أدب الخيال العلمي: ماهيته وكيف تنبّأ ببعض الاختراعات

صورة خيالية لكتاب تخرج منه نباتات فضائية وتبدو من بعيد سفينة فضائية تنيره
أدب الخيال العلمي يتسم بالخيال مع اعتماده على العلم- المصدر: freepik

أدب الخيال العلمي هو أحد أنواع الفن الأدبي الذي يتسم بالخيال، مع اعتماده على العلم؛ فهو خيالٌ مبني على الحقائق والنظريات والمبادئ العلمية. ولقد لعب دوراً مهماً في تطور العلم واكتشاف قوانين الطبيعة. وقد حاول الكتّاب وأدباء الخيال العلمي استشراف آفاق المستقبل المجهولة وعوالمه الغامضة؛ فإن نظرنا للعديد من مخترعات العصر وعلومه الحديثة مثل: أشعة الليزر، والذكاء الاصطناعي، وغزو الفضاء، وزراعة الأعضاء البشرية واستبدالها، والهندسة الوراثية، والعلاج الجيني والاستنساخ، وغيرها؛ فأغلبها كانت أخيلة تراود أذهان الأدباء والعلماء. بالسياق التالي «سيدتي» التقت الشاعر والكاتب صالح شرف الدين، عضو شعبة الخيال العلمي باتحاد كتاب مصر، في حديث حول أدب الخيال العلمي: ماهيته، وكيف تنبّأ ببعض الاختراعات.

 الخيال لاستشراف العلم

أدب الخيال العلمي يتسم بالخيال مع اعتماده على العلم- المصدر: freepik


يقول الشاعر والكاتب صالح شرف الدين، عضو شعبة الخيال العلمي باتحاد كتاب مصر لـ«سيدتي»: أدب الخيال العلمي هو أحد أنواع الفن الأدبي الذي يتسم بالخيال مع اعتماده على العلم؛ إذ إنه يستخدم أحد أشكال الخيال ليستشرف تأثير العلم على المجتمع أو الأفراد، سواءٌ أكان تأثيراً فعليّاً أم مُتخيَّلاً. وأدب الخيال العلمي قديم، لكنه بزغ في عالمنا العربي خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ولقد أُطلق على أدب الخيال العلمي أدب المستقبل، كما أُطلق عليه العديد من التسميات الأخرى، منها: أدب الأفكار، وأدب التوقع والتنبؤ، وأدب التغيير، والأدب الذي يهتم بحال النوع البشري ومصيره.

لماذا لا يحظى أدب الخيال العلمي باهتمام يُذكر عند العرب؟

يقول الكاتب صالح شرف الدين: لأسباب كثيرة لا يحظى أدب الخيال العلمي باهتمام كبير، منها: كون القراءة لم تعُد الاهتمام الأساسي عند كثير من المتعلمين، إلي جانب عدم توجيه المتعلمين لاستخدام العقل بمنطق وحرية، وعدم تنمية قدرات التخيُّل منذ الصِغر، واعتماد التعليم في أغلبه على الحفظ والاستظهار، إلي جانب عدم احتفال السينما بالنماذج العربية في أدب الخيال العلمي إلا ما ندر، والتقدم الكبير في الخيال العلمي الأجنبي الذي يحظى بأغلب الاهتمام.

وما الذي يميز الخيال العلمي عن الخيال الأدبي؟

يقول صالح شرف الدين: أدب الخيال العلمي مصطلح جامع مانع قوي، يجمع كلّ صفات المعرفة، ويمنع غيره من صنوف الأدب الدخول في تعريفه؛ فهو أدب يلتزم بالأسس الأدبية الصارمة للنص الأدبي وِفق سياق خيالي مبني على الاكتشافات العلميَّة التأمليَّة والتغيّرات البيئيّة وارتياد الفضاء، والحياة على الكواكب الأخرى، ورواية الخيال العلمي. ويلتزم هذا النسق الأدبي بالعناصر الأدبية للرواية، كالزمان والمكان والشخوص والعقدة والحل. وهو يقوم كما ذكرنا آنفاً، في بنيته الأساسية على الخيال؛ أيْ يتناول شيئاً غير موجود في الواقع الملموس، كما أنه علمي أيْ يتناول حقيقة علمية واقعية، مثلاً كانتقال الأجسام من مكان إلى مكان بسرعة الضوء (سرعة الضوء حقيقة علمية، وانتقال الأجسام بسرعة الضوء لم يحدث بعد)، أو انتقال أشخاص من كوكب لآخر باستخدام وسائل انتقال فضائية أو افتراضية (غير موجودة).. إلخ.

هل الخيال العلمي كنوع أدبي يتأثر بمحيطه الثقافي شأنه كشأن أنواع الأدب الأخرى؟

يقول: نعم؛ ففي المجتمعات التي تدرب أبناءها على حرية استخدام العقل، واطلعوا على آخر ما وصل إليه العلم الحديث من مخترعات ومستجدات، يزدهر فيها الخيال العلمي؛ محاولاً إيجاد حلول غير تقليدية ومبتكرة لكثير من مشكلات المجتمع.
قد ترغبين في التعرُّف إلى ما اخترناه لك من المكتبة: 6 روايات خيالية مشوقة

تنبّأ أدب الخيال العلمي ببعض الاختراعات، حدّثنا عن ذلك.

من المعروف أن الأدباء والفلاسفة لديهم مقدرة فذة على قراءة الزمن واستشراف المستقبل برؤاهم الماورائية، وقد تحققت بعض السيناريوهات الأكثر غرابة التي تخيلها كتّاب الأفلام والبرامج التلفزيونية والكتب، وكانت في الواقع مستوحاة من الخيال العلمي. في الواقع، من دون الكتّاب والأدباء وتخيلاتهم، ربما لم تكن التقنيات الرقمية مثل الدردشة المرئية والهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية والطائرات من دون طيار والروبوتات موجودة.
يقول شرف الدين: تنبّأ أدب الخيال العلمي ببطاقات الائتمان والتلفزيون والهبوط على القمر عام 1969. كما ظهرت الأطراف الصناعية والدبابات العسكرية ومضادات الاكتئاب والغواصات من الخيال العلمي أيضاً. حتى مفهوم الإنترنت نشأ في كتاب نُشر قبل أكثر من ثلاثين عاماً بعنوان: "نيورومانسر" للمؤلف ويليام جيبسون، الذي صاغ مصطلح "الفضاء الإلكتروني" وعرّفه (بشكل استشرافي تماماً) بأنه "هلوسة توافقية"، وهذا الكاتب تمت الإشادة به باعتباره نوستراداموس العصر الحديث؛ فقد تنبّأ ببرامج تلفزيون الواقع وتكنولوجيا النانو، من بين عجائب أخرى.

وكيف ترى إشكالية استخدام الأسماء الأجنبية في الروايات الخيالية العربية، وهل يرجع ذلك لتقدُّم الغرب؟

الشاعر والناقد الأدبي صالح شرف الدين عضو شعبة الخيال العلمي باتحاد كتاب مصر- الصورة مرسلة من قِبل الشاعر لـ«سيدتي»


يقول صالح شرف الدين: أراها أمراً غير مستحب، وغير أدبي؛ لأن الأدب تعبّر عنه اللغة، واللغة العربية يمكنها استيعاب كلّ الجديد من مفردات العلوم والفنون والآداب. وعندما نجد ذلك، نسأل الكاتب: هل وجدت رواية أجنبية تستخدم ألفاظاً عربية من دون داع؟ ولا يرجع ذلك لتقدُّم الغرب فقط، ولكن لضحالة الثقافة العربية عند بعض الكتاب.

ما أوجه التشابه بين روايات الخيال العلمي والفانتازيا؟

يقول صالح شرف الدين: لقد كان الخيال العلمي، ومازال، محلّ نقاش؛ فكثيراً ما يقع الخلط بينه وبين الـفانتازيا، إلى درجة أنّ بعض النقّاد صنّفوهما في نفس النمط الأدبي، وهذا أدّى إلى سوء فهم. والتشابه بينهما أنهما يتناولان شيئاً غير موجود في الواقع الملموس، ولكن في الخيال العلمي يكون هذا الخيال خيالاً يمكن أن يتحقق في المستقبل، بينما الفانتازيا لا تلتزم بهذا المعيار، هي فقط تتناول ما فوق مدركات العقل.

وهل تجد ثورة المعلوماتية التي نعيش في آتونها قد شجّعت على هذا النوع من الأدب الروائي والقصصي؟

يقول صالح شرف الدين: بالطبع؛ فقد أطلقوا على هذا العصر عصر الرواية، وأجد هناك زخماً روائياً تقليدياً مرتبطاً بتيار وعي متدفق يَزيد ويفيض وِفق آليات فكرية: غرائبية وعجائبية، وواقعية سحرية، وخيال علمي، لا محدودة تعانق الأفق.
ويمكنكِ من السياق التالي التعرُّف إلى: أفضل روايات أكشن تنقلك إلى عالم المغامرات