من خرج أولاً من هاجس البداية.. الجمهور أم صنّاع السينما؟!

سهى الوعل
سهى الوعل
سهى الوعل

طرح الكاتب الروائي عبده خال الأسبوع الماضي سؤالاً مهماً عبر جلسة تأتي ضمن مبادرة أطلقها بعنوان: «الخروج من البدايات السينمائية»، تساءل فيها عما إذا كنا خرجنا من البدايات السينمائية في السعودية أم مازلنا في البداية، وهنا أرى أن الجمهور خرج فعلاً لكننا نحن كإعلام وصناع سينما لانزال عالقين.

أقول ذلك لأنني أعرف أن الجمهور توقف عن قول كلمة «فيلم سعودي» ربما ابتداءً من فيلم «الهامور ح. ع»، عندما كان يذهب للسينما ويخرج قائلاً: «فيلم جميل»، أو «فيلم جريء»، أو «فيلم غير لائق»، وهذا مؤشر على أنه لم يعد يأبه لجنسية الفيلم، بل لمدى جودته وقدرته على إمتاعه أو استفزازه.

صناع السينما وأهل الصحافة والإعلام مازالوا عالقين في البدايات السينمائية، فالصحافة لاتزال تستخدم الأوصاف نفسها، على سبيل المثال: «أول فيلم سعودي يتم تصويره في المنطقة الفلانية، أول فيلم سعودي تلعب بطولته طفلة، أول فيلم سعودي يتم تصويره بطاقم أمريكي، أو فيلم سعودي يناقش قضية التعدد.. وهكذا»، دائماً سيبحث الصحافي عن عنوان يستطيع إدراج كلمة «الأول» فيه.

هذا الأمر يجعلني أؤكد أن الصحافة لم تخرج بعد من البدايات السينمائية، والخطوة الأولى لتخرج منها هو أن تبدأ في البحث عن عناوين أكثر عمقاً وصدقاً و«أهمية»، تتحدث عما يميز هذا الفيلم عن غيره كفكرة ومضمون وتجربة ومجهود، كتقنية جديدة تم استخدامها، أو قضية مؤثرة يتناولها العمل، أو خط سينمائي يميزه.

أما بالنسبة لصناع السينما فالأمر مختلف، أعتقد أنهم عالقين في بعض المهن دون غيرها، وهذا هو السبب الذي يجعلهم في البدايات السينمائية، حيث إنك نادراً ما تجد من يريد أن يتخصص في مجال غير شائع، الكل يطمح أن يصبح منتجاً، كاتباً، مخرجاً، أو ممثلاً، وحبذا لو استطاع جمع كل تلك المهن معاً، بينما تبقى العديد من المهن السينمائية لدينا من دون متخصصين فيها، آخرها كان ما سمعته من إحدى الصديقات العاملات في المجال عن المحاسبين السينمائيين وندرة وجود سعوديين في هذا المجال، على الرغم من البحث المستمر عنهم، والرغبة في تدريبهم وتهيئتهم للمهمة الحساسة.

إذاً.. لا يمكن القول إن السينمائيين تجاوزوا البدايات طالما أننا لا نستطيع صناعة فيلم بسهولة هنا من دون الحاجة لاستقدام أعضاء من فريق العمل من الخارج، وعندما يصبح الأمر خياراً وليس إجباراً، أي عندما تصبح لدينا رفاهية الاختيار بين عامل متخصص في مهنة سينمائية معينة من هنا أو من بلد آخر، وقتها نستطيع القول إننا كسينمائيين خطونا خطوتنا الأولى فعلاً بعيداً عن البدايات.