ستبدأ دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس 2024 في 26 يوليو، وستجذب ملايين المشاهدين من جميع أنحاء العالم، وبعيداً عن الإثارة التي توفرها الرياضات الحية، يقدم هذا الحدث العالمي فرصة تعليمية متعددة الأوجه لهذه اللحظات المذهلة التي تتجاوز المسابقات، ومع اقتراب موعد الألعاب الأولمبية بعد أيام قليلة، ومع قساوة الألعاب التي تقوم عليها الأولمبياد، والتي يجد -حتى- الشباب بأساً في تحملها، يطرح على الساحة تساؤل أيضاً حول مدى تأثير هذا المستوى من المنافسة النخبوية على الأطفال، هذا ما يسلط الضوء عليه المتخصصون الرياضيون.
تاريخ عريق من المنافسة يقف وراء الألعاب الأولمبية بدءاً من المتزلج الصيني تشنغ هاوهاو، والسباح السوري رافد المصري، والبطلة المغربية نوال المتوكل التي حفرت اسمها بمداد من ذهب على ساحة ألعاب القوى المحلية والعربية بعد أن أصبحت أول امرأة عربية تحرز ميدالية في الألعاب الأولمبية الصيفية.
وتساؤل كبير يطرح نفسه، هل يمكن للمراهقين وهم في فترة شديدة التقلب، جسدياً وفسيولوجياً وإدراكياً ونفسياً واجتماعياً، أن يتعاملوا بنجاح مع هذه الظروف الرياضية الأولمبية؟ لأجل هذا أجريت أبحاث مكثفة حول الرياضيين الشباب، لكن لا يمكنك توقع ما سيحدث، مع كل طفل؛ إذ لا يحدث ذلك بالطريقة نفسها، وفي الوقت نفسه، والوتيرة نفسها وبالدرجة ذاتها.
رعاية الأطفال
بعد أن كانت الأولمبياد تقتصر على البالغين، لكن على مدى السنوات السبعين الماضية أو نحو ذلك، أصبح الأطفال يشكلون الغالبية العظمى من المشاركين في الرياضات المنظمة في أغلب البلدان.
تتمتع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بقوانين تعترف بالأطفال كفئة محمية من خلال فرض التزامات على المؤسسات المختلفة -مثل الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والعدالة- لضمان سلامة الأطفال ورفاهتهم.
ومن المتوقع أن تقوم المنظمات الرياضية بالواجب القانوني ذاته والمتمثل في رعاية الأطفال، ولكن على عكس المؤسسات الأخرى، لا تخضع المنظمات الرياضية للمساءلة القانونية إذا لم تلتزم بذلك، ربما لغياب القوانين المحددة التي تنظم الرياضة، حيث تتمتع المنظمات الرياضية إلى حد كبير بالحكم الذاتي والاستقلال، وقادرة على العمل مع الحد الأدنى من تدخل أي دولة، لذلك فهناك نقص في الحماية للأطفال الرياضيين في الرياضة، مقارنة بجوانب أخرى من المجتمع.
دراسات تؤكد: نصف ساعة رياضة للطفل.. تساعده على النمو وتجنبه قصر القامة
حماية الأطفال في الرياضة
لقد بدأت تظهر بوادر حماية فئة الأطفال في مجال الرياضة، وهناك جهود تبذل لإدارة ترسيخ وتطبيق وضع "الطبقة المحمية" للأطفال المشاركين في العمل الرياضي من شأنه أن يشكل خطوة كبيرة نحو تحقيق حقوق الأطفال في الرياضة، حتى صدر بيان منظمة العمل الدولية بشأن "العمل اللائق في الرياضة" يعترف بالعاملين الرياضيين الأطفال، ويقدم خريطة طريق لجعل الأطفال فئة محمية في الرياضة، ويوضح البيان الحاجة إلى ما يلي:
- حماية خاصة من الإساءة والإصابات والأمراض الناتجة عن الرياضة.
- صدور قوانين وأنظمة لحماية الأطفال الرياضيين من الاستغلال وضمان حصولهم على التعليم.
- العمل على البرامج والتدريبات التي تتماشى مع المصلحة الفضلى للطفل والمعايير الدولية لحماية الطفل.
- النظر في الشكاوى المتعلقة بالأطفال بجدية أكبر.
- صدور خطوات لرفع حدود السن الأدنى في فئات المنافسة المفتوحة.
- اعتماد قواعد مكافحة المنشطات التي تعامل الرياضيين الأطفال بشكل أقل قسوة من الرياضيين البالغين.
- إبعاد الأطفال عن سيطرة المنظمات الرياضية، وتمكينهم من تلقي الحماية نفسها التي يتمتع بها الأطفال في المؤسسات الأخرى.
كيف تساهم الرياضة في زيادة التركيز عند الطفل؟
ما يمكن لأطفالك أن يتعلموه من الألعاب الأولمبية؟
يمكن للألعاب الأولمبية أن تلهم الأجيال القادمة، وتبني جيلاً واثقاً من نفسه من الأطفال، ويمكنهم إثبات ما يلي في شخصياتهم:
تعزيز الروح الرياضية
تُجسّد الألعاب الأوليمبية الروح الرياضية على نطاق عالمي، إنها درس قوي للأطفال أن يشاهدوا الرياضيين يتنافسون ليس فقط من أجل الفوز، بل وأيضاً للاحتفال بالقيم الأولمبية: التميز والاحترام وتعزيز أهمية الصداقة بين الأطفال، حيث تعزز هذه اللحظات التفاهم المتبادل بين الأطفال فيما يتعلق بالرفقة والتضامن واللعب النظيف، وكلها ضرورية لتطورهم الشخصي إلى أفراد متكاملين.
القدرة على التعاون والعمل الجماعي
توفر الألعاب الأولمبية منصة ممتازة لتثقيف الأطفال حول التعاون والمنافسة الصحية، حيث تعمل الأحداث مثل سباقات التتابع والرياضات الجماعية على تثقيف الأطفال حول أهمية العمل معاً نحو هدف مشترك، وعندما يلاحظون كيف ينجح الفريق، يدركون أن دعم وتشجيع أقرانهم أمر بالغ الأهمية مثل الإنجازات الفردية، ومن خلال العمل الجماعي، يتعلم الأطفال كيفية الجمع بين نقاط قوتهم، والتفاوض على الأفكار، وإنتاج عمل عالي الجودة.
تثبيت الوعي الثقافي
منذ ظهورها في اليونان القديمة، كانت دورة الألعاب الأولمبية ترمز إلى التجمع الثقافي، وباعتبارها حدثاً عالمياً يجمع الناس من كل ركن من أركان العالم تقريباً، فإنها تنقل رسائل إلى جميع البشر، يعزز هذا الحدث الكبير الوعي العالمي للأطفال من خلال إظهار إنسانيتنا المشتركة على الرغم من الاختلافات.
تشكل دعماً للأطفال ثنائيي اللغة
فهي تدعم الذين يتعلمون بالفعل كيفية التنقل بين لغات وثقافات متعددة، حيث سيتم استضافة حفلات مشاهدة للطلاب في جميع مسارات اللغة في معسكر تيسا الصيفي، وعندما يرى الأطفال مجموعة واسعة من الأعلام والملابس وألوان البشرة الفريدة، فإنهم يكتسبون فهماً وتقديراً أعمق للتنوع الغني في العالم، يساهم التقدير والوعي الثقافي بشكل كبير في صورة الطفل الذاتية الإيجابية، ويشجعه على إنشاء شبكة اجتماعية متنوعة أثناء نموه.
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص