الرياض- عبير بو حمدان
من المصممات الرائدات في المملكة العربية السعودية، غاصت في بحر الفنون الواسع حتى وجدت شغفها الحقيقي، لم تُحبطها صعوبات الانطلاقة، سعت وتمكنت وتطورت، برعت في الرسم اليدوي للمجوهرات، وذهبت منه نحو التصميم الرقمي، الذي تعتبره توفيراً للوقت والجهد والمال، وسعت إلى تعرُّف الناس إلى أهميته، من خلال الدورات التدريبية.
«سيدتي» تستضيف حنان بنوب مصممة المجوهرات، والمدربة المعتمدة من المؤسسة العامة للتعليم والتدريب؛ لتخبرنا عن علاقتها بالأحجار الكريمة وتصاميمها الخاصة بالمناسبات الوطنية، ومنها يوم التأسيس.
تصاميم المناسبات
بدايةً قبل أن نغوص في تفاصيل رحلتكِ مع المجوهرات، حدثينا عن تصاميمك للمناسبات المهمة، ولاسيما أننا نحتفي اليوم بمناسبة يوم التأسيس؟
نعم، أحب تقديم تصميمات فريدة خاصة بيوم التأسيس واليوم الوطني والأعياد الدينية ورمضان؛ فهي من أهم المناسبات في تاريخنا، ولكن ليس كل عام؛ لانشغالي بالتدريب في المعاهد والأكاديميات.
بدايات الرحلة
حدثينا عن خطواتك الأولى بوصفك مصممة؟
أولى خطواتي في التصميم كانت بعد دراستي للتصميم مباشرة، التقيتُ تجاراً معروفين وعرضتُ عليهم العمل مصممة، لكنني لم أجد القبول من الجميع وقتها، ولم يكن هناك تقبُّل بصفتي مصممة سعودية للمجوهرات.
دخلتِ مجالات متنوعة للعمل قبل المجوهرات، هل كانت رحلة للبحث عن شغفك؟
فعلاً، البحث عن الشغف أخذ مني وقتاً طويلاً، احترفتُ التطريز وأعمال الريزن والخشب والزجاج والحرير والجلد والفن التشكيلي، وسلكتُ مجال التعليم في كل تلك المهارات؛ لذلك الآن أنا أنصح الجميع بألا يأخذوا وقتاً طويلاً لاكتشاف شغفهم.
تقولين، بدايةً لم يكن هناك تقبُّل للتصاميم المحلية، لماذا؟ وما التحديات الأخرى التي واجهتِها؟
كان التجار مكتفين بالتعامل مع مصممين من خارج الوطن من مختلف الجنسيات، كذلك أتوقع خشيتهم من خوض المغامرة والتعامل مع مصممة سعودية كون ذلك أمراً جديداً وقتها، بالإضافة إلى أن بعضهم كانوا يُعجبون جداً بتصميماتي؛ فبعضهم يأخذها من دون مقابل، وكان الأمر مزعجاً جداً بالنسبة لي، ووضعني أمام تحديات كبيرة في سوق العمل.
أول مجموعة كانت مجموعة حياة، ما الرسالة التي أحببتِ إيصالها من خلالها؟
أول مجموعة أطلقتُها، ولله الحمد، كانت "حياة"، وتقوم على توجيه رسالة، أنه على الرغم من حجم المسؤوليات والمهمات التي تتحملها المرأة على عاتقها؛ إضافةً إلى المشاكل الاجتماعية والمادية والأسرية؛ فإنها تتسلح بالأمل والتفاؤل وتحدي الذات والسعي للمستقبل، بإرادة جبارة مع ابتسامة جميلة.
بدأ الأمر بوصفه فضولاً لديكِ حول نوع جديد من الفن، كيف صقلتِ فضولكِ هذا حتى تحول إلى إبداع؟
ما سهَّل عليَّ صقل فضولي نحو عالم المجوهرات بالمقام الأول هو دعم زوجي ورفيق دربي، وكذلك دراستي الجامعية للفنون وهواية الرسم، وقناعتي بأن هذا المجال عالمُ جمال يعكس على الروح رقياً وسمواً وجمالاً مضاعفاً، وقبل ذلك كله، التوفيق من رب العالمين.
المصممات السعوديات يقدمن تصاميمهن بكل شغف وحب، ولذلك قالت المصممتان لينا وهلا محمد الخريجي: كل قطعة تحمل رسالة مختلفة يجمع بينها الحب
تحقيق الأحلام
اليوم مع التحول الوطني، كيف أصبح وضع المصممات السعوديات؟
هنيئاً لكل المصممات السعوديات على رحابة الصدر التي يجدنها حالياً في سوق العمل، ومن ضمنهن أنا، ولله الحمد. أرى الوضع مبشراً بالخير، في ظل التعاون الكبير بين التجار والمصممات بصورة تُثلج الصدر، وأنا أود من هذا المنبر، أن أشكر جميع التجار الذين تعاملتُ معهم، ومَن لم يحالفني الحظ بالتعامل معهم، على حسن أخلاقهم ومصداقيتهم ووطنيتهم العالية، في تسهيل الأمور لنا في مواكبة التطور وتحقيق الأهداف والأحلام.
لم تكتفي أبداً من التعلُّم، ما أحدث ما تعلمتِه من تقنيات؟
الحمد لله، احترفتُ تصميم الإسكتشات الورقية والرقمية والثري دي، وقريباً سأتفرغ للتعمق في الأحجار الكريمة، إن شاء الله.
هل ترتبط المجوهرات بالزمن؟ وما الذي يجعلها تبقى؟
ترتبط المجوهرات بالدرجة الأولى بحب التزيُّن في جميع الأزمان، منذ أن خُلقت البسيطة والإنسان يرغب ويهوى التزيُّن بأبسط الموجود، كالعظام والجلود والأخشاب والحبال وغيرها. ومع كل تطوُّر وتعاقُب زمني، يكون هناك اكتشاف لخامات بيئية جديدة يسخرها لنا المولى، عز وجل؛ حتى وصلنا إلى الكنوز العظيمة من الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة، بفضل الله. وأصبحنا نتفنن في تشكيل جواهر نفيسة بأفكار إبداعية كبيرة بأيدي مصممات سعوديات وصائغي مجوهرات محترفين.
تصاميم ذات بُعد عاطفي
تتقنين التعامل مع الأحجار الكريمة؛ حتى أصبح ملعبَك الأساسي، ما المميز بالأحجار؟
من أساسيات دراسة تصميم المجوهرات، هو التعامل مع الأحجار الكريمة بالشكل الذي يساعدني على العمل والخوض في المجال. تعلُّم أنواع وأشكال وألوان الأحجار الكريمة، يحميك من الاحتيال والغش أولاً وأخيراً، ويساعد على الاختيار الجيد لكل تصميم، ومناسبته للوقت والمكان.
أيُ حجر هو المفضل بالنسبة لكِ؟
الأميتيست بالمقام الأول، ويليه الزمرد والألماس واللؤلؤ.
هل صحيح ما يُقال حول الأحجار، إن كل شخص هناك حجر محدد يناسبه؟
صحيح، ولكن لا يمنع أن يمتلك الشخص أنواعاً مختلفة.
أيٌّ من تصاميمك الأقرب إلى قلبك؟
خاتم مميز صممتُه لوالدتي الحبيبة بخط يدي بمناسبة افتتاح مشروعي، وهو حصري ولن يستطيع أيُّ إنسان أن يمتلك مثله، وأسعى أن أقدم خدمة التصميم المميز بخط اليد لكل عميل يرغب بتفرده بقِطعٍ غيرِ مكرَّرة أبداً، وخاتم مميز بأحجار كريمة لولدي بمناسبة التحاقه بالجامعة، ومجموعة "حياة"، أول إنتاج فعلي لمشروعي، وسلسال كف اليد باسمي؛ لإحياء موضة قديمة بصورة مبتكرة، ومجموعة "النمنمة" التي شاركتُ بها في موسم الرياض.
التصميم الرقمي توفير للوقت والجهد والمال
هل تفضلين التصميم اليدوي أو التصميم الرقمي؟
كليهما؛ لأن أساس التصميم الرقمي يعتمد على إجادة التصميم اليدوي.
