في بعض الأحيان، قد يكون لدينا شعور بعدم فهم أنفسنا، وعدم معرفة ما نريد أو إلى أين نتجه. وكأننا في نفق لا نهاية له، لا نرى منه مخرجاً ولا مستقبلاً، ومع بداية ظهور الأزمات والصعوبات يظهر ذلك الشعور المزعج بعدم معرفة أو إدراك ما يحدث لنا، الذي يفقدنا مقدرتنا على بالتفكير بوضوح في كيفية مواجهة مثل هذه الأمور؛ فنحن لا نفهم أنفسنا الحقيقية ولا نعلم الكثير عنها. بالسياق التالي "سيدتي" التقت أمل ناجي، خبير تنمية بشرية ودعم ذاتي؛ لتخبرنا: كيف نتمكن من فهم أنفسنا؟
عدم فهمنا لأنفسنا يجعلنا غير مدركين لقدراتنا الحقيقية
تقول أمل ناجي لـ"سيدتي": هل تعتقد أنك تعرف نفسك الحقيقية؟ هل تعلم كيف تفيدك معرفة ذاتك وفهمها؟
في بعض المواقف قد نجد أنفسنا متورطين في صعوبات لا نعرف كيفية الخروج منها، وعدم فهم أنفسنا قد يجعلنا غير مدركين لقدراتنا الحقيقية؛ ما يصيبنا بشك في مقدرتنا على إمكانية التعامل مع هذه المواقف، وحتى إن واجهنا هذه الصعوبات؛ فسنشعر أننا غير راضين عن الطريقة التي نتصرف بها، ما يعرضنا لصراع داخلي خاص بنا.
لماذا تُعتبر معرفة الذات مهمة؟
تقول أمل: تشير الدراسات إلى أن فهم الذات المتحقق في الوعي الذاتي يساعدك على الاستمتاع بحياة مرضية على مختلف الأصعدة؛ حيث إن معرفة الذات الحقيقية تعني أن تكون على دراية بجميع الجوانب التي تهم نفسك من سماتك إلى السلوك والمشاعر التي تشعر بها أكثر من غيرها؛ فمعرفة نفسك تتضمن رؤية كل التفاصيل من حولك، ومن ثَم يتضح لنا أن المعرفة الذاتية الشخصية ضرورية لكل منا لمعرفة من نحن وما تصوراتنا الحقيقية، وما معارفنا التي تؤثر في كل جانب من جوانب حياتنا اليومية.
هل يمكنك التعرف إلى ذاتك الحقيقية بوضوح؟
تقول أمل: الحقيقة هي أنك لن تعرف دائماً كيفية التعمق في نفسك بالطريقة الصحيحة؛ فالإمعان بالاهتمام بمشاعرنا وأفكارنا ليس بالأمر الجيد دائماً؛ فبحسب الدراسات، فإن الاستبطان الذي تستلزمه معرفة الذات عامةً؛ قد لا يؤدي دائماً إلى السعادة، ففي كثير من المناسبات نجد الأشخاص الذين يفكرون دائماً وطوال الوقت في أنفسهم ويتعمقون في دواخلها يعانون من التعاسة والتوتر والاكتئاب. والسبب هو أنهم يبالغون ولا يقومون بذلك دائماً بشكل صحيح؛ ما يسبب لهم المزيد من الانزعاج، وفي الوقت الذي يُفترض فيه أن فهمنا لأنفسنا يجب أن يؤدي إلى رفاهيتنا نجد أنفسنا عالقين في فخ من التوتر والقلق وأحياناً التعاسة كما ذكرنا.
ويمكنك التعرف بالسياق التالي على إجابة هذا السؤال: كيف تفهم عواطفك وتواجهها؟
فوائد الوعي الذاتي الشخصي
إن فهم أنفسنا ومعرفتها ليس ضرورياً فقط لإقامة علاقة جيدة مع الذات، ولكنه حيوي للاستمتاع بحياة مليئة بالرفاهية النفسية والجسدية. بالإضافة إلى ذلك، فإن معرفة نفسك توفر أيضاً هذه الفوائد:
أن تكون أكثر استباقية:
فعندما تتطور المعرفة الذاتية؛ فإن إحدى الفوائد الرئيسية هي معرفة كيفية تحديد فضائلنا وعيوبنا. وبهذه الطريقة، يمكننا تصور كيفية الوصول إلى أهدافنا بطريقة أكثر واقعية.
أن تتمتع بقدر أكبر من التحكم في النفس:
من خلال معرفة وفهم أنفسنا، يصبح من الأسهل تحديد متى ستظهر مشاعرك ومتى ستبقيها بداخلك، ولهذا السبب تكون هناك سيطرة أكبر على أفعالنا وأفكارنا. ومن خلال ضبط النفس، يميل الناس إلى العمل بطريقة أكثر إبداعاً وإنتاجية، وتنفيذ الأنشطة يكون بطريقة أكثر فعالية.
أن تكون قادراً على اتخاذ قرارات أفضل:
يُعد فهم الذات ومعرفتها من أكثر الطرق فعالية لمعرفة القرار الأفضل بالنسبة لنا. وهذه ميزة عظيمة للأشخاص الذين يريدون اتخاذ قرار جيد لأنفسهم في غضون وقت قصير.
أن تكون أكثر احتراماً لذاتك:
عندما يتخذ شخص ما قرارات جيدة، ويتمتع بقدر أكبر من ضبط النفس ويكون استباقياً؛ فإنه يشعر بتحسن كبير تجاه نفسه، ففي كثير من المناسبات يفتقر الناس إلى هذه القدرة؛ فلا يتمكنون من التغلب على المطبات العاطفية.
تؤكد أمل ناجي أن الشخص عندما يتمتع بتقدير صحي لذاته؛ فهذا يعني أن لديه مفهوماً جيداً لقدراته، ويستطيع تقييم نفسه بنفسه ذاتياً؛ أي أنه يعرف من هو فضلاً عن إدراكه خصائصه وإيجابياته وعيوبه وفضائله على السواء. ولهذا السبب؛ ترتبط معرفة الذات واحترام الذات ارتباطاً وثيقاً.
كيف تفهم نفسك؟
تقول أمل: يمكن العمل على المعرفة الذاتية العاطفية والشخصية من خلال أنشطة أو تمارين مختلفة مثل:
التأمل مع اليقظة:
بممارسة التأمل واليقظة يطور الناس المزيد من المعرفة الذاتية الخاصة بهم. يحدث هذا لأن هاتين الإستراتيجيتين تضعان تركيز انتباهك على نفسك. بفضل تطوير هذين الأمرين تزيد المعرفة الذاتية للنفس؛ فيمكن معرفة المزيد عن كيفية التحكم في "الأنا" الداخلية.
ممارسة اليوغا:
اليوغا ليست مجرد تمرين بدني، ولكنها تتضمن أيضاً ممارسة عقلية. في هذا النوع من الأنشطة، يتم تمديد أجزاء الجسم المختلفة، ولكن نحاول أن نكون على دراية بكل منها. بهذه الطريقة، يمكننا أن نتصور أجسادنا بشكل أفضل وأن نكون أكثر وعياً بما نشعر به في كل لحظة.
التوقف والتأمل:
في العديد من المناسبات، تمنعنا سرعتنا الجامحة من التوقف وأخذ الوقت للتفكير في أنفسنا. لذلك، فإن أحد أفضل تمارين معرفة الذات سيكون على وجه التحديد أن يكون لديك مساحة يومية للإبطاء والتفكير في ما تشعر به في جميع الأوقات.
كتابة مذكرات شخصية:
الكتابة عن نفسك كل يوم لا تجعلك تعرف نفسك بشكل أفضل فحسب، بل تجعلك تتخيل المزيد عما تفعله، وعما تريده في حياتك؛ لذا فإن إحدى الطرق الأساسية لتحسين جميع الجوانب الداخلية والخارجية لنفسك هي الحديث عن نفسك مع نفسك عبر المذكرات الشخصية.
التحدث مع الآخرين:
يمكن ممارسة معرفة الذات وفهمها مع أشخاص آخرين؛ فيمكنك التحدث عن الأمر مع أحبائك، ما سيمكنك من رؤية ما هو أبعد من منظورك الشخصي.
بالنهاية تؤكد أمل أن معرفة نفسك يعني التمتع بحياة أكثر هدوءاً وتأملاً. لهذا السبب عليك أن تعمل على إيجاد التوازن بين الزحام اليومي ومساحة للعناية بنفسك.
وإذا تابعت السياق التالي فستكتشف أسرار تطوير الذات لحياة أكثر تميزاً