضح وعالٍ، ونشكرهم على الاهتمام كشركات ووزارات وهيئات وجمعيات".
وختم حديثه بالقول: "منذ بضعة أيام، احتفلنا باليوم العالمي للغة العربية، ونحمد الله على هذه المناسبة المميزة.. وعلى كل شخص عربي أن يفتخر بهذا اليوم العالمي وليس فقط الخطاط أو الفنان، وأن يسعى دوماً لتقديم شيءٍ مميزٍ لوطنه ولغته العربية، والحمد لله، وصلنا لمرحلة صار فيها الغرب يفضلون أن نكتب أسماءهم باللغة العربية، وهذا شيء جميل، معناه أن لغتنا منتشرة في العالم كله".
إذا كنتم ترغبون بالتعرف أكثر على فن الخط العربي، اقرأوا معنا هذا المقال: الفنان خالد المطلق يروي رحلته مع الخط العربي تأثراً بوالده
ملاحظة: جميع الصور من الفنان نفسه لـ "سيدتي"