ما مميزات التصميم الرقمي؟
هناك مَن يستصعب استخدام فرش التلوين أو لا يجيدون الرسم فعلاً. التصميم الرقمي يسهِّل على المستخدم استعمال الأقلام وباليت الألوان، كما أنه سهَّل التعديل على العمل الذي يقوم به، بالإضافة إلى إخراج أكثر من رسم في وقت واحد، ولا ننسَ المخرجات النهائية للقطعة، التي تكون في أجمل وأروع شكل. من مميزاته أيضاً: توفير للوقت والجهد في الرسم والتعديل والتلوين، وتوفير للمال؛ فكل ما نحتاجه من خامات وأدوات متوافرة في برنامج واحد، كما يمكن استخدام التصميم بوصفه خلفية، أو بطاقة أو مجلداً أو مستنداً.
كيف تطورت تصاميمكِ مع الوقت؟
بفضل الله، ثم بمتابعة كل جديد من موضة سنوية، ومتابعة المصممين في كل أنحاء العالم في مواقع التواصل من دون تحديد، وأخيراً بالاستمرارية في رسم وتصميم المجوهرات مع استلهام أفكار جديدة؛ لأن الاستمرارية أساس التطوُّر والنجاح.
هل اختيارات المرأة السعودية مختلفة عن غيرها من النساء؟
نعم؛ ففي جميع مجالات التزيُّن، من أزياء ومكياج ومجوهرات، لا ترضى إلا أن تكون متميزة دوماً؛ لذلك أرى أنها مختلفة.
نصائح للمصممين الجدد
تقولين إن المنافسة القوية ضمن مجال المجوهرات، تجعله أجمل، كيف؟
المنافسة الشريفة التي لا يُوجد بها ضرر، كما أرشدنا إليها نبي الأمة محمد، صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضِرار"، وكذلك يقول رسولنا الكريم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". وفي الواقع، وجدتُ التنافس الشديد في سوق الذهب والمجوهرات، لكنني وجدتُ بالمقابل التعاون وحب الخير والعطاء حتى لو كان قليلاً. وهذا منهجي وأسلوبي في عملي، أقدِم الخير بما تجود به نفسي، سواء في التصميم أو التدريب على العموم.
عدة مراحل يمُر بها المصمِّم قبل أن يصبح مصمماً محترفاً، ما هي؟
تحديد شغفه الحقيقي والتعرُّف إليه من خلال جمع المعلومات، وقراءة المزيد حول كل جديد في المجال، والالتحاق بالمعاهد لدراسة تصميم المجوهرات على أيدي خبراء ومدربين موثوقين، والاستمرارية في الممارسة وتدريب اليد على التصميم اليومي، وإجراء تقييم شخصي دائم لملاحظة التطوُّر الحاصل، ومتابعة المحترفين من المصممين في العالم، والاستلهام الجيد من البيئة المحيطة؛ لجمع أفكار إبداعية، ومشاركة المحيطين آراءهم حول التصميمات، وأخيراً الاستحقاق لا يمنع التواضع مع الناس، وحب الخير للجميع يَزيد من نسبة النجاح في العمل.
تمارسين أيضاً دوركِ بوصفكِ مدربة، حدثينا عن أهم الدورات التي قدمتِها؟
نعم، أقدم كورسات في تدريب للمبتدئين في مجال التصميم، وكورسات متقدمة للمصممين، وكورسات في اللؤلؤ، وكورسات في التصميم الرقمي للمجوهرات.
برأيكِ، متى يفشل المصمِّم؟ وكيف يتخطى الفشل؟
احتمالية فشل المصمم تبدأ عند أول سقوط، إذا خاف واستسلم، هناك احتمال كبير أن يفشل، كذلك إذا اهتم لما يُقال عنه، أو إذا أصابه الغرور؛ فالغرور يدمر صاحبه، ولا يمكن للمصمِّم أن يتخطى فشله إلا إذا جعل كلام الناس آخر همٍّ له، وعليه أن يثابر على التعلُّم حتى يشيب؛ حتى لو كان المعلم أصغر منه عمراً، وعليه أن يتحلَّى بالتواضع وحسن التعامل مع الغير، وكلما تعثر يحاول الوقوف والاستمرار في المُضي؛ لأنه مع كل عثْرة، هناك حكمة يتعلمها.
تعرفوا إلى المزيد من المصممات السعوديات اللواتي برعن في مجال المجوهرات، وفي هذا السياق تقول المصممة هلا الأسمري: مصممو المجوهرات العرب يكسرون الحدود لتأثير عالمي