التعلُّق بالأم أمر طبيعي يُولد به الطفل للشعور بالأمان؛ الذي يبحث عنه في كل لحظة منذ ولادته، وبمحاولات البكاء إذا فكرتِ في الابتعاد عنه، وبعد أشهر يبدأ بالابتسام ومتابعة حركاتها بعينيه، ما يزيد من التواصل والتعلق بينهما، وبعد فترة يزداد خوف الطفل من الانفصال عن أمه، فنجده ينزعج ويزيد من صراخه بمجرد أن تختفي من أمامه، ما يعوقها عن القيام بمسؤولياتها، وبمرور الوقت يؤدي هذا التعلق الزائد إلى انعزال الطفل وعدم اختلاطه بالعالم الخارجي؛ ليصبح التعلق مرضياً وبحاجة إلى التدخل لمعالجته.
وقبل الوصول لمرحلة التعلُّق الزائد للطفل بأمه، والتي تسمى في علم النفس بالتعلق الاضطرابي للطفل، وعادة ما تظهر علاماته عند البدء في وضعه بغرفة منفصلة، وصولًا لمرحلة دخوله الحضانة أو المدرسة، لهذا عليها- إن لم تكن بدأت من قبل- اتخاذ خطوات العلاج. اللقاء وأستاذة التربية وتعديل السلوك شيماء الصفتي لتحديد حجم المشكلة ومعرفة إذا كان هذا الارتباط طبيعيّاً ويأخذ وقته ويمر، أم أنه دائم، ويأخذ شكلاً مرضيّاً.
أسباب تعلُّق الطفل الزائد بالأم
- الابتعاد المفاجئ للأم عن الطفل بسبب عمل أو سفر أو ظرف ما، ما يسبب له صدمة، تجعله معلقاً بها بعد رؤيته لها.
- الإسراف -من جانب الأم- في الخوف على طفلها، وإظهار القلق عليه بشكل مبالغ فيه.
- التدليل الزائد للطفل، وتنفيذ جميع رغباته وطلباته، أحياناً يكون دافعاً للتعلُّق الزائد للطفل بأمه.
- التلاعب بمشاعر الطفل؛ كالتهديد بتركه أو الابتعاد عنه، إضافة إلى انعدام دور الأب، أو عدم تواصله مع الطفل.
- انعزال الأسرة اجتماعيّاً، وهو ما يُقلل من فرص اختلاط الطفل بالعالم الخارجي، ويجعله يميل إلى الانطوائية.
- تعامل الأب أحياناً بعصبية مع الطفل، يزيد أيضاً من التصاقه بأمه، وخوفه من الابتعاد عنها.
هل تودين الاطلاع على.. طرق مفيدة لتدليل طفلك؟
علامات تدل على تعلُّق طفلكِ الزائد بك
- يلاحقك في كل مكان ولا يقبل الابتعاد عنك، ويريدك أن تبقي بشكل دائم إلى جانبه.
- لا يعتمد على نفسه بأي شيء، ويُريد منك أن تقدمي له كل شيء.
- يُعاني من خوف شديد عندما يشعر بأنك ستتركينه وحده.
- لا يقبل أن ينام وحده، وقد يستيقظ في ساعات الليل ويبكي بحثاً عنك.
- لا يشعر طفلك بالأمان والهدوء إلا إذا أمسك بيدك، وتأكد أنك ستبقين معه.
- تشعرين بأن طفلك يُقيدك ويمنعك من القيام بأنشطة خاصة أو حتى بواجباتك.
تأثير التعلق الزائد على شخصية الطفل
- يُصبح اتكالياً، ضعيف الاستقلالية ولا يمكنه الوثوق بنفسه.
- لا يستطيع اتخاذ القرارات الشخصية حتى البسيطة منها.
- يَشعر دائماً بأنه مرتبط بك ولا يمكنه الاستمرار بعيداً عنك.
- يُحاول تقليد أمه في بعض صفاتها، ولا يُحاول بناء شخصية مستقلة عن الآخرين.
- يَخاف من البقاء وحيداً في المدرسة بين أناس غرباء من معلمين وتلاميذ.
- ينتابه شعور التملك تجاه والديه، فهو لا يرغب باقتراب أحد منهما وربما يشعر بالغيرة من كل منهما على الآخر وحتى من إخوته.
- قد يستمر تعلُّق الطفل الزائد حتى بعد أن يكبر ويصبح بالغاً، ويتجلى ذلك في عدم القدرة على بناء معايير خاصة لعلاقاته العاطفية والاجتماعية.
- لا يستطيع هذا الطفل بناء علاقة متوازنة، دائماً ما يقوم بمحاولة البحث عن شريك مطابق لأحد الوالدين ليكون زوجاً مستقبلياً أو زوجة.
يمكنك التعرف على.. نصائح لحل مشكلة الغيرة عند الأطفال
طرق للعلاج.. على كل أم التمسك بها
- رسم حدود للعلاقة بين الطفل ووالديه وتحديد مسارها وتطورها خلال مراحل عمر الطفل.
- أن تعرف الأم أن مجرد ولادة الطفل، فهذا يعني خطوة في الاستقلال عنها، وعليه أن يقوم ببعض الواجبات بنفسه.
- لكل مرحلة عمرية شكل يحدد العلاقة بينه وبين والدته، ويجب أن تتضاءل العلاقة القائمة على حاجة الطفل المادية للاعتناء به من قِبل أمه مع تقدمه بالعمر.
- على الأم أن تساعد في عملية الفصل المادي بينها وبين طفلها في كل مرحلة؛ حتى لا تعوق تطوره ونمو شخصيته المستقلة.
- أطلقي لطفلك العنان ليختبر عالمه بنفسه، ويكتشف ما حوله بالطريقة التي يعرفها بشكل غريزي كطفل.
- عودي طفلك أن ينام بغرفة مستقلة عندما يصبح بعمر معين، وليس من الخطأ تركه في بعض الأحيان مع إخوته.
- لا يكفي أن تفتحي المجال للطفل ليكتشف العالم على طريقته، بل قومي بمساعدته وتشجيعه على المضي منفرداً دون خوف.
- ساعدي طفلك على بناء عالمه الخاص وتكوين صندوق أسراره، لا تحاولي إيهامه بأنك تعرفين كل شيء.
- لا يستطيع معظم الأهل إدارة علاقتهم بالطفل بالشكل الأفضل، لذلك لا تترددي بطلب المساعدة للوصول إلى العلاج.
- على الأهل عدم إشعار أطفالهم بأن سلوكهم غير طبيعي وتجنب إظهار التوتر أمام الطفل.
نصائح لعلاج مشكلة تعلُّق الطفل بالأم
تعلُّق الطفل بالأم في مرحلة الرضاعة شعور طبيعي، والذي يبلغ ذروته بين 9-18 شهراً، ثم يتحسن تدريجيّاً من عمر 24 شهراً.. أي بعد أشهر وربما سنوات قليلة؛ حالة دخول الطفل للحضانة أو المدرسة، ليظهر حقيقة التعلق؛ هل هو طبيعي وسيمر، أم أنه تعلق مرضي يُشير إلى اضطراب نفسي، وعلى الأم علاجه؟! لهذا يتضمن العلاج عدة خطوات.. تابعيها:
- تعاملي مع طفلك ببعض الحزم، وإن لاحظت أن سبب تعلقه بكِ تدليله الزائد على اللزوم، فلا تلبي له أي مطالب، حالة بكائه أو ادعائه المرض.
- كوني حنونة وحازمة في الوقت نفسه، احتوي طفلك، وعبري له عن حبك له، وشاركيه اهتماماته، وعززي ثقته بنفسه.
- لا تبتعدي عن طفلك فجأة دون أن تخبريه بالسبب، فالغياب المفاجئ يكسر الطفل حينها، ويزيد من تعلقه بكِ بعد ذلك.
- ابتعدي عنه قليلاً خلال النزهات بتركه مع أبيه أو إخوته أو أشقائك أو أقربائك، ليتعود على الانفصال عنكِ تدريجيّاً.
- أشغلي وقته بنشاط مفضل له، حتى تشتتي انتباهه، ولا يحتاج لأن تكوني دوماً بجانبه.
- أشركيه في اللعب مع أطفال في مثل سنه، كأبناء الأقارب، أو حتى أصدقاء الحضانة أو النادي.
- أشعريه دائماً بالأمان، وتعاملي معه دون عصبية أو قسوة، فتربية الطفل على الخوف يزيد من المشكلة.
- تحدثي معه إن كان في عمر يسمح بالحوار، لتعرفي سبب خوفه وقلقه من الابتعاد عنكِ.
- نظِّمي وقتكِ بحيث تقضين معه وقتاً يوميّاً وآخر أسبوعيّاً، والأمر نفسه مع أبيه، حتى يشعر بحرصكما على التواصل معه، وتذكري أن الاحتواء مهم لعلاج هذه المشكلة.
- لا تُظهري قلقك عليه بشكل مبالغ فيه، فكلما ساعدتِه على الاستقلالية، واكتشاف العالم من حوله، تعززت ثقته بنفسه، واستطاع التغلب على مخاوفه.
- تحلَّي ببعض الصبر والحكمة، واتباع قواعد التربية السليمة؛ فكلما اعتمدت على طفلك، وعززت ثقته بنفسه، سيشعر بمدى حبك له.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.