الأم التي تقوم بدورين في آن واحد، بسبب غياب الأب -لدواعي السفر أو الوفاة أو الطلاق- ، تتحمل مسؤولية جميع جوانب رعاية طفلها أو أطفالها بشكل يومي، وفي المراحل الأولى تقع على عاتقها مهمة إدارة بعض التحديات الخاصة، وما يمكنها القيام به لتربية طفل سعيد يتمتع بصحة نفسية وجسدية، ومن ثم يجب الحذر.
شعور هذه الأم الوحيدة بالتعب والتشتت باستمرار، قد تنشأ عنه مشاكل سلوكية لدى الأطفال؛ حيث تختبر خلال رحلتها الطويلة الكثير من المشاعر، كالاكتئاب والإجهاد والغضب والألم والخوف والشفقة على النفس والشعور بالوحدة، وإذا لم يتم التحكم في هذه المشاعر بشكل جيد، فسيؤثر ذلك على كل شيء، بما فيها القدرة والاهتمام بتلبية احتياجات الطفل.
"سيدتي" التقت بالدكتورة أحلام الزيات أستاذة علم الاجتماع للتعرف إلى أساسيات تربية الطفل في حالة عدم وجود أب، وسبل القضاء على التوتر، مع الشرح والتفسير.
التربية في ظل غياب الأب
- لأسباب عديدة قد تجد الأم نفسها تتحمل مسؤولية تربية الأبناء بمفردها، سواء لوقوع الطلاق بين الزوجين أو بسبب وفاة الزوج، أو لهروب الرجل- الأب- من المسؤولية المادية والمعنوية لسبب ما.
- قيام الزوجة بدور الأب والأم معاً، يشكل ضغطاً كبيراً على الزوجة، وأحياناً لا تكون الزوجة مؤهلة للقيام بالدورين معاً، ما يزيد من حاجة الأبناء إلى أب أو إلى من يمثل صورة الرجل الأب في حياته.
- الظاهرة أصبحت شائعة وتتكرر مع زيادة نسبة الطلاق، والسؤال : هل تستطيع الأم القيام بالدورين معاً؟ وكيف تستطيع أن تعوض غياب الأب بما لا يؤثر سلباً في نفسية أبنائها وتربيتهم؟
- هناك اتفاق على أن وجود الأب يعد ركناً أساسياً في الأسرة، لكن حدث أن نسبة كبيرة من الأسر منذ السبعينيات من القرن الماضي، شهدت خروج الرجل وسفره بعيداً؛ لتوفير مستوى جيد للأسرة، فتحملت الأم الأعباء.
طالعي أيضاً استراتيجية..تعامل الأم الوحيدة مع أطفالها
"الأسرة العرجاء"
- غياب الأب أو عدم وجوده وسط الأسرة يطلق عليه أساتذة علم الاجتماع "الأسرة العرجاء"؛ بمعنى أن أي أسرة تقوم على قدمين هما الأب والأم، وغياب أحدهما يعني أن الأسرة أصبحت عرجاءً تسير بالكاد بقدم واحدة.
- على الأم أن تنبذ فكرة العنف تماماً، وألا تتقمص دور الأب في الشدة والعنف، على حساب دورها الأساسي في تقديم العاطفة والاحتواء لأبنائها؛ ظناً منها أن هذه هي الطريقة المثلى لتعويض غياب الرجل.
- على الأم أن تتعامل مع أطفالها بالحب والتفاهم خاصة أنهم أجيال عصر السماوات المفتوحة، التي لا ترضخ لفكرة العنف أو تستسلم له؛ حتى لا يتهم أولادها باللين والضعف، وهو ما يعطي نتائج عكسية.
تربية الطفل في أسرة بلا أب
- التعامل لابد وأن يعتمد على النقاش واحترام الذات، وكلما كانت العلاقة بين الأم والأطفال إيجابية كانوا أكثر تقبلاً لكلام الأم، وإلا لجأوا للعناد كرد فعل للعنف.
- مواجهة هذه المواقف تعتمد على شخصية الزوجة؛ فهناك الشخصية القيادية والأخرى الناضجة، وثالثة قادرة على تحمل الصعاب، وكل هذه الشخصيات لديها القدرة على التعامل مع الموقف وتبحث عن البدائل التي تعينها.
- هناك شخصيات أخرى بطبيعتها سلبية واعتمادية، ليست لديها القدرة على تحمل الضغوط، ولا تستطيع اتخاذ القرارات، وهذه الشخصيات سرعان ما تفقد السيطرة على الأولاد وتحتاج إلى من يقف بجانبها ليلعب دور الأب.
- التعامل مع المواقف المختلفة التي تواجهها؛ فمثلاً عليها ألا تتردد في التعامل مع الأولاد بشدة في المواقف التي تتطلب ذلك، ولا تسقط في فخ التدليل الزائد بحجة أنها تعوضهم فقدان الأب.
- في حالة غياب الأب تكون ظروف الأسرة المادية محدودة تعتمد على دخل الأم فقط، وعليها أن تجعل الأولاد على دراية تامة بمستوى الدخل ولا تلجأ إلى إخفائه خوفاً من أن يشعرهم ذلك بالنقص عن أقرانهم.
- المرأة تستطيع أن تواجه المجتمع وحدها بإصرارها وبقدرتها على مقاومة الضغوط التي تتعرض لها، ولابد من التعامل مع المواقف والأزمات بقدرٍ من الهدوء والاتزان، مما يجعلها تتخطى كافة الصعاب التي تواجهها.
بعض الاستراتيجيات الإيجابية لتخفيف التوتر
- اظهري حبك لأطفالك، وتذكري مدحهم، وامنحيهم حنانك ودعمك غير المشروطين، خاصة في حالة مرضهم، وخصّصي وقتاً كل يوم للعب أو القراءة، وقومي بإنشاء روتين ثابت، يتضمن جدولاً منظماً لأوقات الوجبات ومواعيد النوم، وأوقات الأنشطة والوقت الذي ستلعبينه معهم.
- ضعي حدوداً، واشرحي قواعد المنزل لطفلك، مثل التحدث باحترام، وعدم الصراخ، والانتهاء من المهام في وقتها، وتحديد وقت الأجهزة اللوحية، واحترام الكبير، وعدم التعدي على الضعيف.
- توفير مكان مناسب لرعاية ابنك أثناء غيابك، كالحضانات أو المدارس، وابحثي عن مكان مؤهل يستطيع ابنك قضاء الوقت فيه وأنت مطمئنة، فهذه مسؤوليتك أنت.
- لا تشعري بالذنب، ولا تلومي نفسك، وتحكّمي في غضبك، فقد يكون الصراخ بلا سبب أحياناً، وبدل ذلك تعاملي بنضج، وتحكمي في أعصابك.
- لا تدلّلي طفلك لتعويضه عن غياب والده، وقد تشعرين بالتردد في تأديب طفلك معتقدة أنه مرّ بما يكفي، لكن التعامل مع قضايا السلوك عند حدوثها يجنب المشاكل لاحقاً.
استراتيجيات تربية الأبناء من دون وجود الأب
- تحملي المسؤولية، وامنحي طفلك مستوى من المسؤولية مناسباً للعمر، ويجب أن يعيش طفولته ولا تتوقعي منه أن يحل محل والده في تحمل مسؤوليات رجل المنزل.
- اعتني بنفسك، ويجب أن تمارسي الرياضة وتضميها في روتينك اليومي، وتناولي طعاماً صحياً ونامي مدة كافية، ورتبي بعض الوقت للقيام بأنشطة تستمتعين بها بمفردك أو مع الأصدقاء.
- الاعتماد على الآخرين، انضمي إلى مجموعة الأمهات في المبنى الذي تقطنين فيه أو شارعك لتدعمن بعضكن بعضاً في العمل كمرافقات لأطفالكن، ويمكن التناوب على ذلك بما يوفر الوقت لكل واحدة منكن.
- ابقي إيجابية، ولا بأس أن تكوني صريحة مع طفلك في حال كنت تمرين ببعض الصعوبات، لكن أكدي له أن الأمور ستتحسن، واحتفظي بروح الدعابة عند التعامل مع التحديات اليومية.
- انتبهي لأبنائك المراهقين، بعض الأبحاث أظهرت أن المراهقين في الأسر ذات العائل الوحيد، لديهم مخاطر أعلى للاكتئاب وانخفاض احترام الذات.
- لا يهم إذا كنت أمّاً وحيدة لطفل، فهذا لن يؤثر على طفلك كثيراً في حال كنت تقضين وقتاً جيداً وممتعاً معه، إضافة إلى وجود عائلتك الكبيرة حوله، وهذا يكفي كي ينشأ سعيداً ومعافى.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.